“سيتي غروب” يتحدى السوق… هل يطيح الذهب تحت 3000 دولار؟
(النهار)-19/06/2025
رغم التوقعات المتشائمة التي أطلقها بنك “سيتي غروب” بانخفاض أسعار الذهب إلى ما دون 3,000 دولار للأونصة بعد الربع الثالث من عام 2025، فإن العديد من المؤشرات الاقتصادية والسياسية تجعل هذا السيناريو محل شك وتحليل أعمق.
“سيتي غروب”: الذهب سيتراجع بعد الربع الثالث
يرى البنك أن ضعف الطلب على الذهب، إلى جانب مؤشرات تعافي الاقتصاد العالمي وانتقال المستثمرين من الملاذات الآمنة إلى الأصول العالية المخاطر، قد يدفع بأسعار الذهب إلى الهبوط دون 3,000 دولار. يستند هذا الرأي إلى توقعات بتحسن النمو العالمي وتراجع حدة الأزمات الجيوسياسية.
الواقع الجيوسياسي يناقض هذا السيناريو
لكن، في ظل الأوضاع المتوترة عالميًا، وخصوصًا تصاعد وتيرة الحرب في الشرق الأوسط واستمرار التوترات بين القوى الكبرى، يصعب من الناحية الواقعية أن تنخفض أسعار الذهب بهذا الشكل. فالمعطيات الحالية تدعم بقاء الذهب كأحد أقوى الملاذات الآمنة، خصوصاً في حال:
-توسع رقعة النزاعات العسكرية.
– اضطرابات في سلاسل الإمداد.
– مخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في ركود.
ماذا تقول البنوك الأخرى؟
في تناقض واضح مع توقعات “سيتي غروب”، تشير بنوك كبرى أخرى إلى سيناريوهات مختلفة:
“غولدمان ساكس”: يتوقع أن يراوح الذهب بين 3,600 – 3,800 دولار.
“UBS”: يرى أن السعر سيبقى في نطاق 3,300 – 3,500 دولار.
هذا التباين يعكس حجم الغموض الذي يسيطر على الأسواق، ويؤكد أن توقعات الهبوط الحاد ليست بالضرورة مرجّحة.
ماذا لو تراجع الذهب فعلًا دون 3,000 دولار؟
في حال تحقق هذا السيناريو، فإن الهبوط سيكون على الأرجح نتيجة ما يُعرف في الأسواق بـ “حركة تصفية” (liquidation)، أي تراجع سريع وموقت بسبب ضغوط سيولة أو مضاربات، وليس انعكاسًا لأساسيات السوق.
ويُستشهد هنا بتجربة عام 2022، حينما شهد الذهب قفزة فورية بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، لكنه سرعان ما فقد 440 دولارًا من قيمته في الأسابيع التالية، قبل أن يستعيد عافيته لاحقًا.
الاتجاه المرجّح: حركة عرضية
في ظل الظروف الحالية، من المرجح أن يستقر الذهب ضمن نطاق تداول بين 3,100 و3,500 دولار، مدعومًا بعوامل عدة:
– استمرار التوترات الجيوسياسية.
-سياسات نقدية تيسيرية محتملة من الفيدرالي الأميركي.
-طلب مستمر من البنوك المركزية والمستثمرين المؤسسيين.
في المحصّلة، بينما لا يمكن استبعاد أي سيناريو في الأسواق المالية، فإن التوقع بانخفاض الذهب إلى ما دون 3,000 دولار يبدو بعيدًا من الواقع الحالي. الذهب سيبقى في المدى المنظور مرآة للقلق العالمي، وليس مؤشّرًا على التحسن الاقتصادي وحده. لذا، فإن ترقّب التقلّبات وتوزيع الاستثمارات بذكاء هو الخيار الأذكى في المرحلة المقبلة.