فقاعة ديون محتملة في أميركا وسط إفلاسات مفاجئة بقطاع السيارات
(العربية)-30/09/2025
تشهد أسواق الائتمان في أميركا موجة إقبال قوية على سندات الشركات، ما يثير مخاوف متزايدة من تكوين فقاعة ديون جديدة. فالمستثمرون يواصلون ضخ الأموال في أدوات الدين، مدفوعين بتوقعات خفض أسعار الفائدة، غير أن إفلاسات مفاجئة مثل انهيار شركة Tricolor Holdings المتخصصة في تقديم قروض السيارات، وإفلاس أحد موردي قطع السيارات، زادت القلق حيال متانة السوق.
ورغم أن زيادة إصدارات السندات تعكس ثقة قوية، إلا أن محللين يحذرون من أن التقييمات المبالغ فيها قد لا تعكس حجم المخاطر الفعلية، خصوصًا مع تزايد حالات التعثر في قطاع الائتمان الخاص الذي يقترب حجمه من نحو تريليوني دولار.
أما المسار المستقبلي للسوق، فسيتحدد بدرجة كبيرة وفق اتجاهات التضخم وسوق العمل، وما إذا كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي سينجح عبر خفض الفائدة في تخفيف الضغوط عن المقترضين وتفادي موجة تعثر أوسع.
يواصل المستثمرون الرهان على سندات الشركات، رغم أن العائد منها يُعد من بين الأضعف خلال عقود.
وتشهد سوق الائتمان في أميركا نشاطًا كبيرًا، لدرجة أن البعض في وول ستريت يخشى من أن تكون السوق في حالة تضخم سعري تخفي تحتها مؤشرات خلل عميق. الإفلاسان المفاجئان لشركتين في قطاع السيارات – إحداهما شركة إقراض عالية المخاطر، والأخرى مورد لقطع السيارات – أعادا إثارة هذه المخاوف.
حتى الآن، لا توجد إشارات على تداعيات أوسع نطاقًا، لكن مجمل الظروف مثل التضخم المستمر وارتفاع حالات التعثر في الائتمان الخاص كافية لإثارة القلق بين المستثمرين المحترفين.
وقال هوارد ماركس، الشريك المؤسس في شركة Oaktree المتخصصة في الاستثمارات الائتمانية: “الأسوأ من القروض يُمنح في أفضل الأوقات”، في إشارة إلى خطورة المبالغة في التفاؤل.
وفي تقرير حديث لبنك باركليز، قارن محللو السندات عالية العائد الوضع الحالي بما يشبه “غرفة القمامة في فيلم حرب النجوم”، حيث تتقلص المساحة من جميع الجهات على الأميرة ليا وهان سولو، في استعارة تعبر عن الضغوط المتراكمة في السوق.
أحد أبرز المخاوف هو أن الإقراض للمقترضين عاليي المخاطر استمر في النمو، بدءًا من السندات التقليدية ثم عبر صيغ الائتمان الخاص وعودة أدوات الدين المعقدة المدعومة بالأصول. كلما طال أمد طفرة الائتمان، زادت احتمالات ارتفاع حالات التخلف عن السداد. وكذلك، كلما ارتفعت تقييمات سندات وقروض الشركات، أصبحت أكثر عرضة لانخفاضات حادة.
يعتمد مصير السوق على مسار الاقتصاد الأميركي. ويرى بعض المستثمرين أن البيئة الحالية قد تستمر إذا تراجعت ضغوط التضخم ولم يشهد سوق العمل تدهورًا، ما يمنح الفيدرالية فرصة لتحفيز النشاط الاقتصادي عبر خفض الفائدة وتخفيف العبء عن المقترضين.
ومع ذلك، هناك من يرى أن الأسواق تعيش حالة “انتظار السقوط”. يقول جو أوث، رئيس قسم السندات في شركة GMO: “كنت أظن أن سبتمبر سيكون صعبًا، لكنني أخطأت. لا أفهم كيف يظل كل شيء متماسكًا إلى هذا الحد. الأمر غريب”.
تنبع المخاوف الأساسية في وول ستريت من أن التقييمات المرتفعة لسندات الشركات قد تخفي مبالغات في التسعير ولا تكافئ المستثمرين بما يكفي مقابل المخاطر. وهذا يتجلى في انخفاض العائد الإضافي – أو الفارق – الذي يحصل عليه المستثمرون مقابل الاحتفاظ بسندات الشركات مقارنة بسندات الخزانة الأميركية الآمنة، حيث انخفض هذا الفارق إلى 0.74 نقطة مئوية في سبتمبر/أيلول، وهو أدنى مستوى له منذ عام 1998. أما بالنسبة لسندات الخردة، فبلغ الفارق نحو 2.75 نقطة مئوية، قرب المستوى القياسي المتدني المسجل عام 2007.
ترتفع أسعار السندات لأن المستثمرين – من متقاعدين أفراد إلى صناديق معاشات ضخمة – يتوقعون أن العوائد ستواصل الانخفاض إذا واصلت الفيدرالية خفض أسعار الفائدة. ورغم أن الفائدة الحالية أقل قليلاً من مستويات 2007، فإنها لا تزال أعلى من المستويات المتدنية جدًا التي شهدها العقد الماضي. ويأمل المستثمرون في تثبيت العائد الحالي، ما يغذي الطلب المستمر.