خسائر بقيمة 320 مليار دولار.. شركات عالمية “تنزف” تحت وطأة حالة عدم اليقين
(سي ان بي سي)-22/07/2025
مع كل ربع مالي، يترقب المستثمرون والمحللون ما تكشفه الشركات الكبرى من أرقام وتوقعات تعكس نبض الاقتصاد العالمي. لكن ما ميّز تقارير أرباح الربع الأول من العام 2025 لم يكن فقط الأرقام، بل التكرار اللافت لعبارة واحدة: “عدم اليقين”.
وفقاً لبيانات factset ، استخدمت 381 شركة من أصل 451 أبلغت عن نتائجها بين 15 مارس/ آذار و15 مايو/ آيار، تعبير “عدم اليقين” بشكل صريح في مكالمات الأرباح، في مؤشر واضح على أجواء الضبابية التي تلف الأسواق. وتشكل هذه النسبة قفزة هائلة مقارنة بالربع السابق، حين أشارت 187 شركة فقط إلى الغموض الذي يكتنف المستقبل.
كما تظهر البيانات ذاتها أن المتوسط السنوي لخمس سنوات للشركات التي ذكرت “عدم اليقين” يبلغ عادةً 224 شركة، بينما ينخفض المتوسط إلى 179 شركة على امتداد العقد الماضي. ما يعني أن تقارير الربع الأول من 2025 سجلت زيادة بنسبة 70 % مقارنة بمتوسط الخمس سنوات الماضية، لتصبح ثاني أعلى نسبة يتم تسجيلها خلال عشر سنوات.
المفارقة أن المرتبة الأولى ما زالت تعود إلى الربع الأول من عام 2020، حين بلغت حالات استخدام تعبير “عدم اليقين” 393 شركة في ذروة تفشي جائحة كوفيد-19، حين كانت الشركات في مواجهة غير مسبوقة مع إغلاق الأسواق وتعطل سلاسل الإمداد.
الآن، وبعد خمس سنوات، تعود العبارة ذاتها إلى الواجهة بقوة، لكن في سياق مختلف: اضطرابات جيوسياسية، تغييرات نقدية عالمية، وتحديات تكنولوجية وهيكلية تعيد تشكيل بيئة الأعمال.
كلفة عدم اليقين
تُظهر دراسة حديثه كلفة “عدم اليقين” الباهظة على شركات عالمية تكبدت خسائر مليارية من أرباحها جراء تلك الحالة المرتبطة بالاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية.
أجريت الدراسة على 3500 شركة مدرجة على مستوى العالم، والتي تتجاوز إيراداتها السنوية مليار دولار، من قبل شركة EY-Parthenon، والتي أظهرت أن هذه الشركات خسرت ما مجموعه 320 مليار دولار من الأرباح خلال فترات التقلبات الجيوسياسية والاقتصادية الكلية منذ 2017.
“بعد سنوات من الأموال الرخيصة والاستقرار الجيوسياسي النسبي، فإن موجة التحولات الكلية – من التوترات التجارية إلى الصراعات العالمية – تعني الآن أن السياسة الحكومية والأحداث العالمية لها تأثير أكبر على القيمة والأرباح مقارنة بالعديد من العقود”، طبقاً لرئيس قسم الاقتصاد الكلي والاستراتيجية الجيوسياسية في الشركة، ماتس بيرسون.
أبرزت الدراسة السنوات الثلاثة الماضية على وجه التحديد، لا سيما وأنها شهدت سلسلة متسارعة من الأحداث بما في ذلك (عودة التضخم، والهجوم الروسي على أوكرانيا، وانهيار سوق السندات البريطانية، والحرب بين إسرائيل وحماس، وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض).
في هذه السنوات الثلاثة، كان ما يقرب من 40 % من التغيرات في القيمة الإجمالية لمؤشر فوتسي 100 حدثت في أيام وقعت فيها أحداث اقتصادية أو جيوسياسية كبرى.
وتكبدت واحدة من كل أربع شركات من بين حوالي 3500 شركة عالمية تمت دراستها انخفاضاً بنسبة 5% أو أكثر في هامش ربحها بين عامي 2017 و2024 على أساس الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك خلال السنوات الثلاث الماضية.
الشركات الصينية والأميركية
أما لجهة الشركات الصينية، فقد عانت من أكبر صدمة في الأرباح، حيث تكبدت 40% من أصل 833 مجموعة شملها التحليل في البلاد خسائر إجمالية بلغت 73 مليار دولار قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك.
وفقاً للتحليل، كان أداء الشركات البريطانية أفضل، على الرغم من أن مجموعة أصغر بكثير، تتألف من 100 شركة، استوفت الحد الأدنى للإيرادات المطلوب للدراسة التي نشرت نتائجها صحيفة فايننشال تايمز يوم الاثنين 21 يوليو/ تموز.
وشهدت 14 شركة فقط انخفاضاً ملحوظاً في هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك، بخسارة إجمالية بلغت 2.5 مليار دولار في الأرباح خلال فترة السنوات الثلاث.
ومع ذلك، فقد تمكنت بعض الشركات من التكيف بشكل جيد مع المشهد الكلي المتغير، وتمكنت من تعزيز أرباحها لتتفوق على نظيراتها في القطاع.
التغلب على التقلبات
وجدت الدراسة أن مجموعة واحدة فقط من كل عشر مجموعات عالمية حققت هامش ربح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك في الربع الأعلى في عام 2014 تمكنت من الحفاظ عليه حتى عام 2024.
ومن بين الشركات البريطانية التي نجحت في التغلب على التقلبات الكلية ومواصلة زيادة أرباحها شركة نيكست لتجارة التجزئة للأزياء، ومجموعة المواد الكيميائية كرودا، وشركة التعدين ريو تينتو، ومجموعة الهندسة سبيراكس.
وفي الولايات المتحدة، تشمل الشركات التي زادت أرباحها قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك مقارنة بنظيراتها شركة كاتربيلر الرائدة في الصناعة، وشركة الخدمات اللوجستية يو بي إس، وشركات الأدوية فايزر وميرك، ومجموعة المستهلكين جونسون آند جونسون.
وتشير هذه النتائج المتفوقة، وفقا لبيرسون، إلى أن المناخ الجديد كان سببا في خلق رابحين وخاسرين على حد سواء. ويقول إن الشركات التي تمكنت من حماية أو تحقيق أعلى الهوامش “نجحت في تنويع محفظتها، وإدارة قاعدة تكاليفها، وتحديد وفهم التغييرات المختلفة في السياسات، وتحديث حوكمتها لتعكس عالماً مختلفاً”.