“اختلالات مفرطة” في الاقتصاد العالمي.. وصندوق النقد يرى بالذكاء الاصطناعي حلاً للنمو
(العربية)-17/10/2025
دعت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، الدول الأعضاء إلى الحفاظ على التجارة كمحرّك رئيسي للنمو العالمي، رغم التوترات التجارية وارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية، مؤكدة أن الاقتصاد العالمي يعاني من “اختلالات مفرطة” تتطلب سياسات أكثر توازنًا بين الدول ذات الفوائض المالية والدول ذات العجز المرتفع.
وقالت غورغييفا، في مؤتمر صحافي اليوم الخميس خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن، إن البلدان ذات العجز المالي المفرط مثل الولايات المتحدة يجب أن تقلّص هذا العجز وتزيد من معدلات الادخار الخاص، فيما يتعيّن على الدول ذات الفوائض الكبيرة مثل الصين أن تعتمد بدرجة أكبر على الطلب المحلي بدلاً من الاعتماد على الصادرات.
وأضافت أن صندوق النقد الدولي يعمل على إعادة تمويل صندوق الإغاثة المخصص لأفقر الدول، مؤكدة أن الأولوية في المرحلة المقبلة هي الحفاظ على الاستقرار المالي العالمي وتقليص مستويات الدين العام، وفق وكالة “رويترز”.
مخاطر مالية
وفي ما يتعلق بالأوضاع المالية العالمية، قالت غورغييفا إن معظم الدول استنفدت هوامشها المالية (Fiscal Buffers)، مشيرة إلى أن تقييمات الأصول العالمية باتت “مرتفعة إلى حد مبالغ فيه”، ما يعكس ضغوطًا متزايدة على الاقتصادات والأسواق.
وأضافت أن مدى تفاقم هذه المشكلات يعتمد على أداء الاقتصاد الحقيقي وحجم المؤسسات المتأثرة، داعية إلى تعزيز الرقابة على القطاع المالي غير المصرفي.
مراقبة المؤسسات غير المصرفية
وأكدت غورغييفا أن المؤسسات المالية غير المصرفية لا تخضع لنفس مستوى الرقابة التنظيمية الذي تخضع له البنوك، وهو ما يستدعي اهتمامًا أكبر من الجهات الرقابية لضمان الاستقرار المالي.
وأعربت عن قلق صندوق النقد الدولي من انهيار بعض الشركات الأميركية التي حصلت على تمويلها من القطاع المالي غير المصرفي، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات احترازية لتقليل المخاطر التي قد تنتقل إلى النظام المالي العالمي.
وأكدت غورغييفا على أن المرحلة المقبلة تتطلب موازنة دقيقة بين دعم النمو الاقتصادي وضمان الاستقرار المالي، مع الحفاظ على التجارة العالمية كأحد أعمدة الاقتصاد الدولي الأساسية.
التركيز على التكامل التجاري الإقليمي
أشارت غورغييفا إلى أن صندوق النقد يلاحظ تنامي التكامل التجاري الإقليمي بين الدول، معتبرة أن ذلك مؤشر إيجابي على مرونة التجارة الدولية رغم التحديات.
وقالت إن الهند يمكنها أن تستهدف مستويات أعلى من التكامل التجاري مع شركائها الإقليميين، بما يسهم في تعزيز نموها الاقتصادي وزيادة قدرتها التصديرية.
وأكدت مديرة الصندوق أنها تشجّع الدول على الالتزام بقواعد “الدولة الأولى بالرعاية” في التجارة الدولية، وهي المبادئ التي تضمن المعاملة المتساوية بين جميع الشركاء التجاريين ضمن النظام التجاري العالمي.
محدودية انتشار الرسوم الجمركية
وقالت غورغييفا إن العالم لم يتبع حتى الآن النهج الأميركي في فرض الرسوم الجمركية الجديدة، مشيرة إلى أن ثلاث دول فقط من أصل 191 دولة عضو في صندوق النقد تحركت بقوة في هذا الاتجاه.
وأضافت أن الحفاظ على انسيابية التجارة والتزام الدول بالقواعد المتعددة الأطراف يظل أمرًا ضروريًا لحماية النمو العالمي.
الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
وأشارت مديرة الصندوق إلى أن الاستثمار المتنامي في مجال الذكاء الاصطناعي يُتوقع أن يسهم في رفع معدل النمو العالمي بما يتراوح بين 0.1% و0.8% خلال السنوات القادمة، معتبرة أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح أحد أهم محركات الإنتاجية في المستقبل القريب.
إلا أنها حذّرت من أن هذه الطفرة التكنولوجية قد تؤدي إلى زيادة التباين بين الدول، مضيفة: “هناك مخاطر حقيقية بأن نشهد ارتفاعًا في الإنتاجية بفضل الذكاء الاصطناعي، لكنه في الوقت نفسه قد يعمّق الفجوات الاقتصادية بين الدول ما لم نضمن توزيعًا أكثر عدالة للفوائد.”