خسائر «المركزي» الأوروبي تُهدد سمعته واستقلاله وتُثقل كاهل موازنات الحكومات
(الشرق الاوسط)-23/02/2024
سجّل المصرف المركزي الأوروبي خسائر مالية كبيرة أخرى في عام 2023، ما أدى إلى استنفاد آخر احتياطاته، وقال إن مزيداً من الخسائر سيتزامن مع ارتفاع أسعار الفائدة، مما يدفع مدفوعات الفائدة للمصارف إلى الارتفاع.
وفي حين أشار المصرف إلى أنه يستطيع العمل بفاعلية «بغض النظر عن أي خسائر»، فإن الحسابات لها آثار أوسع نطاقاً، من السمعة والاستقلال إلى مالية الدولة؛ وفق «رويترز».
ويشرح هذا الملخص المخاطر والتكاليف المرتبطة بالخسائر في المركزي الأوروبي والمصارف المركزية الوطنية في منطقة اليورو المكونة من 20 دولة.
هل سيؤثر ذلك على سمعة المصرف المركزي الأوروبي؟
طبع المركزي الأوروبي تريليونات اليوروات على مدى عقد تقريباً، على الرغم من تحذيرات كثيرة من خبراء اقتصاد محافظين. ويمكن أن تؤدي الخسائر إلى تضخيم الأصوات المنتقدة، خصوصاً إذا طلبت المصارف المركزية رأس مال إضافيا من حكوماتها، وهو ما قد يصوره البعض على أنه إنقاذ حكومي.
ويمكن أن تدفع الخسائر، التي قللت بالفعل من دخل الدول، وقد تؤدي إلى نفقات إضافية، الحكومات إلى التشكيك في كيفية عمل المصرف المركزي، وهو ما يشكل خطراً محتملاً على الشرعية والاستقلال في نهاية المطاف.
وبينما تجادل الهيئات الرسمية من صندوق النقد الدولي إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن الخسائر ليست مؤشراً على خطأ في السياسة، قد يجد الجمهور الأوسع صعوبة في فهم الفروق الدقيقة، خصوصاً وأن المصارف المركزية تعمل بشكل مختلف عن أي شركة أخرى.
ويمكن أن تضر الخسائر المستمرة أيضاً بمصداقية المصرف المركزي؛ لأنه عندئذ سيفترض المستثمرون أنه سيطبع العملة لفترة أطول.
هل ستؤثر الخسائر على موازنات الحكومات؟
استمتعت حكومات منطقة اليورو بأرباح موزعة من المصارف المركزية الخاصة بها لعقود؛ لذا فإن الخسائر تعني أيضاً فقدان الدخل للموازنات. وإذا استنفدت البنود وفقدت الخسائر كما هي الحال الآن، حتى الأرباح المستقبلية، فتصبح غير متاحة للمساهمين، حيث يجب على المصرف أولاً تعويض الخسائر، ثم إعادة بناء البنود، قبل دفع أي أرباح.
هل سيحتاج المركزي الأوروبي إلى إعادة رسملة؟
لا تعمل المصارف المركزية مثل المصارف التجارية، بل يمكنها أن تعمل بأسهم سلبية. والواقع أن أسهم المصرف الاحتياطي الأسترالي والمصرف الوطني التشيكي، بين مؤسسات أخرى، كانت سلبية، كما كانت حال المصرف المركزي الألماني (البوندسبنك) في بعض فترات السبعينات.
ومع ذلك، حذر البعض، بما في ذلك المصرف المركزي الهولندي، من أن وضع حقوق الملكية السلبية لا يمكن الحفاظ عليه لفترة «ممتدة»، وقد يلزم إعادة رسملة حكومية.
وحذرت المصارف المركزية في هولندا وبلجيكا وألمانيا في الماضي جميعها من احتمال تكبد مزيد من الخسائر الكبيرة.
وأعلن المصرف المركزي السويدي – الذي ليس جزءاً من منطقة اليورو – بالفعل أنه وفقاً لقوانينه الجديدة، يجب عليه التقدم بطلب إعادة الهيكلة إلى البرلمان لأن رأسماله قد انخفض دون الحد المطلوب.
هل سيؤثر ذلك على مراجعة إطار عمل المصرف المركزي الأوروبي؟
يقوم المركزي الأوروبي حالياً بمراجعة إطاره التشغيلي، بما في ذلك كيفية توفير السيولة للمقرضين في وضع مصرفي جديد.
وعلى مدى العقد الماضي، قدم البنك أموالاً وفيرة، ولا يزال هناك 3.5 تريليون يورو (3.8 تريليون دولار) من السيولة الزائدة تتدفق في النظام المالي، بعد سنوات من التخلي عن سياسة نقدية شديدة التيسير.
وإحدى القضايا التي يجري النظر فيها هي حجم مدفوعات الفائدة التي يقدمها المركزي الأوروبي للمقرضين مقابل السيولة الفائضة التي يحتفظون بها لدى المصرف ليلاً. ويرى بعض صانعي السياسات النقدية أنه ينبغي على المركزي أن يكافئ جزءاً أصغر من ودائع المصارف بسعر الفائدة الحالي البالغ 4 في المائة، ما يؤدي إلى خفض نفقات فائدة المصرف نفسه على حساب أرباح المصارف.
لكن عملياً، لا يوجد مبرر قوي لاستخدام سياسة نقدية مثل هذه، بالنظر إلى أن التفويض الوحيد للمركزي هو الحفاظ على استقرار الأسعار. وبالتالي، فإن أي إجراء يهدف إلى تعزيز وضع المصرف المالي الخاص قد يثير جدلاً قانونياً.
ومع ذلك، قد يُنظر إلى استمرار الخسائر لفترة أطول على أنها أمر غير مقبول؛ لأنها تطرح تساؤلات حول استدامة الإطار الحالي. ولذلك، فإن هذا يمكن أن يوفر مبرراً معقولاً لخفض المدفوعات التي يقدمها المركزي الأوروبي للمقرضين التجاريين.