تدابير التحفيز الإقتصادي ستدعم إعتدال معدّلات النمو
«قطر الوطني» يتوقع نمواً إقتصادياً قوياً للصين في العام 2024
توقع بنك قطر الوطني QNB أن تحقق الصين نمواً إقتصادياً قوياً في العام الجاري 2024، مدعوماً بإلتزام الحكومة الصينية تحقيق معدلات نمو أقوى، ووجود مساحة أكبر في السياسة النقدية لخفض أسعار الفائدة، ودورة التصنيع العالمية الأكثر دعماً، حيث تدعم جميعها التوسع الإقتصادي لتحقيق معدّل نمو قريب من المعدل المستهدف الرسمي البالغ 5 %.
وأشار البنك في تقريره إلى أن تدابير التحفيز الإقتصادي ستدعم إعتدال معدّلات النمو في الصين خلال العام الجاري، لافتاً إلى التشاؤم السائد حيال الأداء الصيني بين المستثمرين والإقتصاديين والمحللين، ويتضح ذلك في إجماع توقعات بلومبرغ، والتي تشير إلى أن الصين ستحقق نمواً فاتراً تبلغ نسبته 4.6 % في العام 2024، أي أقل بمقدار 60 نقطة أساس من النمو المحقق في العام 2023.
وأفاد التقرير أن هذه التوقعات تأتي في أعقاب فترة من الرياح المعاكسة السلبية التي واجهت الصين، وشملت التوقف المفاجئ للزخم بعد الموجة الأخيرة من جائحة «كوفيد-19» في الصين في العام 2022، وأزمة القطاع العقاري، وتراجع سياسات التحفيز الإقتصادي، والركود العميق في قطاع التصنيع العالمي، وعدم اليقين السائد في القطاع الخاص بسبب القيود التنظيمية الصارمة المفروضة على شركات الإبتكار.
وأضاف التقرير: رغم الرياح المعاكسة والتوقعات السلبية، هناك مجال للتفاؤل المعتدل حيال النمو الإقتصادي للصين، وهناك 3 عوامل تدعم تحقيق البلاد معدل نمو أعلى من التوقعات تبلغ نسبته 5% في العام 2024.
وأوضح التقرير أن أول هذه العوامل هو إعلان الحكومة الصينية مؤخراً، أن تحقيق نمو بنسبة 5% في الناتج المحلي الإجمالي يمثل هدفاً إقتصادياً رئيسياً هذا العام، وهو ما يشير إلى أنها ستتخذ تدابير إقتصادية أكثر جرأة في الفترة القادمة، ويأتي هذا على خلفية تزايد قلق صنّاع السياسات الصينيين حيال تباطؤ الإقتصاد المحلي، مشيراً إلى أن السلطات الصينية قد تكون أصبحت حريصة الآن على تغيير سياستها تجاه الإقتصاد الكلي من الحياد إلى الدعم أو التيسير، وقد إقتصرت التدابير الاقتصادية حتى الآن على بضع جولات من خفض أسعار الفائدة، وضخ السيولة، والإنفاق المحدود على مشاريع البنية التحتية، لكن يبدو أن التصريحات الأخيرة الصادرة عن السلطات المالية والنقدية تؤيد أهداف النمو الأكثر قوة للحكومة.
وعلى الصعيد المالي، حدّدت الحكومة الصينية نسبة العجز العام في الميزانية عند 6.6 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا أعلى بكثير من توقعات السوق. كما أنه لا تزال لدى الحكومة المركزية والحكومات المحلية موارد غير مستغلة من العام الماضي، يمكن إستخدامها في العام 2024، مما قد يزيد العجز المالي الفعلي إلى 7.7 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا من شأنه أن يشكل دافعاً مالياً كبيراً. وفي ما يخص السياسة النقدية، أشار مسؤولون من بنك الشعب الصيني، البنك المركزي للبلاد، إلى إتخاذ تدابير تيسيرية إضافية خلال الأشهر المقبلة.
أما العامل الثاني ، بحسب البنك، فيتمثل في أنه من المتوقع أن تؤدي بداية دورة تيسير السياسة النقدية في الولايات المتحدة في وقت لاحق من هذا العام إلى دعم قيام بنك الشعب الصيني بتقديم جولة أكثر قوة من التحفيزات، وبمجرد أن يبدأ الإحتياطي الفيدرالي الأميركي في خفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أكثر من 4 سنوات، سيكون لدى بنك الشعب الصيني مساحة أكبر لإجراء مزيد من التيسير في السياسة النقدية دون إيجاد دوافع إضافية لتدفق رؤوس الأموال إلى خارج الصين؛ ففي السنوات الأخيرة، تغيّر الفارق في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والصين بشكل كبير لصالح الأولى، حيث إجتذبت العائدات المرتفعة في الولايات المتحدة تدفقات رؤوس الأموال من بقية العالم، بما في ذلك الصين، وأدى هذا الأمر إلى ضغوط على الرنمينبي (اليوان)، الذي تراجعت قيمته بنسبة 14.3 % منذ ذروته الأخيرة في فبراير/ شباط 2022. وبما أن إستقرار سعر الصرف الأجنبي هو أحد أهداف السياسة النقدية لبنك الشعب الصيني، فإن السلطات النقدية لم تكن قادرة على تقديم دعم أكبر للإقتصاد الصيني المتراجع، ومن ثم، فإن دورة التيسير التي يقوم بها بنك الاحتياطي الفيدرالي من شأنها أن تطلق العنان لمزيد من التحفيز النقدي من بنك الشعب الصيني، مما يوفر رياحاً خلفية داعمة للإقتصاد الصيني.
وفي خصوص ثالث العوامل، توقع التقرير أن يكون قطاع التصنيع أكثر دعماً للنمو الإقتصادي في الصين خلال الأشهر المقبلة. فبعد الركود في القطاع العالمي الذي كان عميقاً وإستمر لفترة طويلة منذ العام 2022، يُتوقع حدوث تحول إيجابي نحو دورة التوسع.