آسيا تتخلى عن الدولار… موجة بيع تثير تساؤلات حول مستقبل الأصول الأميركية
(الشرق الاوسط)-07/05/2025
تُعدّ موجة بيع الدولار في آسيا علامة مقلقة بشأن العملة الأميركية، حيث بدأت القوى التصديرية العالمية تشكك في الاتجاه السائد منذ عقود للاستثمار في الأصول الأميركية باستخدام فوائضها التجارية الكبيرة.
وامتد تأثير الارتفاع القياسي الذي شهدته العملة التايوانية يومي الجمعة والاثنين إلى الأسواق العالمية، مما أدى إلى ارتفاع عملات سنغافورة وكوريا الجنوبية وماليزيا والصين وهونغ كونغ، وفق «رويترز».
وتشكّل هذه التحركات تحذيراً للدولار، إذ تشير إلى تدفق واسع للأموال إلى آسيا، مما يعكس تذبذب إحدى الركائز الأساسية لدعم العملة الأميركية.
وعلى الرغم من استقرار السوق يوم الثلاثاء، بعد قفزة مذهلة بنسبة 10 في المائة للعملة التايوانية خلال يومين، فإن دولار هونغ كونغ كان يختبر الحد الأقصى لربطه بالدولار الأميركي، في حين ارتفع الدولار السنغافوري مقترباً من أعلى مستوى له منذ أكثر من عقد.
وقال المؤسس المشارك لشركة «جافيكال» للأبحاث، لويس فينسنت غيف: «بالنسبة إليّ، يبدو هذا الأمر بمثابة عودة إلى الأزمة الآسيوية»، في إشارة إلى التحركات السريعة في أسعار العملات. وأضاف: «في عامي 1997 و1998، أدى هروب رؤوس الأموال إلى انخفاض قيمة العملات من تايلاند إلى إندونيسيا وكوريا الجنوبية، مما دفع المنطقة إلى تجميع الدولارات في أعقاب الأزمة».
وتابع غيف قائلاً: «منذ الأزمة الآسيوية، لم تكن المدخرات الآسيوية ضخمة فحسب، بل اتجهت أيضاً إلى إعادة توزيعها في سندات الخزانة الأميركية. والآن، فجأة، لم تعد هذه التجارة تبدو وكأنها صفقة رابحة في اتجاه واحد كما كانت لفترة طويلة».
وأبلغ المتداولون في تايوان عن صعوبة في تنفيذ الصفقات بسبب موجة بيع الدولار أحادية الجانب، وارتابوا في أن البنك المركزي قد يكون دعّم هذه التحركات ضمنياً.
وأشار المتعاملون إلى أن أحجام التداول كانت كثيفة في أسواق آسيا الأخرى.
وأوضح المحللون أن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع هو الرسوم الجمركية الصارمة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي زعزعت ثقة المستثمرين بالدولار، وحولت تدفق دولارات التجارة إلى الأصول الأميركية رأساً على عقب.
وأشار كبير الاقتصاديين في «ناتيكسيس»، غاري نغ، إلى أن سياسات ترمب قد أضعفت ثقة السوق بأداء الأصول الدولارية الأميركية. وأضاف أن الأسواق تتكهن بما يُعرف بـ«اتفاقية مارالاغو»، أو صفقة سُمّيت تيمناً بمنتجع ترمب الفاخر في فلوريدا التي تهدف إلى إضعاف الدولار.
وفي المقابل، رفض مكتب مفاوضات التجارة التايواني أن تكون محادثات الرسوم الجمركية في واشنطن الأسبوع الماضي قد تناولت موضوع النقد الأجنبي.
وعلى الرغم من أن أكبر تجمعات الدولارات الآسيوية موجودة في الصين وتايوان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، حيث تُقدّر الأموال الموجودة هناك مجتمعة بالتريليونات، فإن هناك دلائل على أن النظرة إلى الدولار تتغيّر.
وذكر بنك «غولدمان ساكس»، في مذكرة يوم الثلاثاء، أن عملاء المستثمرين قد بدأوا مؤخراً التحول من مراكز بيع اليوان إلى مراكز شراء، مما يعني أنهم يبيعون الدولار الأميركي على المكشوف توقعاً لانخفاضه.
وانعكست الاتجاهات التجارية السابقة أيضاً، مثل شراء دولارات أميركية رخيصة في سوق العقود الآجلة لدولار هونغ كونغ، حيث يتم تداول الدولار بنشاط باعتباره «الهدية التي لا تنقطع» بفضل استقراره.
وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «أرافالي لإدارة الأصول» في سنغافورة، موكيش ديف، إن صناديق الاقتصاد الكلي والجهات ذات الرافعة المالية بدأت تصفية مئات المليارات من الدولارات في تداول العقود الآجلة لدولار هونغ كونغ، مشيراً إلى أن البنك المركزي الفعلي في هونغ كونغ قد أعلن تخفيض آجال حيازاته من سندات الخزانة الأميركية وتنوع استثماراته في العملات الأجنبية لتشمل أصولاً غير أميركية.
وتظهر ارتفاعات أسعار الفائدة في أسواق السندات الآسيوية دلائل على أن أموال المصدرين والمستثمرين طويلتي الأجل قد تعود إلى الوطن أيضاً.
وأضافت خبيرة أسعار الفائدة والعملات الأجنبية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى بنك «بي إن بي باريبا» في سنغافورة، باريشا سايمبي، أن «إعادة الأموال إلى الوطن أصبحت حقيقة واقعة»، حيث يسارع المستثمرون والمصدرون إلى فك استثماراتهم أو التحوط من المخاطر.
ويُشير هذا التحول في الاتجاه نحو انخفاض دعم الدولار إلى تزايد الاتجاه نحو «إلغاء الدولرة» في الأسواق الآسيوية.