شروط إعادة إعمار سوريا
(الديار)-02/06/2025
*د. فؤاد زمكحل
مشروع إعادة إعمار سوريا أُعيد تحت الأنظار والتداول الجدّي، بعد انتظار دام أكثر من 14 عاماً. ها نحن أمام هذا المشروع الضخم، الجذّاب والمعقّد في الوقت عينه. فما هي الشروط الأساسية لانطلاق هذه الورشة “التيتانيكية”؟
إنّ اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس السوري أحمد الشرع، أعاد خلط الأوراق. إذ طوى صفحة التكهّنات وعلامات الإستفهام حول حرب أهلية أو تقسيم، وفَتح صفحة إعادة الإعمار والاستثمار والهيكلة، المشروطة كالتالي:
الشرط الأول والأساسي، يتعلّق بفرض هيمنة الدولة المركزية على كل الأراضي السورية والحدود، وقف إطلاق النار، سحب السلاح غير الشرعي، تفكيك كل المجموعات والخلايا العسكرية غير النظامية، ضَمّ جزء كبير من المحاربين إلى الجيش النظامي، وفرض الأمن والاستقرار على كل الأراضي من دون استثناء.
الشرط الثاني، يتعلق بالاتفاق الدولي والإقليمي بين الدول العظمى والفاعلة في المنطقة، بما فيها الولايات المتحدة، الاتحاد الروسي، الاتحاد الأوروبي، تركيا، المملكة العربية السعودية، قطر والإمارات، للتفاوض والاتفاق والاستقرار المستدام وإعادة البناء وتمويله، بالتوازي مع خطة تنفيذ وملاحقة مستمرة ودقيقة.
أمّا الشرط الثالث، فيتعلّق برفع العقوبات التدريجية عن سوريا، التي تتعلّق مباشرة بمشروع إعادة الهيكلة الداخلية وإعادة بناء مؤسسات الدولة، خصوصاً المرتبطة بالعدل والعدالة والقضاء، والإلتزام بكل المعايير الدولية، لمكافحة الفساد، تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها.
ويتعلّق الشرط الرابع مباشرة ببناء قطاع خاص متين وشفاف، والحَدّ من الاقتصاد الموازي وصناعة وتجارة وترويج المخدّرات والكبتاغون، والتدقيق الشفّاف في كل المساعدات والمشاريع الإنمائية والاستثمارية، التي ستُبصِر النور قريباً.
في المحصّلة، بدأت صناديق الدعم التمويلية الدولية، في مقدّمها البنك وصندوق النقد الدوليان والبلدان المانحة، تحضّر الأرضية لبدء المشروع المنتظر لإعادة الإعمار، وأيضاً إعادة إعمار الدولة أولاً. إنّ الدعم الدولي يتهيّأ أيضاً من الجهة السياسية والأمنية والتمويلية، فكل الأنظار الآن مركّزة على النظام الجديد، إذ سيستطيع أن يُنفّذ الشروط المرجوة، وخصوصاً فرض هيمنة الدولة المركزية على كل الأراضي بدقة وحذر.
علينا كلبنانيِّين أن نتحضّر لهذه المرحلة الجديدة، وأن نتمركز في الصفوف الأمامية للاستفادة المباشرة وغير المباشرة من هذا المشروع الضخم. لذا، علينا بناء قطاعنا المصرفي كأولوية قصوى، لتمرّ بعض الأموال والتمويل عبره، وعلى قطاعنا الصناعي التحضير لتزويد السوق السورية بمنتجاتنا.
أمّا القطاع الزراعي، فعليه إعادة الإنماء أيضاً، ليس فقط للسوق السورية لكن أيضاً لكل الأسواق العربية بعد إعادة فتح كل الطرق والمعابر.
لكن علينا ألّا ننسى ونتناسى بأنّ لبنان واللبنانيِّين لن يكونوا الوحيدين على الساحة، وسيكون تنافساً شرساً مع الأردن وتركيا وغيرها من البلدان، المهتمة وينظرون إلى هذه السوق تحت المجهر.
فلا شك في أنّ مشروع إعادة إعمار سوريا سيكون جذاباً ومعقّداً، وعلينا أن نتهيّأ كَي لا نرى القطاع يمرّ أمامنا، وألّا نُضيّع فرصة ذهبية جديدة.