ارتفاع الدولار يضع البنوك المركزية في آسيا أمام مأزق في عام 2025
(سي ان بي سي)-09/01/2025
أدى الارتفاع المستمر للدولار الأميركي إلى تراجع العملات الآسيوية مثل الين الياباني، الوون الكوري الجنوبي، اليوان الصيني، والروبية الهندية إلى أدنى مستوياتها منذ عدة سنوات مقابل الدولار الأميركي.
ورغم أن العملة الأرخص قد تعزز الصادرات من حيث المبدأ، خصوصًا في وقت يهدد فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية، إلا أن البنوك المركزية في آسيا ستحتاج إلى تقييم تأثير هذا الانخفاض على التضخم المستورد وتجنب الرهانات المضاربية على ضعف مستدام في عملاتها، وهو ما قد يعقد عملية صنع السياسات، وفقًا لما ذكره المحللون.
ارتفع الدولار الأميركي بشكل حاد منذ فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024، حيث سجل زيادة بنحو 5.39% مقارنة بفترة ما قبل الانتخابات.
ويعود جزء من قوة الدولار الأميركي إلى السياسات التي وعد بها ترامب خلال حملته الانتخابية، بما في ذلك فرض التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب، والتي يرى الخبراء الاقتصاديون أنها سياسات تضخمية.
قلق من التضخم في أميركا
أعرب المسؤولون الفيدراليون في اجتماعهم في ديسمبر عن قلقهم من التضخم ومن التأثير المحتمل لسياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، مشيرين إلى أنهم سيتخذون خطوات تدريجية بشأن خفض أسعار الفائدة في ظل حالة من عدم اليقين، وفقًا لما أظهرت محاضر الاجتماع التي صدرت يوم الأربعاء.
لقد أدت إعادة تقييم توقعات السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي إلى توسيع الفجوة بين العوائد على السندات الأمريكية والعديد من السندات الآسيوية.
وقد أدى هذا الفارق في أسعار الفائدة إلى تقليص جاذبية الأصول ذات العوائد المنخفضة، ما أسهم في تراجع العملات الآسيوية الرئيسية، ودفع بعض البنوك المركزية، مثل بنك اليابان وبنك الاحتياطي الهندي، إلى التدخل.
وأوضح جيمس أوي، استراتيجي السوق في شركة الوساطة عبر الإنترنت “تايجر بروكرز”، لشبكة “سي إن بي سي” أن الدولار الأمريكي القوي سيجعل من الصعب على البنوك المركزية الآسيوية إدارة اقتصاداتها.
وقال أوي عبر البريد الإلكتروني: “من المرجح أن يفرض الدولار الأمريكي الأقوى تحديات على البنوك المركزية الآسيوية من خلال زيادة الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع تكاليف الاستيراد، بالإضافة إلى إرهاق احتياطياتها من النقد الأجنبي [إذا حاولت البنوك المركزية دعم عملاتها عبر التدخلات]”.
وأضاف: “إذا كانت الدولة تعاني من ارتفاع التضخم وتراجع العملة، فإن خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي قد يؤدي إلى نتائج عكسية”.
أدنى مستوى لليوان منذ 16 شهراً
وسجل اليوان الصيني أدنى مستوى له منذ 16 شهرًا عند 7.3361 في 7 يناير، تحت ضغط ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وقوة الدولار.
من الواضح أن ضعف اليوان سيجعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يُأمل أن يحفز النمو في أكبر اقتصاد آسيوي.
لكن لورين تان، مديرة أبحاث الأسهم في آسيا في “مورنينج ستار”، أوضحت أن الدولار الأمريكي الأقوى سيحد من قدرة بنك الشعب الصيني على خفض أسعار الفائدة دون أن يعرض الاقتصاد لمخاطر تدفقات رأس المال إلى الخارج، إضافة إلى تقليل مرونة السياسات النقدية المحلية.
منذ سبتمبر الماضي، تكافح الصين لدعم اقتصادها من خلال عدة تدابير تحفيزية، مثل خفض أسعار الفائدة ودعم أسواق الأسهم والعقارات. ومؤخراً، وسعت الصين مخططها للتبادل التجاري بين المستهلكين بهدف تحفيز الاستهلاك من خلال ترقيات المعدات والإعانات.
وقالت تان: “ومع ذلك، فإن زيادة الإنفاق المالي هو العامل الذي يحتاج إلى التعافي لدعم النمو في الصين”.
وقد أيد كين بينج، رئيس استراتيجية الاستثمار لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في “سيتي ويلث”، هذا الرأي، إذ أشار إلى أن الحكومة الصينية يجب أن تركز على إصدار المزيد من السندات طويلة الأجل لتمويل التحفيز الاقتصادي، بدلاً من خفض أسعار الفائدة.
وأضاف بينج: “[الصين] ليست بحاجة إلى سياسة نقدية إضافية. لذلك، ينبغي أن يكون السؤال موجهًا إلى وزارة المالية وليس إلى بنك الشعب الصيني”.
وفي ظل المنافسة التصديرية التي غالبًا ما تكون محصلتها صفرًا، قد يعقد الضعف الواضح في اليوان قدرة الاقتصادات الآسيوية الأخرى على تعزيز جاذبية منتجاتها وخدماتها للمشترين الأجانب.
وفي تقرير توقعاتها لعام 2025، أكدت “سيتي ويلث” أن انخفاض قيمة العملة الصينية بشكل حاد قد يؤثر سلبًا على الاقتصادات التي تتنافس بشكل مباشر مع الصين أو التي تصدر إليها، مثل كوريا الجنوبية وتايوان وبعض دول جنوب شرق آسيا.