الأسواق الناشئة.. ألم يحن الوقت لتغيير المصطلح؟
(البيان)-20/09/2024
مع خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، هناك حديث عن انتعاش وشيك لـ «أسواق الدول الناشئة»، لكن عن أي مجموعة من الدول نتحدث؟
كينيا أم قطر؟ كوريا أم كولومبيا؟ مصدري السلع الأساسية أم عمالقة التكنولوجيا؟ وسواء كان الأمر يتعلق بالأسهم أو السندات، لم يعد مصطلح «الأسواق الناشئة» ينصف الطيف الواسع من المكونات في مؤشرات الأسواق الناشئة المختلفة المصممة في الأساس لجذب اهتمام المستثمرين.
إذن، ما أفضل تعريف للسوق الناشئة؟ إنها تشمل جميع البلدان باستثناء 10 اقتصادات متقدمة «عتيقة». وتمثل الأسواق الناشئة المتبقية 87 % من جميع الدول. و85 % من سكان العالم، ونحو 50 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وبحسب ما قاله جون أندرسون من مجموعة «إي إم أدفايزرز»، فهي تمثل ما يقرب من ثلث الأصول المالية العالمية. وفي الواقع، يشمل التعريف الحالي للأسواق الناشئة الجميع تقريباً، دون تحديد معايير واضحة (ما عدا النظرة المتفائلة).
وبدءاً من أواخر الثمانينات، كان تطوير مؤشرات الأسواق الناشئة القابلة للاستثمار، خطوة مهمة في توجيه استثمارات المحافظ الأجنبية نحو الاقتصادات النامية. وثمة تعاضد متبادل بين العولمة التجارية المتعمقة، والاهتمام المتزايد من جانب المستثمرين الأجانب بالأسواق الناشئة.
ولا يساعد بالمرة محاولة إبراز أهمية أحد المؤشرات القياسية للأسواق الناشئة، إن لم يكن الأمر مضللاً، لأن مكوناتها لن تجتاز الاختبارات الأساسية، لتشابه تحركات الأصول وتنوع العوائد.
وفي أسوأ الحالات، يمكن أن تكون مجموعة المؤشرات القياسية الحالية مضرة تماماً، لأن الأداء الاقتصادي والمالي لأي دولة، يجب أن يصل إلى مستويات سلبية بالغة، قبل استبعادها من المؤشر. وخلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، استمرت دول، مثل الأرجنتين، فنزويلا، تركيا، نيجيريا، مصر وأوكرانيا، في تلقي التدفقات المتبقية كجزء من المؤشرات القياسية، رغم السياسات الاقتصادية غير المستدامة.
وبالنسبة للمستثمرين المحتملين، الذي يعتمدون على المؤشرات، فإن الصين تعد مشكلة واضحة. وفي حين أنه لا يتم عكس وزنها الاقتصادي في المؤشرات المختلفة، لكن هيمنتها الاقتصادية، والأهم من ذلك، محركاتها المالية الفريدة، تميزها عن أي بلد آخر في المؤشر.
والنقطة الأساسية ليست في حجم الصين الهائل، أو هيمنتها على مؤشرات الأسهم والسندات القابلة للاستثمار (رغم حصتها البالغة 25 % تقريباً في مؤشر أسهم الأسواق الناشئة، تمثل مشكلة)، بل لأن الطفرة الاستثمارية في الصين، التي عززت نمو الطلب على السلع الأساسية، انتهت قبل أكثر من عقد.
ويمثل الدولار مشكلة رئيسة أخرى لعالم الأسواق الناشئة، وذلك لأن المؤشرات القياسية تعتمد على العملة الأمريكية. وهذا يخلق تقلبات شديدة داخل هذه المؤشرات، مقارنة بالمؤشرات القياسية العالمية العامة، خاصة عندما يتم «تحويل» عوائد الأصول في الأسواق الناشئة إلى العملة الأمريكية.
وتحدث التقلبات في كلا الاتجاهين، لكن مع ميل نحو تحقيق عوائد سلبية للغاية، خلال فترات العزوف عن المخاطر. وبالتالي، غالباً ما يتم استخدام مؤشرات الأسواق الناشئة للفرص قصيرة الأجل، ونادراً ما يتم الشراء على المدى الطويل.
وثمّة فرضية خاطئة أيضاً، تقوم عليها استثمارات الأسواق الناشئة، وهي التقارب في النهاية مع الدول الغنية من حيث مستويات الدخل. وكان من المفترض أن يؤدي النمو الاقتصادي القوي، إلى ارتفاع قيمة العملات في الأسواق الناشئة، من حيث القيمة الحقيقية، مقارنة بنظيراتها المتقدمة، وبالتالي، تعزيز أداء أصول الأسواق الناشئة من حيث القيمة الدولارية.
وكما أوضح جون أندرسون، فبمجرد استبعاد الصين من العينة، تبقى حصة الناتج المحلي الإجمالي العالمي للأسواق الناشئة عند 28 % منذ عام 1960. كما أنه منذ عام 1980، لم تقترب من مستويات الدخل الأمريكية سوى خمس دول فقط، بأكثر من نقطة مئوية واحدة: الصين (53 نقطة مئوية)، والهند (7 نقاط)، وكوريا (4 نقاط)، إندونيسيا (نقطتان) وسنغافورة (نقطتان). وللأسف، لم يكن هناك مؤشر قابل للاستثمار لهذه الأسواق.
إذن، ما الذي يجب على المستثمر فعله؟ بدلاً من التخلي تماماً عن الأسواق الناشئة، فإن أسهل طريقة لـ «تحسين» مؤشرات الأسواق الناشئة، تتلخص في طلب منتجات مؤشرات توفر قدراً من الحماية ضد تقلبات الدولار.
وأظهرت الاختبارات السابقة عبر فترات زمنية مختلفة، أن عوائد مؤشرات الأسواق الناشئة، تكون أعلى باستمرار عند تمويلها بسلة تتكون من 50 % من الدولار، و50 % من اليورو، بدلاً من أن تكون مقومة بالكامل بالدولار الأمريكي.
ثانياً، من الضروري التحول من المؤشرات العريضة، التي تشمل الأصول القيمة ومنخفضة الأداء، إلى مجموعة من سلال الاستثمار الموضوعية القابلة للتخصيص. ويحتاج المستثمرون إلى أفضل الوسائل للتمييز بين الموضوعات المختلفة المتاحة في الأسواق الناشئة. ويتطلب تبنّي التنوع في مجموعة الدول المعروفة حالياً بالأسواق الناشئة، التخلي عن الوصف نفسه، لأنه يعطي فئة الأصول سمعة سيئة.