لاغارد: التضخم قرب الهدف والاقتصاد أظهر مرونة رغم التحديات
(الشرق الاوسط)-31/10/2025
قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن مجلس الإدارة قرر اليوم الإبقاء على أسعار الفائدة الثلاثة الأساسية دون تغيير. وأضافت أن معدل التضخم لا يزال قريباً من الهدف المتوسط المدى البالغ 2 في المائة، وأن تقييم البنك لآفاق التضخم لم يشهد تغيّراً كبيراً. وأوضحت أن الاقتصاد واصل النمو رغم التحديات التي تواجه البيئة العالمية، مشيرةً إلى أن قوة سوق العمل، وميزانيات القطاع الخاص الصلبة، وخفض أسعار الفائدة السابق، تظل مصادر رئيسية للمرونة الاقتصادية. ومع ذلك، أكدت أن التوقعات لا تزال غير مؤكدة بسبب النزاعات التجارية العالمية المستمرة والتوترات الجيوسياسية.
وأضافت: «نحن عازمون على ضمان استقرار التضخم عند هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط. وسنتبع نهجاً يعتمد على البيانات وبالاجتماع تلو الآخر لتحديد موقف السياسة النقدية المناسب. وبصفة خاصة، ستستند قرارات أسعار الفائدة لدينا إلى تقييمنا لآفاق التضخم والمخاطر المحيطة به، مع الأخذ بعين الاعتبار البيانات الاقتصادية والمالية الجديدة، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار محدد لأسعار الفائدة».
وحسب لاغارد، نما الاقتصاد بنسبة 0.2 في المائة في الربع الثالث من هذا العام، وفقاً للتقديرات الأولية السريعة التي نشرتها «يوروستات». وواصل قطاع الخدمات النمو، مدعوماً بقطاع السياحة القوي، وبالأخص بارتفاع الخدمات الرقمية. وتشير الاستطلاعات إلى أن هذا الانتعاش يعكس جهود العديد من الشركات لتحديث البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات ودمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها. في المقابل، عُوقب قطاع التصنيع بارتفاع الرسوم الجمركية، واستمرار حالة عدم اليقين، وقوة اليورو.
ومن المرجح أن يستمر التباين بين الطلب المحلي والخارجي في المدى القريب. ويجب أن يستفيد الاقتصاد من زيادة إنفاق المستهلكين مع ارتفاع الدخل الحقيقي. لا يزال معدل البطالة، البالغ 6.3 في المائة في سبتمبر (أيلول)، قريباً من أدنى مستوياته التاريخية، رغم تراجع الطلب على العمالة. وتواصل الأسر الادخار بنسبة غير معتادة من دخلهم، مما يمنحهم هامشاً أكبر لزيادة الإنفاق مستقبلاً. ومن المتوقع أن تدعم الاستثمارات النفقات الحكومية الكبيرة على البنية التحتية والدفاع، بالإضافة إلى خفض أسعار الفائدة السابق.
من ناحية أخرى، من المرجح أن تظل البيئة العالمية عبئاً على الاقتصاد. فقد انخفضت صادرات السلع من مارس (آذار) إلى أغسطس (آب)، معكوسةً التقدم السابق قبل الزيادة الأخيرة في الرسوم الجمركية. وتشير أوامر التصدير الجديدة في قطاع التصنيع إلى مزيد من الانخفاضات. وسيظهر التأثير الكامل للرسوم الجمركية الأعلى على صادرات منطقة اليورو واستثمارات التصنيع بمرور الوقت.
وقالت لاغارد: «يشدد مجلس الإدارة على الحاجة الملحة إلى تعزيز منطقة اليورو واقتصادها في ظل البيئة الجيوسياسية الحالية، ويرحب بتأكيد قادة الاتحاد الأوروبي على هذا الهدف في قمة اليورو الأسبوع الماضي. يجب أن تعزز السياسات المالية والهيكلية الإنتاجية والتنافسية والمرونة. ومن الضروري تنفيذ خريطة طريق التنافسية التي وضعتها المفوضية الأوروبية بسرعة. وينبغي أن تعطي الحكومات الأولوية للإصلاحات الهيكلية التي تعزز النمو والاستثمار الاستراتيجي، مع الحفاظ على مالية عامة مستدامة. كما أنه من المهم تعزيز اندماج أسواق رأس المال من خلال استكمال اتحاد الادخار والاستثمار، واتحاد البنوك وفق جدول طموح، وتبني تنظيم إنشاء اليورو الرقمي بسرعة.
التضخم
أما فيما يتعلق بالتضخم، فقد ارتفع المعدل السنوي إلى 2.2 في المائة في سبتمبر، مقارنة بـ2 في المائة في أغسطس، ويرجع ذلك أساساً إلى انخفاض أسعار الطاقة بوتيرة أقل من السابق. وسجلت أسعار الطاقة تضخماً سالباً بنسبة -0.4 في المائة في سبتمبر، مقارنة بـ-2 في المائة في أغسطس. وفي الوقت نفسه، تراجع تضخم أسعار الغذاء إلى 3 في المائة في سبتمبر، مقابل 3.2 في المائة في أغسطس. أما التضخم باستثناء الغذاء والطاقة فقد ارتفع إلى 2.4 في المائة، مقابل 2.3 في المائة في أغسطس، مع ارتفاع تضخم الخدمات من 3.1 في المائة إلى 3.2 في المائة، بينما ظل تضخم السلع ثابتاً عند 0.8 في المائة.
وأضافت لاغارد: «تظل مؤشرات التضخم الأساسي متوافقة مع هدفنا المتوسط المدى البالغ 2 في المائة. وبينما تتعافى أرباح الشركات، من المتوقع أن تتراجع تكاليف العمالة بفضل زيادة الإنتاجية وتباطؤ نمو الأجور. وتشير المؤشرات المستقبلية، مثل مؤشر الأجور للبنك المركزي الأوروبي واستطلاعات توقعات الأجور، إلى تباطؤ نمو الأجور خلال ما تبقى من العام والنصف الأول من 2026. وتستمر معظم مقاييس توقعات التضخم طويلة الأجل في التماسك عند نحو 2 في المائة، مما يدعم استقرار التضخم حول هدفنا».
تقييم المخاطر
أشارت لاغارد إلى أن اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الذي تم الصيف الماضي، والهدنة المعلنة مؤخراً في الشرق الأوسط، والإعلان عن تقدم في المفاوضات التجارية الأميركية الصينية، جميعها ساهمت في تخفيف بعض المخاطر السلبية على النمو الاقتصادي.
في المقابل، قد يؤدي استمرار البيئة التجارية العالمية المتقلبة إلى تعطيل سلاسل الإمداد، وإضعاف الصادرات، والضغط على الاستهلاك والاستثمار. وقد يؤدي تدهور الثقة في الأسواق المالية إلى تشديد شروط التمويل وزيادة النفور من المخاطر وإبطاء النمو. وتظل التوترات الجيوسياسية، لا سيما الحرب غير المبررة لروسيا ضد أوكرانيا، مصدراً رئيسياً للقلق.
على الجانب الإيجابي، يمكن أن ترفع النفقات الدفاعية والاستثمارية الأعلى من المتوقع، جنباً إلى جنب مع الإصلاحات التي تعزز الإنتاجية، مستوى النمو. ويمكن لتحسن ثقة الأعمال أن يحفز الاستثمار الخاص. وقد تؤدي خفوت التوترات الجيوسياسية أو تسوية النزاعات التجارية المتبقية بشكل أسرع من المتوقع إلى رفع معنويات السوق وتحفيز النشاط الاقتصادي.
وتظل توقعات التضخم متقلبة بسبب عدم اليقين التجاري العالمي، وقوة اليورو، وتقلب الأسواق، بينما قد يرفع الإنفاق الدفاعي والاستثماري والاضطرابات المناخية الأسعار على المدى المتوسط.

 
  
  
 