(العربية)-16/12/2024
قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية الدكتور محمود محيي الدين، إن المقارنة بين البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد تكون مفيدة، حيث إن الأول ليس له إلا هدف وحيد وهو السيطرة على التضخم أما “الفيدرالي” فيتستهدف النمو ومحاربة التضخم أيضا.
وأشار في مقابلة مع “العربية Business” إلى ما ذكرته رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد من أن هناك حدودا في النهاية لفاعلية السياسة النقدية بإبقائها بشكل مقيد للسيطرة على معدل التضخم فحتى إذا ما كان البنك المركزي الأوروبي معنيا فقط بهذا الموضوع فإن هناك حدودا لفاعلية استمرار ارتفاع أسعار الفائدة.
وأضاف أنه كان من المعلوم أيضا وجود اتجاه داخل مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي لمزيد من التخفيض عن 25 نقطة أساس لتصل 50 نقطة ولكنهم توافقوا على 25 نقطة مع إشارة لمزيد من التخفيض مراعاة لأمرين، الأول صحيح أن التضخم هو الهدف الأول ولكن يأتي في الإطار الاقتصادي العام مثلما حدث للاقتصاد الفرنسي من تخفيض لتقييمه أيضا الاقتصاد الألماني ما زال يحتاج إلى مزيد من الدفع وباقي الاقتصادات الأوروبية معدل نموها المتوقع وفقا لما صدر عن البنك المركزي الأوروبي نفسه تم تخفيضه من 1.3 إلى 1.1% للعام المقبل 2025 وبتخفضات أخرى في التوقعات للعامين التاليين.
وتابع محيي الدين “يوجد عنصر آخر شديد الأهمية وهو ما يمكن أن يأتي من الجانب الأميركي كشريك تجاري أكبر للاتحاد الأوروبي مع احتمالات كبيرة جداً للتخفيض في سعر الفائدة الفيدرالية في يوم 18 ديسمبر كما أن كل قرار البنك المركزي الأوروبي الأخير بخفض الفائدة، كما صرحت لاغارد لم يدخل بعد في اعتباره احتمالات لرفع التعريفة الجمركية على الواردات الأوروبية لأميركا وبالتالي هناك عدة أمور جعلت هذا القرار بالتخفيض هو القرار الملائم في ظل هذه التغيرات في الإطار الأوروبي وأيضا فيما يمكن أن انتظاره من البنك الفيدرالي في خلال اليومين المقبلين.
انسجام الفيدرالي مع الأسواق
وذكر محيي الدين أن الفيدرالي الأميركي استعاد انسجامه مع الأسواق وتوقعاتها بعد فترة طويلة من التشتت في الإشارات وبالتالي ما حظي به مؤخراً البنك الفيدرالي من أن توقعات السوق بيتم ترجمتها لأنها واضحة تسير في الاتجاه العام وفقاً للهدف المعلن للسيطرة على التضخم عند حدود 2% مع أيضاً وضع الاعتبار لمعدلات النمو الاقتصادي الأميركي التي شهدت تعافياً وإشارات أيضاً بأنه قد خرج من مخاوف الركود.
و”بالتالي القرار الذي تتوقعه الأسواق من ناحية والخبراء من ناحية أخرى وأميل إلى ذلك أن يكون التخفيض هو الاحتمال الأكبر بعد ذلك سيكون هناك تجديد للاختبار الذي أعتقد البنك الفيدرالي سوف ينجح فيه لموضوع استقلاله في اتخاذ القرار باعتبار أنه مسؤول دستوريا وقانونا عن إجراءات السياسة النقدية وأتصور أنه سيستمر في هذا المسار.
تأثير الفائدة الأميركية
وقال إن التأثير الكبير لتغيرات سعر الفائدة في الولايات المتحدة يتركز على خمسة أمور : الأول بالنسبة لبطاقات الائتمان، و الثاني بالنسبة للتمويل العقاري، والثالث قروض السيارات، والرابع قروض التعليم، والخامس بالنسبة للمدخرات، و كل المؤشرات للأسواق الخمسة الأسرع تأثيراً بتغيرات أسعار الفائدة بالفعل وظّفَت توقعاتها على هذا التخفيض المحتمل.
وأضاف “العالم ينتظر ما سيأتي به الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عندما يتولى السلطة ، وأتصور أن هناك أمر مهم جداً أنه رغم التلويح باستخدام سلاح التعريفة الجمركية ضد الشركاء والغرماء التجاريين، والأمور الأخرى التقييدية من أجل إنعاش الاقتصاد الأميركي بشكل أكبر كل هذه الأمور سوف تكون محل اختبار باعتبار أساسي”.
التضخم ومستوى المعيشة
وقال إن البنوك المركزية بما في ذلك البنك الفيدرالي تتقبل التهاني الآن أنها خفضت التضخم ولكن الارتفاع في مستوى المعيشة ما زال أقل من المستوى وهناك توقعات بأنه يجب على الاقتصاد بالتعاون ما بين البنك المركزي وأيضا مع الحكومة أن يتعاملوا معا حتى يتحسن مستوى المعيشة وبالتالي تظهر الحاجة إلى قدر من التنسيق الأعلى بين السياسة النقدية من ناحية والسياسة المالية العامة”.
“لا أعتقد أن كل ما صرح به أثناء الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب من زيادة في التعريفة الجمركية سوف يتحقق على النحو الذي أعلن لأنه سوف تكون آثار تضخمية سيشعر بها المستهلك الأميركي بينما في ذلك التعريفة الجمركية المفترض أنها توجه للأوروبيين وحتى للصينيين” وفق محيي الدين.
وقال إن دعوة ترامب للرئيس الصيني شي جين بينغ على حفل تنصيبه بالولايات المتحدة يأتي متسقا مع ما وجدناها من قبل من سياسة الرئيس ترامب أنه في نفس الوقت الذي تكون هناك فيه بعض الإشارات السلبية قد تحدث بعض المفاجآت الإيجابية، و باعتباري منتمي للأمم المتحدة محب للسلام والتعاون أتمنى أن تكون هذه إشارة لبداية من بدايات التعاون بين الاقتصادين الأكبر.
البحث عن بدائل للدولار
وأضاف محيي الدين أن الناس ليست في حاجة لترهيب حتى تستخدم الدولار و رغم البحث عن البديل لفترة طويلة إلا أن جموع المتعاملين مع الدولار ما زالوا مقبلين عليه لأسباب أولها أولا ما قاله الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بأن الناس اعتادت على الدولار لفترة رغم مشاكله الأمر الثاني أن البديل غير جاهز وهذا كلام أهم من الاقتصاديين المتابعين لهذا الموضوع أن المصداقية النسبية للعملة ما زال الدولار مستحوذا عليها، الأمر الآخر وهو ما أكدته وزيرة الخزانة الأميركية الحالية جانيت يلين بأنه ما الأسواق العميقة والقدرة على التعامل في إطار حماية الحقوق ما زالت في صف الدولار الأميركي.
وذكر أن الأسباب السابقة لن تقلل أبدا من إمكانية البحث المستمر عن البديل للدولار عبر التبادل بعملات محلية بين البلدان وبعضها البعض أو باستخدام الذهب وهناك بعض الاتجاهات لعملات أو أصول مشفرة أو غير ذلك ولكن هذا الأمر لن يأتي بقرار ولكن يكمه مدى تجاوب السوق وتغيرات الاقتصاد كما حدث تاريخيا حيث كانت العملة الهولندية “الغيلدر” هي العملة الدولية الأولى ثم اختفت وحل محلها الاسترليني ثم تراجع و حل الدولار وهذا التطور يأخذ وقته.