خسائر “حرب الأصول” بين موسكو والغرب تفوق نصف تريليون دولار
(سي ان بي سي)-29/03/2024
في خلال عامين، ومنذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير (شباط) عام 2022، جمد الغرب أصولا روسية تقدر بنحو 300 مليار دولار، فيما تكبدت الشركات الأجنبية أكثر من 107 مليارات دولار كخسائر في الأصول والإيرادات نتيجة مغادرتها لروسيا، بحسب تقديرات جديدة نشرتها رويترز يوم الخميس… بينما لا تزال الحصيلة مرشحة للزيادة إلى ما لا يقل عن نصف تريليون دولار من الأصول للطرفين.
وفي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد الكرملين أن الشركات الغربية التي تبيع أصولها في روسيا لن “تغادر مجاناً”، وسط تشديد موسكو للقيود على مثل هذه الشركات.
وخلال العامين الماضيين، غادرت مئات الشركات بالفعل روسيا، لكنها فقدت مليارات الدولارات في خضم تخفيضات هائلة للتخلص من أصولها. وفي المقابل فإن الحصيلة مرشحة للزيادة، إذ هددت موسكو مطلع العام الجاري، الغرب بخسائر تفوق 280 مليار دولار في حال مصادرة أصول روسيا المجمدة في الخارج.
وكانت وكالة الإعلام الروسية أوضحت أن بياناتها تظهر أن الاستثمارات المباشرة لكل من الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع في روسيا تفوق قيمتها نحو 288 مليار دولار بنهاية عام 2022.
وقامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بالفعل بحظر المعاملات مع البنك المركزي الروسي ووزارة المالية، ما أدى إلى تجميد ما يصل إلى 300 مليار دولار من الأصول السيادية الروسية لدى الغرب.
مبدأ “الحرب الاقتصادية” قيد التفعيل
وفي الخريف الماضي، أكد ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أن روسيا رغم انفتاحها على الاستثمار الأجنبي إلا أنها ستتعامل مع الشركات الغربية المنسحبة “بضغط من حكوماتها” وفق مبدأ “الحرب الاقتصادية”.
ووفق هذه القواعد التي فرضتها موسكو، يتعين موافقة لجنة حكومية روسية خاصة على أي اتفاق يشمل شركات من البلدان “غير الصديقة”، التي فرضت عقوبات على روسيا. كما يجب موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “شخصيا” على أي اتقاف في “القطاعات الحساسة” التي تشمل الطاقة والمالية والمصارف، مع بيع هذه الشركات لأصولها بتخفيض إلزامي يبلغ 50% من قيمة أصولها، ودفع ضريبة مغادرة تعادل 15% من قيمتها السوقية.
ويوم الخميس، أظهر تحليل أجرته رويترز لإيداعات الشركات وبياناتها، أن نزوح الشركات الأجنبية من روسيا منذ عام 2022، كلفها أكثر من 107 مليارات دولار من شطب أصول وخسارة في الإيرادات.
وقد زاد حجم الخسائر بمقدار الثلث منذ آخر إحصاء في أغسطس (آب) من العام الماضي، مما يؤكد حجم الصدمة المالية التي لحقت بعالم الشركات.
وقال إيان ماسي، رئيس قسم استراتيجيات المعلومات في شركة استشارات المخاطر العالمية “S-RM”: “مع استمرار الغزو الروسي وسط تعثر المساعدات العسكرية الغربية، وزيادة أنظمة العقوبات الغربية، فمن المرجح أن تواجه الشركات التي لا تزال تهدف إلى الخروج من روسيا المزيد من الصعوبات، وسيتعين عليها قبول عمليات شطب وخسائر أكبر”.
وأضاف ماسي أن الرئيس فلاديمير بوتين، الذي تمت إعادة انتخابه في فوز ساحق، لديه الآن تفويض متجدد لمواصلة المزيد من العزلة عن الغرب، بما في ذلك من خلال مصادرة أصول إضافية والضغط السياسي.
خروج الشركات من روسيا
وحتى مارس (آذار) الجاري، خرجت نحو 1000 شركة غربية من روسيا، بما في ذلك إعلان شركات مثل “Shell” و”HSBC” و”Yandex” عن بيع أصول تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 10 مليارات دولار بخصومات تصل إلى نحو 90%. إضافة إلى بيع أصول العام الماضي خاصة بشركات على غرار “Starbucks” و”McDonald’s” و”IKEA” و”Nissan” و”Renault” وغيرها.
ومن بين أحدث الخطوات المعلنة في هذا الاتجاه، كان إعلان “Danone” الفرنسية حصولها على موافقة تنظيمية للتخلص من أصولها في روسيا بخسارة تبلغ نحو 1.3 مليار دولار.
وبحسب تقرير سابق الخريف الماضي لصحيفة “نيويورك تايمز”، فقد تمكن بوتين من إدارة أحد أكبر عمليات نقل الثروة داخل روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، قالبا الدفة لصالحه عقب فرض العقوبات الغربية على موسكو؛ حيث تحولت الشركات الغربية الكبرى إلى أصول مملوكة لرجال أعمال روس في قطاعات واسعة.
وفي ربيع العام الماضي، أقر بوتين قانونا يسمح لشركات الطيران الروسية بالسيطرة على طائرات أجنبية مستأجرة، والتي تقدر بأكثر من 700 طائرة تفوق قيمتها السوقية 10 مليارات دولار.
لكن مئات الشركات الغربية لا تزال عالقة في المصيدة الروسية، حيث تتعرض لضغوط من جانب بلادها من جهة لوقف التعامل مع موسكو، فيما تواجه تضييقات ومصاعب في تحويل أموالها من روسيا. وتقف في موقف صعب بين الرضوخ لذلك أو التخلص بأي وسيلة من أصولها وبثمن بخس.
ووسط هذه المعركة المتصاعدة، تبحث مقترحات أوروبية جدلية توجيه عوائد الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا، وهي الخطوة التي حذرت موسكو من تبعاتها واصفة إياها بـ”اللصوصية”، فيما ترى مصادر أوروبية أنها خطوة شديدة الخطر إذ تهدد بتفشي موجة من العمليات الانتقامية وتهديد السلامة المالية على مستوى العالم.