حاجة ماسة لإطلاق وكالة تصنيف ائتماني أفريقية
(البيان)-31/10/2024
تصدرت أزمة الديون في أفريقيا جدول أعمال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الأسبوع الماضي، لا سيما مع معاناة نحو 20 دولة أفريقية ذات دخل منخفض من الإفلاس أو تعرضها لخطر العجز عن سداد الديون.
فقد أدى ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ الاقتصاد إلى تعقيد الجهود الرامية إلى خفض مستويات الديون بعد الجائحة في جميع أنحاء القارة.
ويعتقد صناع السياسات في المنطقة أن «علاوة أفريقيا» تشكل جزءاً من المشكلة، زاعمين أنها عبء إضافي يفرض على الدول عند الحصول على التمويل، لمجرد كونها أفريقية. ويرون أن ذلك يرجع إلى التصنيفات الائتمانية المتحيزة وغير الدقيقة التي تقدمها وكالات التصنيف الأمريكية الثلاث الكبرى، ستاندرد آند بورز جلوبال وموديز وفيتش، التي تهيمن على 95% من سوق التصنيف العالمية.
وخلال السنوات الأخيرة، أعرب وزراء المالية في أفريقيا بشكل متزايد عن مخاوفهم حيال تصنيفاتهم الائتمانية، ودعوا إلى إنشاء وكالة تصنيف خاصة بالقارة.
وخلال هذا الأسبوع، سيجتمع خبراء إقليميون في نيروبي لمناقشة سبل تعزيز التقييمات الائتمانية في جميع أنحاء القارة. ويتوقع الاتحاد الأفريقي إطلاق وكالة التصنيف الائتماني الأفريقية (AfCRA)، التي يجري التخطيط لها منذ عام 2022، في العام المقبل.
وتواجه الدول الأفريقية عادة تكاليف رأس مال أعلى نسبياً من نظيراتها التي تتمتع بظروف اقتصادية مماثلة، ومع ذلك من الصعب تحديد ما إذا كانت هذه العلاوة تعكس تصورات خاطئة أو حقائق متعلقة بمخاطر سياسية خاصة وتحديات اقتصادية هيكلية.
بينما تؤكد وكالات التصنيف أنها تطبق الإطار الصارم الخاص باستدامة القدرة على تحمل الدين على جميع الدول السيادية، سواء أكانت أفريقية أم لا.
لكن هذا لا يعني أن مخاوف صناع السياسات في أفريقيا لا أساس لها من الصحة، فالتصنيفات الائتمانية لا تكون عادة دقيقة، وقد أدخلت الوكالات الثلاث الكبار تغييرات سريعة على التقييمات الائتمانية في الماضي.
وتجمع وكالات التصنيف بين التحليل الاقتصادي، باستخدام مؤشرات مثل النمو الاقتصادي، ومعدل الدين، والاحتياطيات الأجنبية، مع تقييم نوعي للسياسات والمؤسسات والديناميكيات السياسية والجيوسياسية، وجميع هذه العوامل قد تؤثر في الأهلية الائتمانية.
لكن جودة وموثوقية البيانات الوطنية في أفريقيا ضعيفة، كما أن الوكالات الثلاث لها حضور محدود داخل القارة، ما يثير الشكوك حول قدرتها على إجراء تقييمات شاملة.
وهذا يشير إلى أنه حتى في غياب التحيز المنهجي ضد الدول الأفريقية، قد تظل هناك أوجه قصور في منهجيات تصنيفها. ووفقاً لتقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال العام الماضي، يمكن للدول الأفريقية توفير ما يصل إلى 75 مليار دولار من مدفوعات الفائدة الإضافية والقروض المتنازل عنها إذا استندت الوكالات في تصنيفاتها إلى نموذج ائتماني أكثر «موضوعية».
لكن إطلاق وكالة تصنيف ائتماني تقودها أفريقيا ليس الحل الوحيد الناجع. أولاً: تشمل الأسباب الرئيسة التي تسهم في مديونية القارة سوء الإدارة، والافتقار إلى عمق السوق، والتعقيدات المرتبطة بإعادة هيكلة القروض.
ومن السهل إلقاء اللوم على وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى. ثانياً: تعتمد قدرة أي دولة على سداد ديونها على عوامل تتجاوز النماذج الاقتصادية، وهذا يعني أن القرارات المتعلقة بالديناميكيات السياسية دائماً ضرورية.
وقد تفقد وكالة التصنيف الائتماني الأفريقية AfCRA مصداقيتها لدى المستثمرين إذا اعتبرت محابية بدرجة كبيرة للدائنين المحليين، لذا سيكون بناء الثقة أمراً حاسماً، خاصة أن أغلب رأس المال يتدفق من خارج القارة.
وقد تكون ثمة مزايا لوكالة التصنيف الائتماني الأفريقية إذا تم إعادة توجيهها لتحسين جودة البيانات الإقليمية ومشاركة تحليلاتها مع الوكالات القائمة. وحري بالوكالات الثلاث الكبرى أن تعزز حضورها في القارة الفتية سريعة النمو التي تجتذب المزيد من اهتمام المستثمرين. وتواجه أفريقيا فجوة استثمارية ضخمة للتصدي لتغير المناخ وتعزيز الإنتاجية، ما يؤكد الحاجة إلى تكاليف تمويل عادلة ودقيقة.
وحتى لو أصبحت تقييمات الائتمان الأفريقية أكثر تفصيلاً، فستظل العوامل الرئيسية وراء ارتفاع تكاليف الاقتراض قائمة. ويتعين على وزراء المالية الإقليميين عدم الانشغال عن الإصلاحات المالية العامة المهمة وإن كانت صعبة.
والتي تشمل تحسين تحصيل الضرائب والتخلص التدريجي من الإعانات المهدرة، فضلاً عن مواصلة الجهود الرامية إلى إعادة هيكلة الديون المتعددة الأطراف. ولا شك أن حل المشكلات المتعلقة بالتدفقات النقدية في القارة سيحتاج إلى أكثر من إنشاء وكالة أفريقية للتصنيف الائتماني.