الشركات الناشئة تدفع ثمناً قاسياً لسنوات الطفرة
(البيان)-22/08/2024
60 % زيادة في حالات إفلاس الشركات الأمريكية الناشئة العام الماضي . تتعرض ملايين الوظائف المدعومة من شركات رأس المال المغامر لمخاطر كبيرة ومتزايدة، وذلك في ظل ارتفاع عمليات إغلاق الشركات الخاصة، رغم طفرة التمويل في الذكاء الاصطناعي.
وشهد العام الماضي ارتفاعاً بنسبة 60% في حالات إفلاس الشركات الناشئة في الولايات المتحدة، نتيجة نفاد السيولة التي جمعها المؤسسون خلال طفرة التكنولوجيا في 2021 و2022. ويهدد هذا الوضع ملايين الوظائف في الشركات المدعومة من رأس المال المغامر، وقد يؤثر سلباً على الاقتصاد بشكل عام.
وتظهر بيانات شركة كارتا، وهي شركة تقدم خدمات للشركات الخاصة، زيادة حادة في عمليات إغلاق الشركات الناشئة، على الرغم من تدفق مليارات الدولارات من رأس المال المغامر إلى شركات الذكاء الاصطناعي.ووفقاً لبيانات الشركة، أفلس نحو 254 من عملائها المدعومين من رأس المال المغامر خلال الربع الأول من العام الجاري. ويتجاوز معدل الإفلاس حالياً 7 أضعاف، مقارنة بوقت بدء «كارتا» تتبع حالات الإفلاس خلال عام 2019.
وخلال الأسبوع الماضي، أصبحت شركة التكنولوجيا المالية «تالي» أحدث الضحايا حيث تم تقييم مزودة أدوات إدارة الائتمان التي كانت تعمل منذ 9 سنوات، عند 855 مليون دولار في جولة تمويل لعام 2022، وجمعت أكثر من 170 مليون دولار من كبرى شركات رأس المال المغامر، مثل «أندريسن هورويتز» و«كلاينر بيركنز».
وقال مؤسس شركة «تالي» جيسون براون، عبر منشور على موقع لينكد إن، إن الشركة، التي يقع مقرها في سان فرانسيسكو، «غير قادرة على تأمين التمويل اللازم لمواصلة عملياتها». ويضاف ذلك إلى سلسلة من عمليات إغلاق الشركات البارزة على مدار العام الماضي، ومن بين هذه الشركات موقع البث المباشر «كافيين»، الذي جمع أكثر من 250 مليون دولار من مستثمرين، مثل فوكس كورب وأندريسن هورويتز وسنابل للاستثمار.
وتضم القائمة كذلك الشركة الناشئة في مجال الرعاية الصحية «أوليف»، التي قدرت قيمتها بنحو 4 مليارات دولار في عام 2021؛ وشركة الشحن «كونفوي»، التي بلغت قيمتها 3.8 مليارات دولار في عام 2022. كما أعلنت شركة تأجير المكاتب «وي وورك»، التي جمعت قرابة 16 مليار دولار في شكل ديون وأسهم من «سوفت بنك» و«فيجن فاند»، إفلاسها في نوفمبر بعد طرحها للاكتتاب العام في عام 2021.
ويمثل الانهيار جزءاً من فترة تكيف صعبة للشركات الناشئة بعد ارتفاع أسعار الفائدة اعتباراً من عام 2022. فقد تراجعت الاستثمارات من رأس المال المغامر في الشركات الناشئة، في حين انخفضت الديون المغامرة بعد انهيار بنك «سيليكون فالي» العام الماضي، ما ترك العديد من الشركات الناشئة في مأزق صعب.
وقال هيلي جونز، نائب رئيس شركة كروز كونسالتنغ، وهي شركة محاسبة تقدم المشورة لمئات الشركات الناشئة المدعومة من رأس المال المغامر، إنه خلال سنوات الطفرة، شجع رأس المال المغامر المؤسسين على قبول استثمارات كبيرة وبشكل متزايد، مما أدى إلى زيادة التقييمات، وقد وصفت بأنها «بيئة تمويل تتسم بالجنون»، حيث «لم تكن حوافز رأس المال المغامر والمؤسسين متوافقة دائماً».
ويواجه المؤسسون الآن العواقب، حيث يعزى ارتفاع حالات الإفلاس إلى حقيقة مفادها أن «عدداً هائلاً من الشركات جمعت مبالغ طائلة على نحو غير عادي خلال عامي 2021 و2022»، وذلك وفقاً لمذكرة حديثة من محللي «مورجان ستانلي» لعملائهم.
وأشارت مذكرة «مورجان ستانلي» إلى أن الشركات المدعومة من رأس المال المغامر توظف 4 ملايين شخص في الولايات المتحدة، ما يزيد مخاطر انتقال الأزمة إلى باقي قطاعات الاقتصاد إذا لم تتباطأ الزيادة الحالية في حالات الإفلاس.
وقال بيتر ووكر، رئيس قسم الإحصاءات لدى كارتا، إنه كان هناك انخفاض ضخم في عدد الشركات القادرة على تأمين التمويل مرة أخرى بعد عامين من جولتها التمويلية الأخيرة. وهذا أمر مثير للقلق بالنسبة للشركات الناشئة التي قلصت التكاليف للنجاة خلال العامين الماضيين، والتضحية بالنمو أثناء ذلك. وأوضح باركر أن التوصيات تغيرت، فأصبح رأس المال المغامر يحثك على النمو بأي ثمن ثم تحقيق الربح على الفور.. وإذا قمت بتقليص النمو من خلال خفض التكاليف فقد لا تكون مناسباً لشركات رأس المال المغامر.
وأفاد جونز بأن عملاء «كروز» الذين نجحوا في جمع جولة ثانية من التمويل هذا العام يزيدون الإيرادات بمعدل 600% سنوياً.وحتى بالنسبة للشركات القوية، باتت الاكتتابات العامة نادرة، وتراجع نشاط الدمج والاستحواذ. وقد أعاق ذلك شركات رأس المال المغامر عن إعادة رأس المال إلى المستثمرين المؤسسين، وهو شرط أساسي لجمع الأموال في المستقبل.
وبحسب ما أوردته شركة كارتا، أعادت 9% فقط من صناديق رأس المال المغامر التي جمعت عام 2021 أي رأس مال إلى المستثمرين النهائيين. في المقابل، أعادت ربع صناديق عام 2017 رأس المال بحلول نفس الفترة.وقال كل من جونز وووكر: إن نشاط التمويل بدأ بالتعافي بعد عامين من الركود.
وتوجهت غالبية الاستثمار إلى الشركات الناشئة العاملة في قطاع الذكاء الاصطناعي. وأوضح جونز أن عملاء «كروز» جمعوا ملياري دولار في عام 2024، حيث ذهبت ثلاثة أرباع هذا المبلغ إلى الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أنها تمثل أقل من ربع إجمالي عملائها. وبالنسبة للشركات في الصناعات الأقل جاذبية، تبدو الآفاق محفوفة بالتحديات والصعوبات. وفي هذا الشأن، قال ووكر: ثمّة عدد محدود من الشركات القابلة للتمويل من رأس المال المغامر في أي وقت.. وربما نما حجم رأس المال بمعدل يفوق عدد الشركات الناشئة القادرة على استيعابه.