مستثمرو الذهب يواصلون الاندفاع لحصد المكاسب ويتجاهلون العواقب
(البيان)-20/03/2025
أين يمكن للمستثمرين تحقيق أرباح مجزية في عام 2025؟ لقد شهدت أسهم قطاع الدفاع، وشركات الإنترنت الصينية، وشركة «بيركشاير هاثاواي» التابعة لوارن بافيت، أداءً متفوقاً على السوق. ومع ذلك، يظل الذهب ملاذاً آمناً جذاباً في أوقات عدم اليقين.
وقد تجاوز المعدن الثمين حاجز 3,000 دولار أمريكي للأوقية، تماماً مثلما تخطى عتبة 1,000 دولار في الأزمة المالية لعام 2008 و2,000 دولار أثناء جائحة كورونا بعد 12 عاماً. ومن غير المرجح أن يتلاشى بريقه قريباً، إذ يُمثل المعدن الأصفر حاجزاً وقائياً ضد الأزمات الجيوسياسية والتضخم، فضلاً عن كونه أصلاً غير مدرّ للعوائد، ما يجعله مستفيداً بارزاً من انخفاض أسعار الفائدة.
وهناك ثلاث قوى رئيسة تعيد تشكيل النظام الاقتصادي العالمي بسرعة غير مسبوقة، في وقت تتهاوى فيه النظم والقواعد التقليدية التي استقرت عليها الأسواق لعقود، مع تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأفكار استثنائية تشبه في جوهرها الاستعمار بثوب معاصر، وتفكيك جهاز الخدمة المدنية، وفرض رسوم جمركية قاسية إلى جانب فرض تعريفات جمركية صارمة قد تجرّ الاقتصاد الأمريكي نحو الركود. وقد أدت حالة عدم اليقين هذه إلى زيادة احتياطات الذهب الأمريكية بأكثر من الضعف منذ الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
مع ذلك، يمكن لهذا الاندفاع أن يشهد تباطؤاً بمجرد وصول المخزونات إلى الحد الأقصى، إلا أن الثقة بالذهب كأصل آمن تظل ثابتة، وخاصة مع تقلبات العملات والأسواق المالية. وفي الشهر الماضي، سارع المحللون إلى رفع توقعاتهم لأسعار الذهب، وهم يواصلون تعديلها مجدداً، حيث تتوقع «غولدمان ساكس» أن يصل سعر الذهب إلى 3,100 دولار للأونصة بحلول نهاية العام، بينما ترى مؤسسات أخرى أن هذا الهدف قد يتحقق في غضون أشهر قليلة.
ويُعزى ذلك إلى زيادة الطلب من مجموعات متنوعة من المشترين، ولا سيما البنوك المركزية، التي اشترت أكثر من 1,000 طن من الذهب سنوياً في السنوات الثلاث الماضية. وتشير البيانات إلى أن البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تتبع النهج نفسه الذي سلكته الاقتصادات المتقدمة، حيث تسعى إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي من خلال تعزيز احتياطاتها من الذهب.
وكان العام الماضي قد شهد تفوق المستثمرين الأفراد على البنوك المركزية بشرائهم 1,180 طناً من الذهب، معظمها في صورة سبائك وعملات معدنية. وفي الوقت نفسه، عكست الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب اتجاهها بعد ثلاث سنوات من التدفقات الخارجة، محققة تدفقات صافية بلغت 9.4 مليارات دولار الشهر الماضي.
وحري بنا متابعة التطورات المحتملة في الصين والولايات المتحدة، حيث قد يشهد السوق دخول فئات جديدة من المستثمرين. ففي الصين، أعلنت الحكومة الشهر الماضي عن مشروع تجريبي يسمح لعشر شركات تأمين بشراء الذهب. وفي الولايات المتحدة، قد يؤدي مشروع قانون تم اقتراحه يوم الجمعة الماضي، في حال إقراره، إلى توجيه نسبة صغيرة من تريليونات الدولارات التي تديرها صناديق الاستثمار المشترك نحو الذهب.
وتتميز فئة المستثمرين في الذهب بالحذر الشديد، غير أن التاريخ يؤكد صحة توجهاتهم الاستثمارية. ففي فترات زمنية مختلفة – سواء على مدى عام أو ثلاثة أعوام أو حتى عشرة أعوام – حققت عوائد الذهب أداءً متفوقاً مقارنةً بمعظم فئات الأصول الأخرى. ووفقاً لمجلس الذهب العالمي، فقد سجلت السبائك عائداً سنوياً متوسطاً قدره 8% منذ التخلي عن معيار الذهب في عام 1971.
وحتى الأصول المصممة للتحوط ضد المخاطر قد تحمل في طياتها بعض المخاطر، ومن بينها احتمال أن يكون المستقبل أقل تقلباً مما هو متوقع. وعلى العكس من ذلك، فإن شركات مثل «راينميتال» و«علي بابا» و«بيركشاير هاثاواي» توفر تدفقات نقدية مستقبلية، وهو عنصر يفتقر إليه الذهب. غير أنه في بيئة اقتصادية تشهد صدمات متكررة، تبقى الأصول القادرة على امتصاص التقلبات هي الأكثر جاذبية.