دعوة للحذر من انهيار قادم في الأسواق العالمية
(البيان)-09/10/2025
هناك الكثير من السلبيات الواضحة في الأسواق، يعني ذلك أنه ربما حان الوقت للاستعداد لانهيار في الأسواق، خلال هذه الأشهر الأخيرة من العام، فمن الولايات المتحدة إلى فرنسا، وصولاً إلى اليابان، يشعر مديرو الصناديق بقلق متزايد إزاء كل شيء من استدامة الدين إلى الحماس المفرط في الأسواق المحفوفة بالمخاطر.
ومع ذلك لا يزال السيناريو كما هو منذ صدمة الرسوم الجمركية الأمريكية في أبريل: أسهم مزدهرة، وسندات عالية الأداء للشركات، وتدفقات مالية طائلة على الأسواق الخاصة، وكل ذلك مدعوم بإيمان قوي بقدرة انكماش الأسعار على الاستمرار في الضغط نحو مزيد من الخفض لأسعار الفائدة الأمريكية.
ويتزايد كذلك الشعور السائد بأنه «إذا لم تستطع التغلب عليهم فانضم إليهم» حتى إنه بدا يجذب المستثمرين الحذرين للانضمام إلى هذه الموجة.
ويقول مايك ريدل، مدير محفظة في فيديليتي إنترناشونال في لندن: «يسأل العملاء: هل الأمور في حالة فقاعة؟» نعم، تبدو الأمور سطحية، لكن ربما لدينا عامان آخران مع هذا الوضع.
من الصعب حقاً الإجابة عن سؤال: متى سيتوقف هذا الجنون؟».
المفارقة أنه ليس من الصعب بالمرة تحديد المخاطر، ولن يُفاجأ أحد برؤيتها تتبلور من أحد ثلاثة مجالات رئيسية، ولعل أولها وأوضحها هو دورة ضجيج الذكاء الاصطناعي.
لقد بات إنفاق الشركات على الذكاء الاصطناعي يشكل عبئاً كبيراً في الوقت الحالي – في الأسواق العامة والخاصة على حد سواء – كما أنه يمثل جزءاً كبيراً «مقلقاً» من النمو الاقتصادي الأمريكي.
ويرد البعض بأنه لولا ذلك لكانت البلاد قد دخلت بالفعل في حالة ركود. ويتساءل المستثمرون الآن علانية عما إذا كان هذا يُشكل فقاعة، حتى إن جيف بيزوس، مؤسس أمازون، قال يكل جدية، إنها كذلك، لكنها فقاعة «جيدة»، ومن الأفضل له أن يتذكر أن الانفجار سيحدث في النهاية.
والثاني هو الضيق الذي لا يمكن تحمله لفروق أسعار الفائدة الائتمانية، فمع ارتفاع أسعار الأسهم – وصعود مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي بنسبة 15% حتى الآن هذا العام، ونحو 40% منذ أواخر أبريل – تلاشى تقريباً الهامش الإضافي، الذي اعتاد المستثمرون الحصول عليه عند شراء سندات الشركات بدلاً من السندات الحكومية، وقد برز ارتفاع بتفاؤل المستثمرين تجاه هذه الفئة من الأصول في الأشهر الأخيرة، على حسب ما قال بنك أوف أمريكا، ما يعني أن «مخاطر التصحيح آخذة في الارتفاع».
ولم يعد هناك مجال للخطأ حقاً، وهو ما يجعل المشاكل الأخيرة المتعلقة بأسواق الديون الخاصة أكثر إثارة للقلق، لكن المشكلة الكبرى هي التدهور المستمر للمؤسسات الأمريكية، وكسر كل الأعراف السياسية، فالولايات المتحدة غنية جداً ومركزية في التمويل العالمي، لدرجة لا يمكن معها اعتبارها سوقاً ناشئة، لكنها بالتأكيد تتصرف على هذا النحو، حتى ولو لم يكتمل بعد استحواذ «ماغا» الكامل على الاحتياطي الفيدرالي.
في الوقت الحالي تُعطي الأسواق الولايات المتحدة فرصة مرجحة – بسبب مزيج من الامتياز المُفرط الذي تتمتع به البلاد نتيجة لوضعها كونها عملة احتياطية مهيمنة، وتقييم بأن سوق العمل يبقى متذبذباً رغم كل شيء، لكن الاحتياطي الفيدرالي ربما يحتاج إلى خفض أسعار الفائدة على أي حال.
وهذا جيد إلى حد ما، لكن الخطر الأكبر يكمن في عودة التضخم، وهو ما بدأ يظهر بالفعل في أسعار المستهلك الأمريكي.
وأي شيء يمنع البنك المركزي من خفض أسعار الفائدة سيوقف هذا التفاؤل، لأنه سيجبر أسعار السندات على الانخفاض وتكاليف الاقتراض على الارتفاع، ومع حجب البيانات الرسمية عن الاقتصاد في ظل إغلاق الحكومة الأمريكية فإننا نسير في مسار متعمد إلى حد كبير.
وعلى الهامش يراقب مديرو الأموال سندات الحكومة البريطانية عن كثب خاصة في الفترة، التي تسبق ميزانية البلاد الشهر المقبل، كذلك فإن سندات الحكومة اليابانية انخفضت بشدة هذا العام، وسط مخاوف من أن رئيسة الوزراء الجديدة المنتظرة، ساناي تاكايتشي، قد تدفع بنك اليابان بعيداً عن رفع أسعار الفائدة المتوقع.
ورغم أن هذه الأسواق تفتقر تماماً إلى ثقل سندات الخزانة الأمريكية، إلا أنها قد تكون محفزاً على إعادة التفكير بشكل صحيح فيما إذا كانت السندات تدفع للمستثمرين تعويضاً كافياً عن المخاطرة.
ويظل كل هذا مجرد إغراء لـ«البؤساء»، بينما يستمتع المستثمرون الأكثر تفاؤلاً بالاحتفال.
وكتب إيمانويل كاو وزملاؤه ببنك باركليز في مذكرة حديثة للعملاء: «الخوف من تفويت الفرصة في أوجه»، لذلك يواصل المستثمرون الأفراد من غير المحترفين تعبئة أحذيتهم المركونة بالأسهم الأمريكية، وتستمر الأموال في التدفق إلى صناديق الاستثمار المشتركة بأسرع وتيرة منذ ذروة تداول «الاستثنائية الأمريكية» في نوفمبر من العام الماضي، فيما لا تزال أنواع مختلفة من صناديق التحوط تفوت كل المتعة، تاركة قاعدة كبيرة أخرى من المشترين بمنأى عن حمى «الخوف من فوات الفرصة».
عموماً نحن نسير على أبخرة دورة سوق راكدة بعد نفاد الوقود، حسبما يشير المشككون، وربما يكون الأمر كذلك، لكن من المذهل إلى أي مدى يمكن أن تقودنا هذه الأبخرة!