(النهار)-17/12/2024
كشف تقرير جديد من شركة Alteryx أن 82% من قادة الأعمال في الإمارات يرون أن الذكاء الاصطناعي يُحدث تحولًا في قدرات المؤسسات، بينما يطالب 87% من هؤلاء القادة بضرورة وضع تنظيمات خاصة بالقطاعات المختلفة مع تزايد المخاوف الأخلاقية. ومع تغيُّر متطلبات المهارات بفعل الذكاء الاصطناعي، تحتاج الشركات إلى التركيز على الابتكار والتنظيم لضمان النجاح في العصر الرقمي.
وفقًا لدراسة “تعريف مؤسسة المستقبل” التي أعدتها شركة Alteryx وشملت 2800 من صانعي القرار في تكنولوجيا المعلومات والأعمال حول العالم، أكّد 59% من قادة الأعمال في الإمارات أنهم يخططون لزيادة استثماراتهم في التكنولوجيا المتقدمة، فيما أشار 45% إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل جزءاً رئيسياً من استجابتهم لبيئة السوق المتغيرة. وتوقعت الدراسة أن الذكاء الاصطناعي سيصبح مكوناً رئيسياً في جميع القطاعات والوظائف، حيث أعرب 49% من المشاركين عن اعتقادهم بأن استخدام الذكاء الاصطناعي سيكون واسع النطاق.
الأخلاقيات والتنظيم في عصر الذكاء الاصطناعي
مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي، تبرز تحديات أخلاقية تتعلق بخصوصية البيانات، الشفافية، وحوكمة البيانات. وقد دعا 87% من قادة الأعمال في الإمارات إلى تطوير معايير وقوانين تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، داخل قطاعاتهم. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات يجب التعامل معها لضمان الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي مع تقليل المخاطر.
صرَّح كارل كروذر، نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في Alteryx:”لا حل واحداً يضمن النجاح، لكن البحث يبرز خطوات أساسية يجب على قادة الأعمال في الإمارات التركيز عليها لبناء مؤسسة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي. التنظيم سيؤدي دوراً رئيسياً في التنفيذ الناجح للذكاء الاصطناعي، وسيكون بأهمية الابتكار نفسها بالنسبة للقادة”.
وأضاف: “يتطلب وضع الأسس للذكاء الاصطناعي التوليدي نهجاً شاملاً قائماً على اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات، ما يمكّن جميع أفراد القوى العاملة من الاستفادة من التقنية استفادة آمنة ومضمونة. التحليلات الذاتية والخدمات الآلية تمثل القوة الدافعة التي ستُمكن القوى العاملة من الانضمام إلى قافلة الذكاء الاصطناعي بثقة، وتساعد الشركات على المضي قدماً في رحلتها نحو تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي بأمان”.
الإمارات تقود ثورة الذكاء الاصطناعي: رحلة نحو اقتصاد المعرفة
تُرسخ دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها كرائدة إقليمية في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، محولةً بنيتها الاقتصادية نحو نموذج يقوده الابتكار والمعرفة. وفي السياق، وخلال مقابلة مع “النهار”، أوضح الدكتور جلال القناص، أستاذ الاقتصاد بجامعة قطر، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مُحرّكاً رئيسياً للنمو الاقتصادي، حيث من المُتوقع أن يُضيف حوالي 13.6% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بحلول عام 2030، أي ما يُعادل 96 مليار دولار.
وأضاف الدكتور القناص: “تعكس هذه الأرقام حجم الدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في تعزيز النمو الاقتصادي. وقد اعتمدت الإمارات استراتيجيات طموحة، أبرزها “استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031″، التي تهدف إلى تحسين الكفاءة التشغيلية، وتطوير صناعات مُبتكرة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة”.
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل القطاعات الرئيسية
الرعاية الصحية: تُعدّ تقنيات الذكاء الاصطناعي أداة أساسية لتحسين كفاءة النظام الصحي، حيث تُساعد في رفع دقة التشخيص بنسبة 20%-30% عبر تحليل الصور الطبية، وتُقلل من أوقات انتظار المرضى بنسبة تصل إلى 40% من خلال تطبيقات الجدولة الذكية.
• النقل: يُتوقع أن تُحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي ثورة في قطاع النقل من خلال تخفيض وقت التنقل بنسبة 25% بفضل أنظمة إدارة المرور الذكية، وتعزيز السلامة عبر المركبات الذاتية القيادة التي يمكن أن تُخفض نسبة الحوادث بما يصل إلى 90%.
وأشار الدكتور القناص إلى أن هذه التطورات لا تقتصر على تحسين الكفاءة، بل تشمل أيضاً تعزيز سلامة الأفراد وحياتهم، مؤكداً أن القطاعات الأخرى مثل التعليم والتجارة تستفيد أيضاً استفادةً كبيرة من التحول الرقمي.
التحديات والفرص
وعلى الرغم من الفوائد الكبيرة للتحول نحو الذكاء الاصطناعي، حذّر الدكتور القناص من أن بعض القطاعات تُواجه تحديات جراء تطبيق هذه التقنيات. وأوضح: “في قطاع التصنيع، يُتوقع أن يؤدي الاعتماد المُتزايد على الروبوتات إلى فقدان بعض الوظائف التقليدية بنسبة تصل إلى 30%-40%، ما يُبرز الحاجة إلى إعادة تأهيل القوى العاملة لتواكب التحول التكنولوجي”.
ركيزة التنافسية الاقتصادية
يُمثل الاستثمار في الذكاء الاصطناعي عاملاً محورياً في تعزيز التنافسية الاقتصادية لدولة الإمارات. فعلى سبيل المثال، ساعدت الاستثمارات في هذا المجال على زيادة إنتاجية الشركات بنسبة تصل إلى 15%، وجذبت الإمارات استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تجاوزت 2.15 مليار دولار خلال عام 2023 فقط.
وأكد الدكتور القناص: “الإمارات تُرسي أسس النجاح في تطبيق الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير التعليم والتدريب. فهي تستثمر في تدريب أكثر من 100,000 متخصص في تقنيات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، لضمان توفير الكفاءات المطلوبة لسوق العمل”.
متطلبات المهارات في المستقبل
أظهرت الدراسة أن المؤسسات تتجه نحو الابتعاد عن توظيف الأشخاص ذوي المهارات المتخصصة للغاية إلى أولئك الذين يمكنهم المساهمة في مجموعة متنوعة من المجالات الوظيفية. وأكد الدكتور القناص أهمية المهارات الناعمة مثل الإلمام الرقمي، قيادة الفرق، والتفكير النقدي، بجانب المهارات التقنية مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
تساعد الأدوات الصحيحة للذكاء الاصطناعي هؤلاء الموظفين على إدارة الكميات المتزايدة والمتنوعة من البيانات واكتساب ميزة تنافسية تحتاجها مؤسساتهم.
في ظل هذا التحول، يبرز الابتكار والتنظيم كركيزتين أساسيتين للمؤسسات في الإمارات لضمان تحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. مع رؤية واضحة وسياسات مُتقدمة، تواصل الإمارات مسيرتها نحو أن تُصبح مركزاً عالمياً للابتكار التكنولوجي.