تركيا تتوقع نمواً محدوداً وتبقى حذرة تجاه التضخم في مشروع موازنة 2026
(الشرق الاوسط)-17/10/2025
انتهت الحكومة التركية من إعداد مشروع الموازنة العامة لعام 2026، تمهيداً لعرضه على البرلمان للمصادقة عليه.
وقدّر مشروع الموازنة، الذي عرضه نائب الرئيس التركي، جودت يلماظ، خلال مؤتمر صحافي بمقر الرئاسة في أنقرة الخميس، حجم المصروفات بـ18.93 تريليون ليرة تركية (452.4 مليار دولار)، مقابل إيرادات متوقعة تبلغ 16.22 تريليون ليرة.
وتضمن مشروع الموازنة توقعات: النمو، والتضخم، ومعدل البطالة، في تركيا للعام المقبل، حيث أشار يلماظ إلى أنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 3.3 في المائة بنهاية العام الحالي، وهي النسبة ذاتها التي حققها في نهاية عام 2024، وأن يرتفع إلى 3.8 في المائة عام 2026، في ظل حالة عدم اليقين العالمية والتوقعات المعتدلة للنمو العالمي.
وتوقع أن ينخفض معدل البطالة في تركيا إلى 8.5 في المائة بنهاية العام الحالي، وأن يسجل 8.4 في المائة نهاية عام 2026.
مكافحة التضخم
وقال يلماظ إنه مع ازدياد الاستفادة من الإمكانات العالية لتركيا في قطاع السياحة سنوياً، من المتوقع أن تصل عائدات السياحة إلى 64 مليار دولار بنهاية هذا العام، وأن تصل إلى مستوى قياسي جديد قدره 68 مليار دولار بنهاية عام 2026.
وأضاف أن انخفاض تكلفة واردات الطاقة ساهم، بشكل كبير، في تحسن ميزان الحساب الجاري، وبالتالي تقليل الحاجة إلى التمويل الخارجي، متوقعاً «استمرار زيادة الصادرات خلال عام 2026، وأن نحقق هدفنا المتمثل في بلوغ صادرات بقيمة 282 مليار دولار».
وبالنسبة إلى التضخم، قال يلماظ إن الاتجاه النزولي للتضخم تراجع على المستوى العالمي، و«استمر جمود أسعار الخدمات في الحد من تحسن المؤشرات الأساسية، وتسببت هذه التوقعات في استمرار ارتفاع مخاطر التضخم عالمياً».
وذكر أن التوترات الجيوسياسية الأخيرة، ونقاط ضعف سلسلة التوريد، وعدم اليقين في السياسات التجارية، أدت إلى تأخير تطبيع السياسة النقدية في كثير من الدول المتقدمة والنامية.
وتابع يلماظ أنه «مع ذلك، تواصل تركيا عملية خفض التضخم، التي بدأت في يونيو (حزيران) 2024 بموقف قوي وحازم، ونتوقع أن تستمر الآثار الدورية التي حددت الزيادة الشهرية المؤقتة في سبتمبر (أيلول) الماضي، حتى نهاية العام، وسيستمر انخفاض التضخم الأساسي».
وأكد أن الهدف هو خفض التضخم إلى خانة الآحاد، وأن الحكومة التركية «ستواصل بحزم عملية خفض التضخم في إطار برنامج شامل يقوم على سياسات نقدية ومالية وتحولات هيكلية».
وسجل معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في تركيا قفزة غير متوقعة في سبتمبر الماضي إلى 33.29 في المائة على أساس سنوي، بينما سجل ارتفاعاً بنسبة 3.23 في المائة على أساس شهري، في أعلى قفزة منذ 16 شهراً.
وقال يلماظ إنهم يتوقعون أن يصل معدل التضخم السنوي إلى 16 في المائة بنهاية عام 2026، وأرجع ذلك «جزئياً» إلى إجراءات «جانب العرض» التي يطبقونها.
وأضاف أن البرنامج الاقتصادي متوسط المدى للحكومة التركية يهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي، والحفاظ على الانضباط المالي، وخفض التضخم بشكل دائم إلى خانة الآحاد، وتحقيق استقرار الأسعار.
ولفت يلماظ إلى أن إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من زلزال 6 فبراير (شباط) 2023، وإنشاء مدن مقاومة للكوارث، سيظلان من أولويات موازنة عام 2026.
وذكر أنه في إطار مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، فقد «خصصت الحكومة 373 مليار ليرة ضمن الموازنة لدعم المواطنين في الحصول على الكهرباء والغاز الطبيعي بأسعار منخفضة، ضمن مساعيها للحد من تداعيات التضخم على الأسر التركية».
توقعات الفائدة
ودفع تسارع التضخم السنوي في سبتمبر الماضي لأول مرة منذ 16 شهراً كثيراً من الاقتصاديين إلى خفض توقعاتهم بشأن خفض أسعار الفائدة.
ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية في «البنك المركزي التركي» اجتماعها لتحديد سعر الفائدة الجديد، في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قبل يوم واحد من قرار مرتقب للمحكمة الابتدائية في أنقرة بشأن بطلان المؤتمر العام لـ«حزب الشعب الجمهوري» الذي عُقد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وانتخب فيه أوزغور أوزيل رئيساً للحزب.
ولا تزال التوترات السياسية التي تصاعدت على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى «حزب الشعب الجمهوري» ومرشحه المستقبلي لرئاسة تركيا، أكرم إمام أوغلو، في 19 مارس (آذار) الماضي، تلقي بظلالها على الأسواق المالية، وزاد من التوتر بدء التحرك للتحقيق مع رئيس بلدية أنقرة، منصور ياواش، ثاني أبرز المنافسين المحتملين للرئيس رجب طيب إردوغان على الرئاسة بعد إمام أوغلو، بدعوى مخالفات في الإنفاق على حفلات موسيقية.
وقد يؤدي قرار للمحكمة بإلغاء انتخاب أوزيل، الذي يقود منذ أشهر حملة على مستوى البلاد ضد احتجاز إمام أوغلو، إلى تصعيد التوتر السياسي والتأثير سلباً على الأسواق، بعدما أدى قرار المحكمة في سبتمبر تأجيل نظر الدعوى إلى ارتفاع الأصول المقيّمة بالليرة.
وقلل بنك «مورغان ستانلي» من توقعاته لخفض الفائدة وسط تباطؤ انخفاض التضخم، في حين عدّل «جيه بي مورغان» توقعاته لمعدل خفض الفائدة المحتمل خلال الفترة المتبقية من العام الحالي إلى 250 نقطة أساس، بدلاً من 350 نقطة.