أكبر اقتصاد أوروبي يترنح.. وصندوق النقد: “هناك حلّ واحد غير قابل للتفاوض”
(العربية)-30/10/2024
ألقت الأزمة المستمرة التي تعيشها ألمانيا بثقلها على اقتصادها، وبسبب حجمها الهائل، أثقلت كاهل المنطقة الأوروبية بأكملها، وفقاً لما ذكرته مجلة “Fortune” واطلعت عليه “العربية Business”.
يعد الوضع الاقتصادي لألمانيا نتيجة للعديد من المشاكل المتراكمةــ من البيروقراطية التي تعوق الأعمال التجارية إلى ضعف التعافي في الطلب الذي يعوق نمو صناعاتها الرئيسية.
ولكن وفقاً لألفريد كامر، مدير الإدارة الأوروبية في صندوق النقد الدولي، ربما يكون هناك إجابة واحدة غير قابلة للتفاوض على ما سبق وهي الإصلاحات الهيكلية.
وقال كامر لصحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية: “بدون بنية تحتية فعّالة، لا يمكن أن يكون هناك اقتصاد منتج”، موضحاً أن ألمانيا بحاجة إلى إصلاحات هيكلية والمزيد من الاستثمار في البنية التحتية العامة للتخلص من الركود. وأضاف انخفاض عدد السكان العاملين والبيروقراطية إلى قائمة المشاكل.
ويُتوقع انكماش الاقتصاد الألماني – الأكبر في أوروبا – بنسبة 0.2% في عام 2024 للعام الثاني على التوالي. وأكد وزير الاقتصاد، روبرت هابيك، على مخاوف كامر في وقت سابق من هذا الشهر، مسلطاً الضوء على أن العديد من مشاكل البلاد ناجمة عن هياكل داخلية وليس عوامل دورية.
قد شقت ألمانيا طريقها بقوة عبر الجائحة وأزمة الطاقة التي عقبت غزو روسيا لأوكرانيا. ومع ذلك، فقدت قبضتها على التجارة والتصنيع لبضع سنوات. فعلى سبيل المثال، انخفضت صادرات البلاد إلى أكبر شريك تجاري لها، الصين، بشكل حاد.
على الرغم من بناء سمعتها كبطل أوروبي من خلال براعتها الصناعية خلال جزء كبير من القرن الحادي والعشرين، فإن التحديات التي تواجهها ألمانيا داخل أراضيها كانت تتزايد أيضاً. لقد تركت سنوات من البيروقراطية، ونقص الاستثمار في تحديث البنية الأساسية، وارتفاع التكاليف، البلاد في محاولة للحاق بالركب مع الاقتصادات المتقدمة الأخرى.
واختصر رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في شركة “آي إن جي للأبحاث”، كارستن برزيسكي، الوضع فيما يلي: “الاقتصاد الألماني ببساطة لم يلحق بالقطار الذي يقوده إلى الابتكار والتحديث. لفترة طويلة، كان الأمر عبارة عن مزيج من الغطرسة والسذاجة المفرطة والرضا عن الذات ــ إذ اعتقدوا أنه لن يكون هناك منافسون لعالم الشركات القوي الخاص بهم”.
ولكن باتت عمالقة ألمانيا، مثل “فولكس فاغن”، تكافح من أجل النهوض وسط بيئة اقتصاد كلي قاسية وطلب متعثر. وأضاف هذا إلى المعنويات السلبية المحيطة بالقوة العظمى الأوروبية، كما يتضح من تأجيل “إنتل” لخطط الاستثمار في ألمانيا.
وعندما سُئل عن الاختلاف في نمو الشركات التي تتخذ من أوروبا مقراً لها مقارنة بأميركا، أشار كامر إلى أن الاختلاف الأكبر يتلخص في الحجم واللوائح.
وقال إن الولايات المتحدة لديها سوق ضخمة للسلع والخدمات داخل البلاد، وهو ما أدى إلى خفض تكاليف الوحدة. ومع ذلك، فإن تحقيق حجم مماثل في أوروبا يتطلب دائماً عبور الحدود، وهو ما يتسبب في المزيد من التكاليف.
وأضاف كامر: “السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي موجودة بالفعل، ولكنها في الواقع مليئة بالعقبات التنظيمية وغيرها من الحواجز”. “وتواجه الشركات الناشئة في أوروبا أيضاً مشكلة عدم قدرتها غالباً على الوصول إلى رأس المال الذي تحتاجه لنموها”.
وبحسب كامر، فإن الحالة الاقتصادية في ألمانيا وآفاق التعافي تردع الشركات عن الاستثمار لأنها تريد معرفة ما سيحدث في السنوات العشر إلى الخمس عشرة المقبلة. ولكنه يرى أنه، حتى لو بدت الصورة قاتمة الآن، فإذا تم إجراء تغييرات هيكلية ووضع سياسات مواتية للاستثمار، فمما لا شك فيه أن الشركات لألمانية ستتمكن من تجاوز الأزمة، إذ أثبتت مراراً وتكراراً أنها قادرة على التكيف.