(الشرق)-11/09/2024
افتتح سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي أمس، المؤتمر المصرفي العربي لعام 2024، الذي سيختتم اليوم هنا بالدوحة، وبتنظيم من اتحاد المصارف العربية تحت عنوان “متطلبات التنمية المستدامة ودور المصارف”، بمشاركة العديد من المصارف العربية، وغيرها من الشخصيات المسؤولة والصانعة للقرار ضمن القطاع المصرفي.
– أهمية المؤتمر
وخلال كلمته الافتتاحية أكد سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي على أهمية عقد هذا المؤتمر لمناقشة قضايا التنمية المستدامة كونها تمثل بوابة لتشكيل مستقبل عالمنا، مشيرا إلى ما حققه المجتمع العالمي من نقلة نوعية في ظل تطور العلوم وتقدم التكنولوجيا وما يشهده العالم من ثورة صناعية وتطور غير مسبوق في الخدمات الصحية، والذي انعكس على جودة حياة الإنسان، حيث تضاعف نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من عشرة أضعاف على امتداد المائتي عام الماضية، موضحا أنه وبالرغم من هذا التطور فإنه لا يمكن إنكار حقيقة أن هذا النمو أدى إلى حدوث تغييرات مناخية ملموسة في حياتنا اليومية، قائلا “ففي الوقت الذي يواصل فيه العالم بذل الجهود من أجل إحراز تقدم ملموس في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030م، لا تزال توجد بعض التحديات التي قد تبطئ من الوصول إلى الأهداف المرجوة، وتحد من مسيرة نمو الاقتصاد العالمي”.
وتابع محافظ مصرف قطر المركزي أن العالم مطالب بإيجاد توازن بين النمو الاقتصادي من جهة والاستدامة من جهة ثانية كونهما يشكلان طرفي المعادلة، الأمر الذي يدعو إلى التصرف بمسؤولية، عبر توفير آليات تنفيذية لتحقيق التوازن واستغلال التكنولوجيا الحديثة في تخفيف الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى تشجيع تمويل المشاريع المستدامة، منوها بالدور الحاسم الذي لعبته البنوك في تمويل الاقتصاد، وبقدرتها على دعم التنمية من خلال توجيه الموارد اللازمة للمبادرات التنموية، مضيفا “وكما كان للبنوك دور حاسم في تمويل الاقتصاد، فإنها قادرة على المساهمة في تعزيز الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على المدى الطويل، عبر توجيه الموارد اللازمة للمبادرات التي تحقق الجدوى الاقتصادية وتؤثر إيجابيا على التنمية”.
وأشار سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني إلى إمكانية استغلال الفرص الممكنة للنمو من خلال تقديم منتجات مالية مستدامة كالسندات الخضراء، والاستفادة من التكنولوجيا المالية لتحقيق أهداف الاستدامة الأوسع نطاقا، مبينا أنه على البنوك بصفتها شريكا في التنمية توفير يد العون وتبني الممارسات التي تتماشى مع متطلبات النمو والتنمية المستدامة، ومراعاة التأثير المحتمل للعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة في أطر تقييم رأس المال والسيولة الداخلية.
– تحديات الاستدامة
وحول التحديات التي قد تواجه تحقيق أهداف الاستدامة، أوضح سعادته أنها تتمحور حول مدى توفر البيانات ذات الجودة العالية، وتطور الأطر المناسبة لتحقيق الأهداف، ومدى دعم أصحاب المصلحة، مؤكدا أن الجهات الرقابية، تقع عليها مسؤولية توفير البيئة المواتية لدعم التحول نحو اقتصاد مستدام، منوها في ذات الإطار إلى الأشواط المتقدمة التي قطعتها دولة قطر في هذا المجال وذلك تماشيا مع التزامها بتعزيز الحوكمة البيئية والاجتماعية والاستدامة في القطاع المالي، حيث أطلق مصرف قطر المركزي مؤخرا “إستراتيجية ومبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والاستدامة للقطاع المالي”، والتي تستند إلى ثلاث ركائز، حيث تهتم الأولى بإدارة المخاطر المناخية والبيئية والاجتماعية في القطاع المالي، وتشجع الركيزة الثانية على الاستثمارات الرأسمالية في التمويل المستدام، وتهدف الركيزة الثالثة إلى دمج ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والاستدامة في العمليات الداخلية لمصرف قطر المركزي، خاتما كلمته بالدعوة إلى العمل الجماعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تظل هدفا راسخا ومشتركا من أجل مستقبل أكثر مرونة وازدهارا.
– جهود قطرية
من جانبه شكر رئيس اتحاد المصارف العربية محمد الأتربي القائمين على هذا الحدث، وعلى رأسهم سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي وراعي المؤتمر المصرفي العربي لعام 2024، في إطار متطلبات التنمية المستدامة، ودور المصارف، مثمنا مشاركة العديد من الشخصيات الفاعلة في قطاع المصارف والصانعة للقرار، مؤكدا على أهمية هذا الملتقى في التأسيس لمستقبل مستدام لدى الدول العربية، واصفا التنمية المستدامة في القطاع المصرفي بالضرورية، في ظل اعتماد اقتصاداتنا على الموارد الطبيعية بصورة أكبر.
– اقتصاد أخضر
وتابع رئيس اتحاد المصارف العربية أن هناك جهودا حثيثة من القوانين العربية لتشجيع وتحفيز عملية تمويل أهداف التنمية المستدامة، والتوجه للاقتصاد الأخضر، بإصدار بعض الدول العربية لسندات، ما يؤكد الإدراك اللامتناهي لأهمية القطاعات المصرفية في تحقيق التنمية المستدامة، وهي التي بمقدورها الإسهام في تحقيق الأبعاد التنموية والاجتماعية بالدول، لما يتمتع به القطاع المصرفي العربي، والذي شهد مؤخرا تحولا مميزا من الناحية الرقمية، خاتما كلمته بذكر بعض التوصيات المهمة بالنسبة لتحقيق التنمية المستدامة وأهمها سد الفجوة التمويلية، بالإضافة إلى دمج المعايير البيئية والاجتماعية والحاسمة في نماذج الأعمال، ما سيمكن المصارف من تقدير المخاطر وتعزيز المرونة، ودعم العملاء، مضيفا إلى ذلك دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل عمليات الوصول إلى التمويل، مع تنسيق الجهود بفاعلية، وتعزيز التعليم وزيادة والوعي، وتوفير التدريب في الصناعات الخضراء، كاشفا عن توقيع اتحاد المصارف العربية للعديد من الجهات الدولية.
– مكانة قطر
بدوره نوه سعادة الدكتور فهد بن محمد التركي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، بالمكانة المتقدمة التي بلغها القطاع المصرفي القطري بين الدول العربية من حيث نسبة معدل كفاية رأس المال التي بلغت 19.2 %، مما يعكس مكانة القطاع وقدرته على استيعاب الصدمات، لافتا إلى استئثاره بـ 11.98 % من موجودات القطاع المصرفي العربي، محققا بذلك المرتبة الثالثة عربيا، قائلا بأن نسبة التسهيلات غير العاملة بالنسبة إلى إجمالي التسهيلات في القطاع القطري ما زالت منخفضة مقارنة بالمتوسط في الدول العربية إذ بلغت النسبة حوالي 3.9 بالمائة مع نهاية العام الماضي، مقابل متوسط 7.9 بالمائة في القطاع المصرفي القطري.