الإجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يصل حجم الدين العالمي
إلى 93 % من الناتج المحلي العالمي في حلول نهاية العام 2024
إنعقدت أعمال الإجتماعات السنوية لصندوق النقد ومجموعة البنك الدوليين في العاصمة الأميركية في واشنطن، بمشاركة نخبة من عالم الإقتصاد والمال من القطاعين العام والخاص، إلى جانب ممثلين للمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية. وشكلت هذه الإجتماعات، التي إنعقدت في ظروف إقتصادية إتسمت بالتحدّيات وعدم اليقين، إطاراً لمناقشة القضايا المتعلقة بالتضخُّم والديون والثورة التكنولوجية، فضلاً عن التغيُّرات المناخية.
كذلك جاءت هذه الإجتماعات، وسط حالة من الضبابية حيال الإقتصاد العالمي، حيث تخيّم الإضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا وتباطؤ الإقتصاد الصيني والمحاذير من نتائج الانتخابات الأميركية على أجندة المشاركين في هذه الإجتماعات، في حضور أكثر من 10 آلاف مشارك من وزارات المالية والبنوك المركزية ومنظمات المجتمع المدني والذين إلتقوا في واشنطن لبحث الجهود الدولية الخاصة بتعزيز النمو والتعامل مع مختلف الأزمات.
وقد قام صندوق النقد الدولي بتحديث توقعاته حيال النمو العالمي، وقد إستبقت مديرة صندوق النقد كريستالينا غورغيفا ذلك بالإشارة إلى هذه التوقعات، والتي قد تكون متواضعة، ولا سيما على المدى المتوسط مع توقعات أكثر قتامة على المدى البعيد.
وبالمناسبة، توقع صندوق النقد الدولي أن يصل حجم الدين العالمي إلى 93 % من الناتج المحلي العالمي في حلول نهاية العام 2024.
غورغيفا: نمو باهت
وفي كلمة، عشية إنعقاد المؤتمر، أكدت كريستالينا غورغيفا، «أن التعاون الدولي وتعزيز الثقة يشكلان السبيل الوحيد من أجل منع المزيد من التصدُّع في بنيان الإقتصاد العالمي». وأعربت غورغيفا عن الأسف «لكوننا نعيش في عالم متشرذم، تنعدم فيه الثقة، وبات فيه الأمن القومي على رأس إهتمامات العديد من البلدان»، داعية الدول الأعضاء إلى العمل معاً «في هذه الأوقات المضطربة».
وأشارت غورغيفا، إلى توقعات باهتة، قائلة: «إن العالم، الذي يعاني إرتفاع الديون، يتجه نحو نمو بطيء في الأمد المتوسط»، وأشارت إلى «مستقبل صعب». ومع ذلك، فإنها قالت إنها «ليست متشائمة للغاية» حيال التوقعات، بالنظر إلى جيوب المرونة، خصوصاً في الولايات المتحدة والهند، اللتان تعوّضان الضعف المستمر في الصين وأوروبا.
تخلُّف عن سداد الديون
وفي حين أن حالات التخلُّف عن سداد الديون بين البلدان الفقيرة ربما بلغت ذروتها، فإن المشاركين ناقشوا في الإجتماعات السنوية المشكلة المتنامية المتمثلة في ندرة السيولة، التي تُجبر بعض الأسواق الناشئة المثقلة بتكاليف خدمة الديون المرتفعة على تأخير إستثمارات التنمية مع انكماش المساعدات الخارجية.
ورغم جدار القلق، فقد ركز مسؤولو البنك وصندوق النقد الدوليين على العمل الجاري في الإجتماعات، التي تزامنت مع الذكرى الـ 80 لتأسيس المؤسستين في العام 1944 في غابات «بريتون وودز»، في نيو هامبشاير، الولايات المتحدة الأميركية.
بانغا
وبالنسبة إلى رئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، فإن هذا يعني إيجاد السبل لتسريع الإستعدادات للمشروعات لإستخدام القدرة الموسعة للبنك على الإقراض وصقل بطاقة أداء جديدة تهدف إلى تحسين نتائج التنمية. وقال بانغا: «إن العالم هو العالم الآن، وبدلاً من إستخدام الإجتماعات لمراجعة ما يبدو أننا نعرفه بالفعل، وهو الإعجاب بالمشكلة، أود أن أستغل الإجتماعات السنوية لتنفيذ شيء ما حيال ما يُمكننا فعله بصفتنا مؤسسات».
أجندة الحدث
وتضمّنت أجندة هذا الحدث عدداً من الإجتماعات والموائد المستديرة، حيث تناولت جملة من القضايا المتعلقة بسبل مواجهة آثار الأزمات، وأهمية إعادة بناء الفضاء السياسي، والحفاظ على التكامل من أجل تحفيز التبادلات والتعاون الفعّال.
كما ناقشت الإجتماعات، ديناميات الإقتصاد الغذائي والتنمية المستدامة والأسواق المالية العالمية. وشكلت هذه الإجتماعات، مناسبة لتقديم عدد من التقارير حول الوضع الراهن وآفاق الإقتصاد العالمي. علماً أن الإجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين تنعقد لسنتين متتاليتين في واشنطن، وفي أحد البلدان الأعضاء في السنة الثالثة. وفي العام 2023، إستضافت مراكش (المملكة المغربية) هذا الحدث البارز، الذي إلتأم خلاله حوالي 14 ألف مشارك مثّلوا 189 وفداً، من بينهم وزراء للمالية والتنمية، وكبار مسؤولي هاتين المؤسستين الماليتين الدوليتين، ومحافظو بنوك مركزية، وبرلمانيون، ومسؤولون من القطاع الخاص، فضلاً عن ممثلي منظمات المجتمع المدني وجامعيين.
هشام عكاشة رئيساً لبنك مصر ومحمد الإتربي للبنك الأهلي
شهدت مجالس إدارات البنوك المصرية الكبرى تغييرات مرتقبة في مناصب قيادية، شملت تبادل مراكز بين أكبر مصرفين حكوميين في مصر، بتولي محمد الإتربي، رئيس مجلس إدارة بنك مصر، منصب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للبنك الأهلي المصري، وتولّي هشام عكاشة رئيس البنك الأهلي المصري منصب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك مصر.
وشملت حركة التغييرات تعيين أحمد عيسى، وزير السياحة السابق في منصب نائب رئيس بنك مصر، وسهى التركي نائبة رئيس مجلس الإدارة والمديرة المالية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في منصب نائب رئيس البنك الأهلي المصري.وينتظر القطاع المصرفي المصري تلك التغييرات منذ سبتمبر/ أيلول 2023، مع إنتهاء المدد القانونية لمجالس إدارات البنوك، فيما تم التمديد لها إلى حين مناقشة القوائم المالية لعام 2023.
وجاءت التغييرات مفاجئة بعض الشيء، نظراً إلى تبادل المراكز بين أكبر مصرفين حكوميين، وهو تغيير لم يشهده القطاع المصرفي قبلاً.يُذكر أن محمد الإتربي تولى رئاسة مجلس إدارة بنك مصر في العام 2015، فيما تولى هشام عكاشة رئاسة مجلس إدارة البنك الأهلي في العام 2013.
«الأهلي المصري» يرعى أول غرفة تفاعلية دائمة للتوعية بالأمن السيبراني
إفتُتحت أول غرفة تفاعلية دائمة للتوعية بالأمن السيبراني في مصر تحت مسمّىCyber security escape room برعاية إستراتيجية من البنك الأهلي المصري وذلك داخل مبنى معهد تكنولوجيا المعلومات ITI في العاصمة الإدارية الجديدة، بهدف ترسيخ أهمية الامن السيبراني لدى المواطنين، ومعرفة كيفية حماية بياناتهم، إضافة إلى كيفية التصدي لطرق الإحتيال، في حضور هشام عكاشه رئيس مجلس إدارة «الأهلي المصري»، وعدد من مسؤولي البنك، وفرق العمل المتخصصة من معهد تكنولوجيا المعلومات والمجلس الأعلى للأمن السيبراني وقطاع الأمن السيبراني والتكنولوجيا في البنك الأهلي المصري، ومجموعة من الشباب خرّيجي المتدربين ضمن إتفاقية التعاون بين «الأهلي المصري» ومعهد تكنولوجيا المعلومات في مجال الأمن السيبراني.
تعاون مشترك بين «الأهلي المصري» وجمعيته الخيرية والصحة والسكان
من جهة أخرى، وقع البنك الأهلي المصري، وجمعيته الخيرية بروتوكولي تعاون مشترك مع وزارة الصحة والسكان بهدف دعم منظومة القطاع الصحي في مصر، يستهدف البروتوكول الأول المعاونة في تشغيل 5 مجمعات للرعاية المركزة ورعاية الحالات الحرجة التابعة لمستشفيات وزارة الصحة والسكان بإجمالي عدد 300 سرير، مما يساهم في القضاء على قوائم الإنتظار ورفع كفاءة الرعاية المركزة وتقليل مدد الإنتظار وبالتالي تقليل عدد الوفيات؛ كما يستهدف البروتوكول الثاني توجيه الدعم اللازم للمساهمة في علاج مرضى الفشل الكلوي.
بروتوكول تعاون بين «الأهلي المصري» والهيئـة القوميـة للتأميـن الاجتماعـي
على صعيد آخر، وقع البنك الأهلي المصري بروتوكول تعاون مع الهيئـة القوميـة للتأميـن الاجتماعـي بالتعاون مع شركة فوري وذلك في مقر الهيئة القومية للتأمين الإجتماعي بالعاصمة الإدارية، في حضور اللواء جمال عوض رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ويحيى أبو الفتوح نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، وأشرف صبري الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة فوري، وفرق العمل المتخصصة من جانب «الأهلي المصري» وهيئة التأمينات الإجتماعية وشركة فوري، حيث يستهدف البروتوكول ميكنة مدفوعات ومتحصلات الهيئـة القوميـة للتأميـن الإجتماعـي.
إتفاقية تعاون بين «الأهلي المصري» و«ماستركارد»
كما وقع «الأهلي المصري» وشركة ماستركارد إتفاقية تعاون لإستحداث خدمة الموظف او المساعد الرقمي Digital Human لإدارة المعاملات غير المالية للعملاء وتقديم خدمات وتجربة رقمية فائقة الجودة بشكل إفتراضي والمدعومة بالذكاء الإصطناعي لتحسين تجربة الخدمات المصرفية الرقمية بشكل فريد من نوعه.
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول «إن الإقتصاد حقّق تحسُّنا في مكافحة التضخُّم، وإن صنّاع السياسات سيبدأون في خفض أسعار الفائدة».
جاء كلام باول في ندوة «جاكسون هول» الإقتصادية السنوية في وايومينغ (ولاية في إقليم الجبال من غرب الولايات المتحدة)، ويجمع المؤتمر بين محافظي البنوك المركزية وصنّاع السياسات والعلماء وغيرهم من خبراء الإقتصاد البارزين من جميع أنحاء العالم.
وقال باول: «لقد حان الوقت لتعديل السياسة، إن الإتجاه واضح، وسوف يعتمد توقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة على البيانات الواردة، والتوقعات المتطورة وتوازن المخاطر».
وأشار باول إلى «أن التخفيضات قد تتم في الإجتماع المقبل لمجلس الإحتياطي الفيدرالي في سبتمبر/أيلول (2024). وستكون هذه أول خطوة من نوعها يتخذها المجلس منذ مارس/آذار 2020 وبداية جائحة كورونا».
ومنذ ذلك الحين، يحاول صنّاع السياسات معالجة التضخُّم المرتفع إلى مستويات غير مسبوقة من خلال تشديد السياسة النقدية، وقد رفعوا أسعار الفائدة إلى مستويات لم نشهدها منذ 23 عاماً.
وشدّد باول على تحذيره من «أن الولايات المتحدة قد تنزلق إلى الركود، فرغم تباطؤ التضخُّم، إرتفع معدّل البطالة لأربعة أشهر متتالية»، لافتاً إلى «أن سوق العمل تباطأت عن حالة «النشاط المفرط».
مكافحة تغيُّر المناخ في إطار التركيز الإستراتيجي على الإستدامة
QNB ينضم للشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون PCAF
أصبحت مجموعة QNB، أكبر مؤسسة مالية في الشرق الأوسط وأفريقيا، أول بنك في قطر ينضم إلى الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون (PCAF). وتعكس هذه العضوية إلتزام مجموعة QNB مكافحة تغيُّر المناخ في إطار تركيزها الإستراتيجي على الإستدامة. كما يتيح التعاون مع مبادرة الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون دعم البنك لمصادقة دولة قطر على إتفاقية باريس للمناخ ومساهماتها المحددة وطنياً.
وتسهل العضوية في الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون عملية قياس البنك لإنبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن قروضه وإستثماراته، مما يضمن قدراً أكبر من الشفافية والمساءلة عن تأثيره البيئي. وتدعم الشراكة هذه الجهود من خلال وضع المعايير، وتوفير التوجيه، وبناء القدرات، وتقديم الدعم الفني وإمكانية الوصول إلى قاعدة بيانات عوامل الإنبعاثات.
إن الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون هي عبارة عن تعاون بين المؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم لإتاحة التقييمات والإفصاحات المنسقة حيال إنبعاثات الغازات الدفيئة الممولة من القروض والإستثمارات. وتضم الشراكة نحو 500 مؤسسة مالية من ست قارات، وهي تتوسع بسرعة في أمريكا الشمالية وأميركا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ.
وتقول فاطمة عبدالله السويدي، رئيس قطاع المخاطر في مجموعة QNB: «نحن فخورون بكوننا أول بنك في قطر ينضم إلى الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون والإنتساب إلى مجموعة عالمية من المؤسسات المالية الملتزمة بالإفصاح عن إنبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن أنشطتها المالية. ونعتبر هذا الإنجاز خطوة هامة فهو سيُعزز نهجنا في الإفصاحات المستقبلية وتحديد الأهداف المتعلقة بالمناخ. وسيتعاون QNB مع مبادرة الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون لتعزيز إستخدام أفضل الممارسات المعمول بها في القطاع لدعم التزامنا وأجندتنا تجاه الإستدامة».
من جهة أخرى، توقع قطر الوطني QNB أن يستمر «الفدرالي الأميركي» في تبنّي موقف يميل إلى «التيسير النقدي»، مرجّحاً البدء في تخفيض أسعار الفائدة بما مجموعه 75 نقطة أساس خلال العام 2024، قبل الإستمرار في تنفيذ المزيد من التخفيضات في العام 2025.
يناقش المستجدات مع قيادات مصرفية وديبلوماسية مصرية وعربية
في سياق زيارة الدكتور وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، العاصمة المصرية القاهرة، لحضور إجتماعات الدورة العادية الـ 114 للمجلس الإقتصادي والإجتماعي – جامعة الدول العربية، إستقبل محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية ورئيس إتحاد بنوك مصر ورئيس مجلس إدارة بنك مصر في مقره التاريخي العريق، الدكتور فتوح، وكان بحث في شؤون مصرفية ومالية مصرية وعربية.
كما إلتقى د. فتوح، شريف جامع، المدير العام لإتحاد بنوك مصر في مقر الأخير، ثم إجتمع مع السفير محمدي أحمد الني، الأمين العام لمجلس الوحدة الإقتصادية العربية – جامعة الدول العربية.
د. فتوح في الدورة الـ 114 للمجلس الإقتصادي والإجتماعي
وقد أعلن د. وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية «أن زيارته القاهرة ولقاءاته مع عدد من الشخصيات المصرفية والمالية والديبلوماسية المصرية والعربية، تأتي في سياق حضوره إجتماعات الدورة العادية الـ 114 للمجلس الإقتصادي والإجتماعي – جامعة الدول العربية، حيث تترأس الدورة دولة الإمارات العربية المتحدة، لمناقشة قضايا التعاون العربي المشترك في المجالات الإقتصادية والإجتماعية».
يُشار إلى أن الدورة تجمع وزراء ومسؤولين وخبراء من مختلف الدول العربية لمناقشة القضايا الإقتصادية والإجتماعية ذات الأولوية، بهدف تعزيز التعاون العربي المشترك وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة. وكان قد سبقها إجتماع اللجنة الاجتماعية، التي ناقشت عدداً من الموضوعات في الملف الإجتماعي، بما في ذلك الإستراتيجية العربية للتعلُّم مدى الحياة، ودور الدعم الإجتماعي في تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في التعلُّم والعقد العربي الثاني لمحو الأمية وتعليم الكبار. كما تناولت الإجتماعات، سبل التعاون العربي الدولي في المجالات الإجتماعية والتنموية، إلى جانب تقارير وقرارات المجالس الوزارية واللجان المتخصصة، وقد عرضت اللجنة كذلك بنداً حول مبادرة «الثقافة والمستقبل الأخضر»، وآخر حول مقترح لتأسيس مراكز تطوعية للشباب والمتقاعدين لخدمة كبار السن.
أما اللجنة الإقتصادية فناقشت تقرير أوضاع الأمن الغذائي العربي لعام 2023، وتابعت تنفيذ البرنامج العربي لإستدامة الأمن الغذائي، وإستراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة 2020 – 2030. كما تناولت الإستراتيجية العربية للإدارة المستدامة للموارد الرعوية 2020 – 2040، وإستراتيجية تربية الأحياء المائية 2018 – 2037، إضافة إلى الموضوعات الخاصة بالمنظمات ومؤسسات العمل العربي المشترك، وتقارير وقرارات المجالس الوزارية واللجان، إلى جانب مبادرة الفضاء «مداك» وتطوير أداء المنظمات العربية المتخصّصة.
خطة الزراعة اللبنانية للنهوض بقطاع الأسماك
وكان د. وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية قد شارك في إطلاق «خطة وزارة الزراعة اللبنانية للنهوض بقطاع الأسماك وتطوير الصيد البحري والإستزراع السمكي»، في العاصمة اللبنانية بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي.
وكان إجتمع د. فتوح في العاصمة اللبنانية مع وزير الداخلية والبلديات اللبناني القاضي بسام مولوي، في حضور هشام المكمّل رئيس جمعية الضرائب اللبنانية، كما إلتقى السفير علاء موسى، السفير المصري في لبنان.
من جهة أخرى زار السفير الياباني لدى لبنان ماسايوكي ماغوشي د. فتوح، في مقرّ إتحاد المصارف العربية ، وكان بحث في شؤون التعاون المصرفي العربي – الياباني وقد أبدى السفير الياباني إنفتاحه على التعاون على كل الأصعدة.
ليس جديداً الحديث عن الدمج المصرفي وكيفية تطبيقه سواء في لبنان أو في دول العالم أجمع، فالمسار قديم ويعود الى القرن السابع عشر، لتتوالى منذ ذلك الحين تجارب الدول التي عانى قطاعها المصرفي حالات ذعر، أو أزمات وصلت في أحيانٍ كثيرة إلى حدّ الإفلاس، منها على سبيل المثال لا الحصر، ما حصل في الألفية الجديدة في كل من أيسلندا وقبرص، وما تبعه من تنظيم للقطاع المصرفي فيهما. أما لبنانياً فيرتبط مصطلح «إفلاس مصرف» بحادثة إنهيار بنك إنترا في العام 1966، ثم الإنهيار الإقتصادي والمالي والنقدي الذي حصل في العام 2019، من دون أن تتخذ السلطات اللبنانية السياسية والنقدية أي خطوة فاعلة الى الآن لمعالجته، أقلُّه إعادة الهيكلة وتنظيم القطاع المصرفي.
هيكلة المصارف يعني تناسبها مع حجم الإقتصاد
من الناحية الأكاديمية والتقنية، فإن مصطلح إعادة هيكلة القطاع المصرفي يعني تنظيم القطاع، ليُصبح وجوده بأعداده متناسباً مع حجم الإقتصاد. في حالة لبنان، ثمّة تضخُّم كبير في عدد المصارف نسبة الى الواقع الحقيقي لإقتصاده. ففي سويسرا مثلاً، يوجد نحو 10 مصارف، فيما حجم إقتصادها يُعادل نحو 700 مليار دولار، بخلاف لبنان الذي يضم نحو 60 مصرفاً لحجم إقتصاد كان قبل العام 2019 نحو 48 مليار دولار، وحالياً لا يتعدى 22 ملياراً، علماً أنه قبل الازمة فإن 7 من أصل 10 مصارف تستحوذ على نسبة 80 % من الودائع.
أما الدمج، فيعني وفق الخبراء «التأسيس على ما هو موجود لإعادة تنظيم القطاع المصرفي من خلال «إستحواذ» مصارف على أخرى، أي دمج بنك أو أكثر يملك نسبة سيولة إيجابية، مع مصرف أو أكثر يملك نسبة سيولة سلبية، بطريقة تُقلّل نسبة الإنكشاف والمخاطر، وعلى نحو يُمكّن البنك الذي دُمج به من أن يسير بنحو سليم، وأن لا يصل الى مرحلة التعثُّر». بمعنى آخر، «أن على المصرف الدامج القوي والمليء تحمّل البنك المدموج المتعثّر».
ولكن عملية الدمج، وفق الخبراء، «ليست دائماً الوسيلة الناجعة للإنقاذ، مستندين بذلك الى فشل سياسة دمج المصارف التي إتبعت في اليابان إبان أزمة التسعينيات من القرن الماضي، وهذا ما صرّح به البروفسور تاناكا تاكايوكي الذي كان يعمل لدى بنك اليابان للتسليف الطويل الأمد بالقول: «لقد كان على اليابان ضخ رؤوس الأموال على الفور في البنوك، عندما إنهارت فقاعة الأصول، كما هي الحال في تعامل الولايات المتحدة مع الأزمة المالية العالمية في العام 2008».
فوائد الدمج
يشرح أحد المصرفيين أنّ «دمج المصارف يُساعد على تحقيق هدفين: حماية أموال المودعين، وعدم ضعضعة الثقة أكثر فأكثر بالقطاع، بعدما بات الزبائن يلمسون عدم القدرة على تلبية الحدّ الأدنى من طلباتهم».
إذاً، يجب أن يقوم بهذه العملية في هذه الحالة الإستثنائية، المصرف المركزي، «من خلال دمج بنك أو أكثر، يملك فائضاً من السيولة الإيجابية، مع المصرف الذي لديه سيولة سلبية، بطريقة تُقلّل نسبة الإنكشاف والمخاطر. ولكن، على المصرف المركزي أن يُقدّم حوافز، فلن يقبل مصرف لديه سيولة أن يتحمّل عبء مصرف منهار، من دون مردود». ويضيف المصرفي المتخصص «إن إعادة هيكلة المصارف، لتكون مستوفية كل متطلبات «بازل 3»، حيال السيولة ورأس المال وغيرها من المتطلبات التي تفضي إلى استمرارية المصارف، تحتاج الى دراسة معمّقة، لذا ينبغي الإستعانة بشركات متخصّصة لتقييم وضع المصارف والنظر في إمكان إستمراريتها أو دمج بعضها ببعض».
في العام 2020 نشرت شركة «الدولية للمعلومات» دراسة مقارنة بين عدد المصارف والناتج المحلي في بعض الدول، ليتبيّن أنّ لبنان يُعاني تضخماً في القطاع المصرفي. مثلاً، يوجد في بريطانيا 10 مصارف، فيما يبلغ الناتج المحلي 2809 مليارات دولار، أما في لبنان، فيوجد 62 مصرفاً، رغم أن الناتج المحلي قبل الأزمة لم يكن يتعدّى 58 مليار دولار وحالياً لا يتعدى 22 ملياراً. علماً أن ثمّة 7 من المصارف العشرة الأكبر في البلد، والتي تمتلك قرابة 80 % من الودائع، هي في حكم المُفلسة، وفق خبراء إقتصاديين، وإذا أضفنا إليها المصارف الأصغر، يُصبح العدد أكبر».
أسباب إفلاس مصارف لبنان
للتذكير، لقد باتت المصارف في لبنان في حُكم المفلسة، بعدما أقرضت الدولة نحو 34 مليار دولار، إضافة إلى إيداع نحو 30 ملياراً في مصرف لبنان. فـ «الإنكشاف» على القطاع العام، الذي تمّ من أموال المودعين الخاصة، أدّى إلى أن تُصبح مؤونة المصارف أقلّ من رساميلها المُقدّرة بـ23 مليار دولار، وتالياً، لم تعد المصارف تلتزم المعيار المحاسبي الدولي IFRS9، الذي يفرض تأمين حدّ أدنى من المؤونات تجاه توظيفاتها المُعرّضة للمخاطر. عليه، فإن إعادة هيكلة المصارف ورسملتها، تتمّ بإعتماد طرق مختلفة، بحسب الخبراء الاقتصاديين، فإما عبرعملية إنقاذ
(Bail in) من خلال تحويل المودعين الكبار إلى مُساهمين في المصارف، أو عن زيادة الرسملة من خلال إدخال أموال جديدة (Fresh money).
أفيوني: لبنان لا يزال بعيداً عن الدمج والمصارف تعتمد على ميزانيات
لا تمت إلى الواقع بصلة وتتجنّب إعادة الرسملة
يشرح الوزير السابق والخبير المصرفي عادل أفيوني لمجلة «إتحاد المصارف العربية» أنه «من المستحيل وغير المنطقي، القيام في أي عملية دمج بين مصارف متعثّرة، قبل أن تتم عملية إعادة هيكلة كل مصرف على حدة، وقبل ان يقدّم كل مصرف ميزانية واقعية وشفّافة، تُعطي صورة واضحة عن وضعه المالي، ورسملته وديمومته»، مشدّداً على أنه «لا يُمكن القيام بالدمج عشوائياً، إذ إن تقييم واعادة هيكلة كل مصرف هي شرط أساسي لكي يتمكّن المصرف «المليء» من إستيعاب مصرف آخر متعثّر، وإلّا فإن أي عملية دمج عشوائية أو غير مدروسة ستؤدي إلى دمج مصارف متعثّرة، بمصارف أخرى متعثّرة أيضاً، أو قد تكون بدورها بحاجة إلى دعم وإعادة رسملة، وتالياً فإن هذا الأمر سيفاقم الخسائر والأزمات في القطاع المصرفي».
يضيف أفيوني: «إذاً، المنطق المالي يفيد بأن الخطوة الأولى لإنفاذ القطاع تكمن في تقييم أصول كل مصرف ومطلوباته، بطريقة علمية وواقعية وشفافة، وعندها يتضّح ما هي المصارف المتعثّرة، وما هي المصارف القادرة على إعادة الرسملة، والإستمرار وإستيعاب مصارف متعثّرة أخرى»، معتبراً أننا «في لبنان لا نزال بعيدين كل البعد عن مثل هذه الخطوات والإصلاحات، بل إن المصارف اليوم لا تزال تعتمد على أرقام وميزانيات لا تمتُّ إلى الواقع بصلة، وتتشبّث بتقييم غير واقعي، وتتجنّب إعادة الرسملة، وتؤجل وقوع المحظور، والذي يدفع ثمنه المودعون اولاً وأخيراً، بينما أصحاب المصارف يبنون نشاطهم المصرفي الجديد الذي يعتمد على «الفريش دولار»، وكأن الودائع الماضية لم تكن، أو كأنها ليست من مسؤوليتهم».
ويوضح أفيوني أنه «إذا تمّت عملية الدمج بعد إعادة الهيكلة والرسملة، فهذا سيكون له مفعول إيجابي، إذ سيُتيح للمصارف القادرة على إعادة الرسملة، أن تستعيد دورها في تمويل الإقتصاد، بينما تخرج من القطاع المصارف العاجزة عن إعادة الرسملة، إذ عند إعادة الرسملة «يُكرم المصرف أو يُهان»، مؤكداً بأن «القطاع المصرفي اللبناني بعد إعادة هيكلته، سيحتاج إلى عمليات الدمج، لأن عدد المصارف الحالي هو أكبر بكثير من حاجة الإقتصاد. علماً أن إعتماد أعلى المعايير الرقابية والإئتمانية في القطاع المصرفي، سيكون أمراً ضرورياً، لكن كلفته عالية على المصرف».
ويختم أفيوني: «بناء على ما تقدّم، إن الإصلاح الضروري سيكون مكلفاً، وسيجعل من الصعوبة إستمرار المصارف الصغيرة بربحية مقبولة، وتالياً سيصعب إصلاح القطاع، في ظل فرض معايير عالية من الشفافية وإدارة المخاطر، مما سيؤدي حتماً الى مزيد من الدمج، وخروج المصارف العاجزة من السوق المصرفية، جرّاء ما ستتكبّده من تكاليف لن تقوى على تحمُّلها».
سرُّوع: يجب قياس عمليات الدمج مع حجم السوق في المصرف الدامج والمدموج
على صعيد تجارب الدمج إقليمياً وعالمياً، يؤكد الخبير المصرفي الدكتور جو سرُّوع «تبنّي المؤسسات المالية عموماً والمصارف بشكل خاص، إستراتيجيات وسياسات نمو ترتكز من حيث المبدأ على عامود أساسي هو النمو الذاتي، وهو ما يُعرف بالنمو الأقصى الذي ينطلق من قواعد مصرفية محكومة بشكل جيد وعملاني، وتتميّز بطريقة حكيمة إدارياً، وتمتثل للقوانين والتنظيمات المرعيّة الإجراء محلياً ودولياً، في ظل تحوُّل تقني متقدم وجهاز بشري متطوّر ومنتج، وهيكل تنظيمي ديناميكي، يُراعي مبدأ فصل الواجبات وتمييز العمليات». يُضيف د. سرُّوع: «إنطلاقاً من هذا الأساس، فإن سياسة النمو هذه يجب أن تُدعّم بخطة تُحدّد ماهية الأهداف وكيفية الوصول، وتعزيز الموارد البشرية والمالية المطلوبة، وسبل قربها من حوكمة الخطة، إن من ناحية إنضباطها الزمني أو المالي، وإن من ناحية التكاليف والمردود»، معتبراً أنه «يُمكن أن يُعاد النظر بالخطة بما تقتضيه الحاجة من تفعيل أو تصويب أو تفصيل لها.
ماً أن خطة النمو الذاتي الأُفقي، تعني توسع المصرف الجغرافي من خلال فروع جديدة في الداخل والخارج، وتطوير المنتجات الموجودة، وإبتكار منتجات وخدمات جديدة لتطوير المستوى التقني للمصرف وتطوير قدرات الموارد البشرية»، موضحاً أن «هذا يعني تأمين كل ما يلزم لزيادة القدرة التنافسية للمصرف، وتالياً زيادة حصة المصرف المالية والإقتصادية في البلد الموجود فيه، وتمكينه من حماية حقوق المساهمين، كذلك تطوير الخدمات والمنتجات العالية الجودة والتي تلبي حاجات ورغبات عملاء المصرف بأفضل الشروط».ويرى د. سرّوع أنه «من هذا المنطلق الإستراتيجي، يُمكن أن تعمد المصارف التي تمتلك القدرات المالية والتقنية، والتي تكون على بيّنة تامة بالمناخ الإقتصادي الذي تعمل فيه، والفرص المتاحة أمامها في ظل إمكانات النمو، إلى إستشراف أو خلق وملاحقة أي عملية إستحواذ ودمج متاحة أو قد تتاح لسبب أو لآخر في السوق المصرفية والمالية في الداخل أو في الخارج، والتي تُساهم في تحقيق أهداف إستراتيجية نحو المصرف الجاهز والراغب والقادر على إنجاز عملية الإستحواذ والدمج بأفضل الشروط والكفاءة والجودة»، مؤكداً بأن «عملية الإستحواذ التي يجب أن يقوم بها المصرف الدامج هي عملية تقنية ومهنية، وتهدف إلى الوصول نحو تقييم مالي للمصرف المستهدف، من خلال دراسة تقنية وعلمية مستفيضة لموازنة المصرف الذي سيُدمج في الماضي القريب والحاضر، وعليه، يُمكن إستشراف إمكانات مساهمة هذه الدراسة التي يجب أن تكون مبنية على أسس ومعايير معمول بها عملياً ومجرّبة، ولكن يجب قياسها بحسب السوق التي يقع فيها المصرف الدامج والمدموج». ويرى د. سرُّوع أنه «يجب أن ترتكز أي عملية إستحواذ مصرفية ومالية على دراسة مواءمة إستراتيجية، لأنها تشكل أساس العملية بأكملها، والتي تطاول الدمج العملي والعملاني والتقني، ولا سيما الأهم الموارد البشرية التي تُنفذ عملية الدمج، أي عملية الدمج الثقافي – المؤسساتي والذي يختلف من مؤسسة إلى أخرى، أي الإندماج الإنساني والبشري»، مشدّداً على أنه «في حال لم يتم هذا الإندماج، أي قبول الموظفين جميعاً في مؤسسة واحدة، أو تقبُّل أحدهم للآخر بطريقة عفوية وإنسانية، فإن ذلك سيُؤثر سلباً على عملية الإستحواذ برمّتها، ويُحوّلها من فرصة إلى عبء. علماً أن هناك شواهد كثيرة في هذا السياق، منها ما جرى من عمليات تم إبطالها بسبب عدم الإندماج الثقافي».
ويخلص د. سرُّوع إلى نتيجة مفادها، أن عمليات الإستحواذ والدمج ليست موضة كما يحلو للبعض تعريفها، بل هي عملية دقيقة ذات أبعاد وجودية على المصرف الدامج والمصرف المدموج، سواء تمّت العملية جزئياً أو عبر شراء الأسهم أو الدمج الكامل، أي شطب المصرف المدموج والذي يكون في حالة هرمة، نظراً إلى نقص سيولته».
ويختم د. سرُّوع قائلاً: «إن ما تقدم، لا ينطبق على قطاعنا المصرفي في لبنان في الوقت الحالي، ونتعجّب من طرح الإندماج بين المصارف كحل للمشكلة المصرفية الحاصلة، قبل أن تتم إعادة هيكلة المصارف على أسس حديثة ومتقدمة، وتحديد مصير ودائع اللبنانيين، وكيفية الوصول إليها، والضمانات التي تكفل هذا المصير والوصول إلى النتيجة السليمة. علماً أن هناك الكثير من المصارف اللبنانية المتعثّرة، لذا من المهم للمصارف التي ستستمر، هو أن تكون منتجة ومتطوّرة، وهذا لن يكون سهلاً تحقيقه، إذ إن دمج مصرفين غير صحيين، لن يؤدي إلى ولادة مصرف صحي وسليم».
رحلة سعر الفائدة المرتفع تواصل العودة إلى نقطة الانطلاق
إن قرار البنك المركزي الأميركي (الإحتياطي الفيدرالي) في أيلول/ سبتمبر، الرامي إلى تخفيض سعر الفائدة بواقع نصف نقطه مئوية بدلاً من ربع نقطة وكما كان متوقعاً، إن دلّ على شيء فإنه يدل على ضرورة القيام بخطوة سريعة زمنياً وبالحجم أيضاً إحتساباً من أي تطور إقتصادي قد تكون له تداعيات على الانتخابات الرئاسية المرتقبة في تشرين الثاني/نوفمبر القادم، حيث إن الإجتماع الذي قرّر خلاله الإحتياطي الفيدرالي تخفيض الفائدة هو الأخير قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، ومن شأنه أن يعطي دفعة قوية للمواطن الأميركي على مستوى قدرته الشرائية، حيث إن هذا المواطن نفسه موجود منذ فترة بين فكّي كمّاشة، معدل أسعار مرتفع (تضخم) وتكلفة إقتراض مرتفعة (فائدة عالية).
البنك المركزي الأميركي ورغم استقلاليته عن السياسة حاول من خطوته هذه أن يمهّد الأرضية لأي مرشح قد يفوز في الانتخابات ديموقراطياً كان أم جمهورياً لأن الإقتصاد القوي من مصلحة الجميع، علماً أن المرشح الجمهوري القوي دونالد ترامب حاول مراراً أن يتدخل في سياسة بنك بلاده المركزي وينتقد سياسات البنك النقدية ولا سيما سياسة أسعار الفائدة، لدرجة أنه إتّهم البنك المركزي بأنه أصبح مسيّساً، ورأى بالتخفيض الأخير أن الدافع وراء ذلك ربما يكون لعبة سياسية تستفيد منها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس وإما أن الإقتصاد بحالة سيئة ويحتاج إلى دعم.
هذا على الصعيد الأميركي الداخلي، لكن إذا نظرنا إلى طبيعة الظروف وما تقتضيه الضرورة، فنجد أن البنك المركزي الأميركي عمل على مدى سنوات سابقة، بما فيها فترة جائحة الكوفيد، على تخفيض سعر الفائدة لتسهيل عمل المؤسسات المصرفية باتجاه المستثمرين والمقترضين، حتى قاربت الفائدة المصرفية عتبة الصفر في المئة. هذا السيناريو تم إتباعه أيضاً في منطقة اليورو، وخفّض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على دفعات حتى تصل إلى مستوى قرابة الصفر وأحياناً إلى الصفر في المئة، أمام قروض رخيصة وبأحجام كبيرة وحركة إستهلاك قوية وحرب أوكرانيا وأزمة تصدير الحبوب، حيث إرتفعت الأسعار عالمياً وهبّت رياح التضخُّم (ارتفاع الأسعار) وهدمت إقتصادات العديد من الدول الغربية والعربية، وكذلك سياسة البنوك المركزية العالمية الكبرى التي تحرص على الحفاظ على مستوى وسطي لإرتفاع الأسعار لا يتعدى نسبة 2 في المئة، كما هي السياسة النقدية الأميركية والأوروبية.
أمام ظاهرة التضخم المتسارع والذي بلغ مستويات مرتفعة تخطت 5 و 6 و7 في المئة وحتى 9 في المئة في البلدان الصناعية، سارعت البنوك المركزية إلى حظر رفع الفائدة على دفعات متسارعة منذ عام 2022 بهدف احتواء معدّلات الأسعار بالهبوط تدريجياً.
وبلغت أسعار الفائدة المستويات الأعلى في 23 عاماً ما بين 5.25 في المئة و5.5 في المئة في الولايات المتحدة كما اقتربت من (4 في المئة) في منطقة اليورو، هذه الفوائد العالية أدّت إلى تراجع حجم الإقراض مع تكلفة قروض مرتفعة، وبالتالي تراجعت شهية الأفراد على القروض الإستهلاكية ، وهذا كان هدف رفع الفائدة بنيّة خفض الأسعار من خلال الإحجام عن الإقتراض واللجوء إلى سياسة الإيداع طمعاً بفوائد عالية.
أمام واقع جديد مهدّداً بأسعار فائدة عالية، أدّت إلى حركة إستهلاك محدودة وإقراض متراجع ولا سيما القروض العقارية، مما أدّى إلى تراجع الطلب على شراء الشقق، بعدما كان المشهد مسيّراً في السنوات القليلة الماضية والذي إستفاد من سياسة التيسير النقدي (QE) «Quantitative Easing» حيث بدأها الإحتياطي الفيدرالي أيام فترة حاكمية Ben Bernanke والتي إعتُمدت في العام 2010 بعد أزمة العقارات والمال الأميركية والتي أصبحت عالمية، التيسير النقدي إتّبعه أيضاً البنك المركزي الأوروبي أيام حاكمية الإيطالي Mario Dragy.
فاليوم أصبح التضخُّم تحت السيطرة إلى حدٍ كبير ولم تعد هناك حاجة لبقاء أسعار الفائدة مرتفعة. فبدأت رحلة الصعود بالعودة إلى الأسفل تدريجياً وبات مؤكداً أن الأشهر القادمة ستحمل معها مفاجآت ومستويات جديدة لسعر الفائدة هبوطاً لأن من المؤكد أن البنوك المركزية التي باشرت برفع الفائدة لإحتواء التضخُّم تسرّعت بقرار رفع الفائدة بخطى عالية بدلاً من رفع الفائدة بمستويات صغيرة على فترات زمنية تحت السيطرة. وهذه السرعة أدّت إلى ارتباك في سوق الإقتصاد الأميركي والأوروبي مما أثر على التوظيف، حيث أصبح تمويل الإقتصاد مكلفاً بالنسبة لشركات غير قادرة على تحمّل عبء القروض.
اليوم دخلنا حقبة جديدة من السياسة النقدية هدفها دعم الإقتصاد وخلق وظائف أو على الأقل الحفاظ على معدلات بطالة منخفضة، فرحلة تخفيض الفوائد ستشجع على الإستهلاك من جديد وعلى الإستثمار، ولكن يجب أن يكون ذلك منضبطاً ومدروساً وإلا سيؤدي الإقبال المتزايد على الشراء والإستهلاك إلى عودة الأسعار إلى الارتفاع تدريجياً وندخل من جديد في دوامة التضخم.
القرار الأميركي برفع الفائدة تبعته قرارات متشابهة في البنوك الخليجية التي ترتبط عملاتها بالدولار الأميركي، ما يعني أن القرار الأميركي ليس له تداعيات محلية فقط بل عالمية وعربية، كما هي الحال منذ عقود، بمعزل عمّا إذا كانت الإقتصادات الخليجية بحاجة أم لا لفائدة عالية أو متدنية بحسب القرار الأميركي. فعندما تسير البنوك الخليجية المركزية بالاتجاه نفسه تحافظ على جاذبية عملتها قوية أمام الدولار عبر التحرّك باتجاه واحد.
رئيس الإحتياطي الفيدرالي Jerome Powell قال عقب قرار تخفيض سعر الفائدة بواقع نصف نقطة مئوية إلى نطاق 4.75 في المئة – 5 في المئة في أول قرار خفض منذ العام 2020: إن «سوق العمل في حالة جيدة بالفعل ونيتنا من خلال تحرّكنا اليوم هي الحفاظ عليها». وكانت الأسواق الأميركية وحتى العالمية تخشى من أن تؤدي عمليات خفض بأقل من 50 نقطة أساس، إلى إذكاء المخاوف من إبطاء أكبر في سوق العمل الأميركي المتباطئة أصلاً. حاكم الفيدرالي قال إن الإقتصاد لا يزال قوياً وبعد تراجع التضخم يجب الحفاظ على معدلات البطالة منخفضة وهي حالياً عند 4.2 في المئة.
قرار الإحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة له تداعيات كثيرة ومن أبرز هذه التداعيات مزيد من الإقتراض، الأمر الذي يؤدي لزيادة في السيولة، وهذه الأخيرة تذهب إما باتجاه الإستثمار وتنمية المشاريع، وبالتالي التوظيف إذا كانت هناك حاجة إضافية ليد عاملة، إما تذهب للإستهلاك أو كليهما معاً. هذا يعني أيضاً زيادة في الإنتاج والإستهلاك.
مع خفض الفائدة تتجه فيه نيّة المودعين، أفراداً كانوا أم شركات، نحو الإستثمار مباشرة أو شراء المعدن الأصفر (الذهب) الذي يبقى ملاذاً آمناً عند تقلّب الأسعار والفوائد، وهذا ما فسّر الارتفاع المفاجىء لأونصة الذهب غداة قرار الإحتياطي الفيدرالي والذي تخطى 2600 دولار للأونصة قبل تقلب السعر في سوق المواد الأولية. بعض المودعين الذين خسروا من العائد على ودائعهم بعد خفض الفائدة يتوجهون نحو الإستثمار بأسواق المال. وهذا صحيح أيضاً حيث تفاعلت أسواق الأسهم إيجاباً غداة خفض الفائدة. ولا ننسى أن الإقتصاد الأميركي يشكّل 24 في المئة من الناتج المحلي العالمي، وبالتالي فهو الأقوى في العالم وصحة هذا الإقتصاد الجيدة تنعكس إيجاباً على الأسواق العالمية، فالقرار الأميركي تبعته وستتبعه قرارات بنوك مركزية كبرى حول العالم تتأثر بالخفض الأميركي لسعر الفائدة، وبالتالي سنشهد مزيداً من السيولة النقدية التي ستغادر البنوك نحو الأسواق.
ويتوقع كبار المحلّلين في الولايات المتحدة أن يقوم الإحتياطي الفيدرالي بتخفيض آخر هذا العام ربما بربع نقطة مئوية وذلك خلال أحد الإجتماعين المتبقيين للبنك في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر المقبلين. وقد باشرت بنوك مركزية حول العالم بمرحلة خفض أسعار الفائدة، ونذكر منها الكندي السويدي، والسويسري، والبريطاني، والأوروبي المركزي.
البنك المركزي لمنطقة اليورو بدأ رحلة العودة إلى المربع الأول قبل الإحتياطي الفيدرالي الأميركي، فالبنك المركزي الأوروبي إستدرك خطورة رفع الفائدة التي نفّذها على دفعات متتالية لمواجهة التضخّم الذي تفشّى وإزداد حدّة مع الحرب الروسية على أوكرانيا، وما لهذه الحرب من تداعيات على أسعار السلع والحبوب والمحروقات، وخفّض البنك توقعاته لمنطقة اليورو، إذ بات يتوقع حالياً نسبة نمو بواقع 0.8 في المئة للمنطقة بدلاً من 0.9 في المئة توقعها سابقاً، كما تراجعت توقعاته بالنسبة للعام 2025 من 1.4 في المئة إلى 1.3 في المئة. أمام هذا المشهد ومع تراجع معدلات التضخم في منطقة اليورو ككل قرّر البنك المركزي الأوروبي من حزيران/يونيو الماضي تخفيض الفائدة بواقع ربع نقطة إلى 3.75 وتلك كانت المرة الأولى يخفّض فيها الأوروبي الفائدة منذ خمس سنوات.
ومع هذا التخفيض الأول يكون المركزي الأوروبي سبق نظيره الأميركي إلى هذه الخطوة التي بادر إليها وكررها في أيلول/سبتمبر 2024 بواقع ربع نقطة أيضاً إلى 3.5 في المئة، حيث أظهر الإقتصادان الأول والثاني في اليورو (ألمانيا وفرنسا) تباطؤاً في تضخُّم ما دون نسبة 2 في المئة التي يهدف إليها البنك المركزي الأوروبي، البنك يشير إلى أن قرارات أسعار الفائدة المستقبلية ستستند إلى البيانات الإقتصادية الواردة. وتظهر بيانات Refinitiv وهي أحد أكبر مزودي البيانات الإقتصادية عالمياً، إذ إن المستثمرين يقومون بتسعير سلسلة حادة من تخفيضات أسعار الفائدة على جانبي الأطلسي، بمقدار عشرة تخفيضات ربع نقطة مئوية من الفيدرالي الأميركي على مدى الأشهر الـ12 المقبلة، والبيانات نفسها توقعت تنفيذ سبعة تخفيضات من المركزي الأوروبي بمقدار ربع نقطة مئوية في كل عملية خفض خلال الشهور الـ12 المقبلة أيضاً.
في كل الأحوال تخفيض الفائدة اليوم في الولايات المتحدة له بُعده السياسي عشية الإنتخابات الرئاسية كما له بُعده الإقتصادي وهو الحفاظ على إقتصاد متين تواكبه حركة قروض قليلة التكلفة بهدف مواكبة النمو الإقتصادي. وفي الجانب الأوروبي يأتي تخفيض الفائدة للحفاظ على إقتصاد قوي لليورو بعدما استقرّت معدلات التضخّم أيضاً، لكن هذا الخفض لن يكون له الفائدة على أزمة تعاني منها بلدان اليورو اليوم وهي أزمة الموازنات وعجز هذه الموازنات الذي يتخطّى معدل 3 في المئة من الناتج المحلي المسموح به في معاهدة الإستقرار النقدي والمالي ماستريخت، وبالتالي ستظل المخاطر تحدق بالسياسات المالية في منطقة اليورو حتى ولو حافظت السياسة النقدية على مراقبتها لمعدلات التضخم وقوة العملة الموحدة، وقد يكون هذا هو ضعف منطقة اليورو اليوم لتحصد خطأها الذي ارتكبته في التسعينيات، عندما تقرّر إنشاء بنك مركزي أوروبي مع سياسة نقدية موحدة (عملة اليورو) لكن لم يكمل الأوروبيون مشروعهم لوضع سياسة مالية موحدة توحد سياسة الموازنات وتتفادى قنابل محلية موقوتة تهدّد سياسات دول وحكومات، كما هو التحدّي اليوم أمام الحكومة الفرنسية الجديدة.
إن خفض الفائدة لدى البنوك المركزية أمرٌ جيد من شأنه أن يقوي الإقتصاد والأعمال ويعزّز القروض والتوظيف ويستفيد منه كل من يريد أن يقتنص فرصة كشراء سيارة أو عقار، لكن خفض الفائدة إلى مستويات متدنية وبسرعة قد يدفع بزيادة وتيرة الإقتراض والإستهلاك وقد يعيدنا إلى معدّلات تضخُّم عالية، وأيضاً قد يشكّل ذلك (أي خفض الفائدة المتكرّر) تحدّياً للمقترضين الذين سجّلوا قروضاً على فائدة متدنية متقلبة ويتواجدون يوماً ما أمام سداد قروضهم على فائدة عالية عندما يعود التضخُّم وتعود الفائدة للإرتفاع، وهذا يُبقي التحدّي أمام المُقرض والمقترض، حيث إن من الضرورة في مكان أن يكون هناك مستقر وضبط لأسعار الفائدة واحترام السوق ومتطلباتها والمخاطر المحيطة بالقروض، فأسعار الفائدة هي الأوركسترا لمستوى الأسعار، وفي الوقت نفسه وفي الحالة الأوروبية يجب تنفيذ سريع لقواعد ميزانية الإتحاد الأوروبي الجديد لضمان إستقرار الأسعار الذي تسعى البنوك المركزية للحفاظ عليه.
على هامش إنعقاد الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
إجتماعات لشخصيات مصرفية لبنانية وعربية
في سياق إنعقاد الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي نظمه إتحاد المصارف العربية في العاصمة بيروت، إلتقت شخصيات مصرفية لبنانية لمناقشة المستجدات ولا سيما على صعيد «تداعيات الإقتصاد النقدي على النظام المصرفي»، ومن أبرز القيادات المصرفية: حاكم مصرف لبنان بالإنابة د. وسيم منصوري، ورئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب د. جوزف طربيه، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح، وأمين عام هيئة التحقيق الخاصة – وحدة الإخبار المالي اللبنانية عبد الحفيظ منصور، وعدد من الشخصيات المصرفية البارزة.
الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
«تداعيات الإقتصاد النقدي على النظام المصرفي»
منصوري: لا نزال نعمل مجاهدين لمنع إدراج لبنان على اللائحة الرمادية
جاء إنعقاد الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعنوان «تداعيات الإقتصاد النقدي على النظام المصرفي» الذي نظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة – وحدة الإخبار المالي، تحت رعاية رئيس الهيئة، حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري وفي حضوره، في العاصمة اللبنانية بيروت، على مدار يومين، ليؤكد أهمية إهتمام كافة السلطات والجهات المعنية في العالم بموضوع غسل الأموال وتمويل الإرهاب والإقتصاد النقدي، نتيجة تزايد هذه العمليات العابرة للحدود وتنوّعها وتشعّبها، مستفيدة من التقنيات والإبتكارات المالية والمعلوماتية الحديثة في وسائل الدفع والخدمات المصرفية، والتي غالباً ما تستخدم القطاع المصرفي والمؤسسات المالية في تنفيذها، مما يُعرّض المصارف لمخاطر جمّة.
علماً أن لبنان من خلال مصرف لبنان المركزي لا يزال يعمل جاهداً لعدم إدراجه على اللائحة الرمادية في العام 2024.
وشارك في الإفتتاح، د. وسيم منصوري حاكم مصرف لبنان بالإنابة، ود. جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية، ود. وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، وعبد الحفيظ منصور أمين عام هيئة التحقيق الخاصة – وحدة الإخبار المالي اللبنانية.
وقد جرى في ختام حفل الإفتتاح، توقيع مذكرة تفاهم بين إتحاد المصارف العربية والمعهد الاميركي لمكافحة الفساد AACI.
وشدّد المتحدّثون في كلماتهم على ضرورة مكافحة الإقتصاد النقدي ومخاطره كخارطة طريق نحو التعافي، في ظل تعاظم مخاطر إدراج لبنان على اللائحة الرمادية وأن مخاطر الإقتصاد النقدي تلوح في الدول التي تشهد حروباً ونزاعات.
في سياق إنعقاد الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي نظمه إتحاد المصارف العربية في العاصمة بيروت، إلتقت شخصيات مصرفية لبنانية لمناقشة المستجدات ولا سيما على صعيد «تداعيات الإقتصاد النقدي على النظام المصرفي»، ومن أبرز القيادات المصرفية: حاكم مصرف لبنان بالإنابة د. وسيم منصوري، ورئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب د. جوزف طربيه، والأمين العام لإتحاد المصارف العربية د. وسام فتوح، وأمين عام هيئة التحقيق الخاصة – وحدة الإخبار المالي اللبنانية عبد الحفيظ منصور، وعدد من الشخصيات المصرفية البارزة.
في الكلمات، إفتتح د. وسام فتوح، الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الملتقى، مشدّداً على أن إتحاد المصارف العربية يعقده «وسط الظروف والأوضاع الراهنة التي يعيشها لبنان، وهو الفعّالية الرابعة منذ إندلاع الأزمة التي لا نزال نعانيها حتى يومنا هذا. وقد سعى الإتحاد في المؤتمرات الثلاثة السابقة، وفي هذا المنتدى كذلك، الى إيجاد منصّات عالية المستوى لمناقشة التحدّيات التي يعيشها لبنان بشكل علمي ومنطقي، وحشد الخبرات العربية واللبنانية للسعي إلى طرح حلول علمية ومنطقية وقابلة للتطبيق بهدف الخروج من الأزمة، ومنها الخطة الإصلاحية الإقتصادية والنقدية والمصرفية التي طرحها الإتحاد منذ ثلاث سنوات.
أما في ما يتعلق بهذا الملتقى، فإننا أصرّينا على عقده في موعده، رغم الأوضاع الأمنية الخطرة في جنوب لبنان والتي إمتدت الى بعض المناطق الاخرى، وذلك لإدراكنا بأن الخطر الذي يواجه لبنان بالنسبة إلى إحتمالية إدراجه على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي («فاتف» – FATF)، قد يكون له تداعيات لا تقلّ خطورة عن الإضطرابات الأمنية التي يشهدها لبنان اليوم».
وأضاف د. فتوح: «لقد أصبح من المعلوم، أنّ مصرف لبنان ممثلاً بحاكمه الدكتور وسيم منصوري قام بجهود كبيرة من إجراءات وإتصالات دولية ولقاءات لشرح موقف لبنان من خلال ما يقوم به مصرف لبنان من مبادرات وتدابير إحترازية تهدف إلى تحصين القطاع المصرفي، ومكافحة ظاهرة الإقتصاد النقدي ومخاطرها، وهو موضوع ملتقانا اليوم. ولا يُخفى على أحد أنّ إدراج لبنان على اللائحة الرمادية – لا قدّر الله – له تداعيات وعواقب خطيرة، وربما أهمُّها إحتمالية توقف المصارف المراسلة عن التعامل مع النظام المالي اللبناني، وبالتالي توقف عمليات تمويل التجارة الدولية، كذلك التحويلات المالية والتي أكثر ما يكون لبنان بحاجة إليها اليوم، عدا عن الضرر الكبير بسمعة لبنان».
ثم قال عبد الحفيظ منصور، أمين عام هيئة التحقيق الخاصة – وحدة الاخبار المالي اللبنانية: «إن الإقتصاد النقدي حالة غير مرغوب بها في المنظومة المالية العالمية، لذلك فهو موضوع ملاحظات وتنبيهات من مؤسسات التمويل الدولية، والبنوك المراسلة وخصوصاً من مجموعة العمل المالي FATF التي أفردت له حيّزاً في تقرير التقييم الصادر لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وبها يعمل ويقال، فالحل الجذري والوحيد للمعالجة يبقى في إعادة القطاع المصرفي اللبناني للعمل والإنتظام، وبخلاف ذلك لا حل لهذه الحالة».
وأشار منصور إلى «عملية تقييم إلتزام لبنان المعايير الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب التي بدأت في العام 2021 وتدرّجت في مراحلها المرسومة وفق المنهجية المعتمدة دولياً والتي خلصت في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2023 إلى نشر مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) تقرير التقييم المتبادل للجمهورية اللبنانية حول تدابير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».
ولفت منصور إلى «أن التقييم الذي خضع له لبنان بالإستناد إلى المنهجية المعتمدة من قبل «فاتف» لتقييم جميع البلدان، تم في ظل الظروف الصعبة والإستثنائية المعروفة والتي لا تزال سائدة حتى تاريخه. وفي جميع الأحوال وكما هي الحال في كافة البلدان، هناك حاجة لمقاربة حكومية شاملة لتنفيذ الإجراءات التصحيحية المطلوبة من الجهات الداخلية المعنية، وقد قامت هيئة التحقيق الخاصة بصفتها المنسق الوطني لعملية التقييم بإطلاع مقامي رئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء في حينه على كل نتائج التقرير للتواصل مع الجهات الداخلية المعنية حيال الإجراءات التصحيحية المطلوبة، بغية تعزيز فعّالية منظومة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب اللبنانية، وبموجب المنهجية، على لبنان إرسال تقارير متابعة بالتقدم الحاصل في تنفيذها خلال العام 2024 إلى الفاتف للنقاش وإتخاذ القرار المناسب حيال التقدم المحرز، وسوف يصدر عن هيئة التحقيق الخاصة بيانات عن الموضوع في حينه عند تقدم العملية في مراحلها اللاحقة».
من جهته، أوضح د. جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية أنه «بحسب البنك الدولي، زاد حجم الإقتصاد النقدي بعد الأزمة ليصل إلى 4.5 مليارات دولار في العام 2020، وھو ما شكل نسبة 14.2 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم إلى نحو 6.1 مليار دولار في العام 2021 (مشكّلاً نسبة 26.2 % من حجم الناتج المحلي الاجمالي)، فإلى نحو 9.9 مليارات دولار في العام 2022 (بنسبة 45.7 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي). ورغم عدم توافر بيانات حديثة، فإن ھذا المنحى مستمر»، معلناً «أن لبنان بحاجة إلى إيجاد حل للأزمة المصرفية والاقتصادية بما يعيد للمصارف دورھا في إدارة الإقتصاد الوطني وتنميته، وفي تفعيل آلياتھا في مكافحة مخاطر غسل الاموال وتمويل الإرھاب بما يحفظ مستقبل لبنان المالي وبقائه في السوق المالي الدولي».
وقال د. طربيه: «إن التحدّيات التي تواجه لبنان في ما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرھاب كبيرة، وخصوصاً تلك الناجمة عن إنتشار الإقتصاد النقدي، ولكنھا ليست عصيّة على مواجھتھا، حيث تتطلّب مواجھة ھذه التحدّيات نھجاً متعدّد الأوجه يشمل تعزيز الأطر التنظيمية وتقوية القدرة على الرقابة والتنفيذ، وإعادة الثقة بالنظام المالي، وتعزيز الشمول المالي، وتعزيز التعاون الدولي، ورفع مستوى التوعية العامة. كما سوف يُوفّر حل الأزمة المصرفية والإقتصادية في لبنان بيئة أكثر إستقراراً وشفافية وفعّالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرھاب».
ورأى د. طربيه أنه «من خلال العمل معاً، يُمكننا حماية نظامنا المالي، والحفاظ على أمننا الوطني، وضمان مستقبل مستقر ومزدھر للبنان. لذلك، دعونا نعمل معاً لضمان أن يخرج لبنان من ھذه الأزمة أقوى. علماً أن تحقيق التعافي السياسي يُساعد في إنجاح التعافي الإقتصادي والنقدي».
ما كلمة د. وسيم منصوري حاكم مصرف لبنان بالإنابة، فتضمّنت أهمية إنعقاد الملتقى في بيروت في هذا الوقت «مما يعكس إلتزام إتحاد المصارف العربية الراسخ بدعم القطاع المصرفي في لبنان، وتعزيز التعاون بين المصارف العربية في مواجهة القضايا المصيرية التي تمس أمننا الإقتصادي، وعلى رأسها مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب».
وذكر د. منصوري أنّ «في العام 2015، أقرّ مجلس النواب اللبناني عدداً من القوانين، منها قانون الإنضمام إلى إتفاقية الأمم المتحدة الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب وتعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وقانون التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود، وقانون تبادل المعلومات الضريبية، مما كان له وقع إيجابي لدى المنظمات الدولية بما يتعلق بسمعة لبنان وقطاعه المالي والمصرفي، لا سيما وضعية إمتثاله بالمعايير الدولية. كذلك صدر قانون مكافحة الفساد في القطاع العام في العام 2020، وأنشئت بموجبه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد رسمياً. وأقرّ مجلس النواب في العام 2021 القانون الخاص بإستعادة الأموال المتأتّية عن جرائم الفساد. ومن جهته، عمد مصرف لبنان إلى إصدار التعاميم اللازمة تباعاً لمواكبة هذه التشريعات وتحصين المصارف والمؤسسات المالية اللبنانية».
وأوضح د. منصوري أنّه «منذ بداية الأزمة لغاية اليوم، شهد الإقتصاد إنكماشاً حاداً، حيث إنخفض الناتج المحلي من حوالي 55 مليار دولار سنوياً إلى أدنى من 20 ملياراً، وفقدت الليرة اللبنانية 98 % من قيمتها، فيما بلغ متوسط التضخم 221.3 % في العام 2023. أما الموازنة، فإنخفضت من 17 مليار دولار الى 3.2 مليار. لقد خلقت هذه الأزمات حالة من عدم الثقة لدى المودعين، مما حرف النشاط الإقتصادي إلى خارج النظام المصرفي وأصبح نقدياً في مجملهcash economy ».
وشدّد د. منصوري على أنّ «قرار مجموعة العمل المالي FATF سوف يُقرّ في الخريف المقبل (2024) ونحن لا نزال نعمل جاهدين لمنع إدراج لبنان على القائمة الرمادية». وقال: «يُظهر تقرير التقييم المنجز من قبل المجموعة الإقليمية، وجوب مبادرة السلطات المحلية بإجراء تحسينات جوهرية في حزمة من التوصيات الأساسية حصل فيها لبنان على درجة ملتزم «جزئياً»، ما يتطلّب حكماً إجراء بعض تعديلات في القوانين والتدابير النافذة، بما يتناسب مع مقتضيات الإمتثال لكامل المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. علماً بأن لبنان حاز درجات مرضية، ولو غير مكتملة، في التقييم العام للإلتزام الفني، حيث حصل على درجة «ملتزم» أو «ملتزم إلى حد كبير» في 34 توصية من أصل 40 تعتمدها الهيئات الرقابية الدولية».
وأضاف د. منصوري: «بما يخص قياس الفاعلية، حصل لبنان على علامة «متدنية»، كشفت خصوصاً عن عدم كفاية القوانين والإجراءات في ملاحقة ومصادرة المتحصلات الإجرامية والأصول ذات الصلة والإدّعاءات والأحكام القضائية بجرائم تبييض الأموال، والتي يجب أن تكون أكثر إتساقاً مع المخاطر»، موضحاً «أن لبنان بحاجة الى وضع خطة عمل تشاركية مع كافة الجهات المحلية المعنية، بدعم من السلطة التشريعية ومن صانعي السياسات لمعالجة الثغرات وتعزيز فعالية نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب اللبناني»، مشدّداً على أنّ «مصرف لبنان، ومن خلال الصلاحيات المعطاة له بموجب قانون النقد والتسليف، يعمل على إرساء حالة من الإستقرار بإنتظار الحلول الكبرى التي تتطلب قرارات جريئة وواضحة من السلطات السياسية التي يعود إليها فرض حلول تتناسب مع عمق الأزمة التي تعيشها البلاد»، مشدداً على «أهمية الدعائم الأربع التي يجب الإرتكاز عليها لإخراج لبنان من الأزمات العميقة التي تعصف به أولاً، المحاسبة عن طريق القضاء حصراً، ثانياً وضع آلية واضحة لاعادة أموال المودعين، ثالثاً، بناء الإقتصاد من خلال إعادة إطلاق عمل القطاع المصرفي، ورابعاً، إعادة هيكلة الدولة وإجراء الإصلاحات التي طال إنتظارها».
لا شك في أن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية من قبل مجموعة العمل المالية الدولية «فاتف»، لا يخدم المصارف اللبنانية ولا مصلحة الإقتصاد اللبناني الذي يعاني أصلاً سلسلة إنهيارات، ولم يتعاف منه حتى تاريخه، لكن إذا ما أخذنا الوجهة المتفائلة لصورة الوضع الراهن، فإن هذا الإدراج علّه قد يكون فرصة جيدة للضغط وبدء العمل الفعلي والجدّي للحكومة اللبنانية للقيام بالإصلاحات المصرفية والإقتصادية المطلوبة، رغم التحديّات الكبيرة التي تواجهها. علماً أنه بجهود كبيرة قام بها مصرف لبنان، فإن معظم المصارف الأميركية المراسلة ستُبقي على التعامل مع المصارف اللبنانية، لكن هناك تحد حقيقي بإستمرار وإبقاء التعامل مع المصارف الأوروبية.
في هذا الوقت، يؤكد إتحاد المصارف العربية إلتزامه دعم القطاع المصرفي اللبناني، كما تدعم سائر المصارف العربية، وإدراكه بأن الخطر الذي يُواجه لبنان جرّاء إدراجه على اللائحة الرمادية، قد يكون له تداعيات لا تقلّ خطورة عن الإضطرابات الأمنية التي تعصف بهذا البلد الصغير.
ورغم ذلك، يؤكد الإتحاد أهمية بيروت كعاصمة المؤتمرات، ومركزاً إقتصادياً ومالياً محورياً في المنطقة، رغم ما تعرّض له من إعتداءات على شعبه وممتلكاته، والتأكيد بأن لبنان لا يزال موطىء التشريعات المالية والمصرفية، رغم ما تعتري هذه المقولة من شوائب وما تعرّض له القطاع المصرفي من إنتكاسات متتالية لم يتمكن لغاية الآن من معالجتها، وليس آخرها وضع لبنان على اللائحة الرمادية.
ونؤكد مجدّداً ضرورة تحقيق الإصلاحات الهيكلية في الإقتصاد اللبناني كما في المصارف اللبنانية من أجل أن يستعيد القطاع المصرفي عافيته، وإستباقاً لعدم وضع لبنان على اللائحة السوداء، مما يُعوّق الأوضاع على نحو أكثر صعوبة في هذا البلد. علماً أن المؤتمرات والملتقيات التي نظمها إتحاد المصارف العربية في بيروت تحديداً كانت الغاية منها تأكيدنا حيال سلامة القطاع المصرفي في لبنان، وتعزيز التعاون في ما بين المصارف العربية في مواجهة القضايا المصيرية التي تمس أمننا الإقتصادي، وفي مقدمها مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي هذا السياق، نصرّ على إعتبار هذه المؤتمرات الإقتصادية والمالية في قلب بيروت، للتأكيد أيضاً على إيماننا بحماية لبنان من الأخطار الداهمة، لذا نحاول مع أصدقائنا وخصوصاً مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب تجنيب لبنان الخطر الآتي إليه في حال التقاعس عن تنفيذ ما تتطلبه مجموعة العمل المالي. من هنا تكمن أهمية مواكبة تحرك المسؤولين المعنيين في الشأن المصرفي اللبناني بضرورة إقرار التشريعات القانونية والقيام بإصلاحات جدّية لكي يتمكن لبنان من تطبيق مقرّرات «فاتف».
في المحصّلة، إن إتحاد المصارف العربية الذي يصر على إستكمال مسيرته المهنية المشرّفة من العاصمة اللبنانية، لن ينتقل إلى أي مكان آخر، ويشدُّ على أيدي كل الشرفاء المحبين للبنان ولعاصمته الحبيبة بيروت، بأن تستمرهذه المسيرة، ولا سيما حيال تنظيم مؤتمراته ومعارضه وورش أعماله إنطلاقاً من بيروت وإلى الدول العربية وحتى البلدان الأوروبية والأميركية، متسلّحاً بمناقبيته العالية، وإيمانه بإصرار، والعمل في آن واحد، على إتباع المصارف العربية أعلى المعايير العالمية والتي تضعها في أرفع المحافل الدولية.
لا شك في أن القطاع المصرفي العربي متين ويتمتع بملاءة مالية جيدة، إذ تبلغ موجوداته نحو 4.9 تريليونات دولار، مرتفعة في الفصل الأول من العام 2024 بنسبة 4%، فيما تبلغ تمويلات هذا القطاع حوالي 2.8 تريليون دولار. وبحسب بيانات المصارف المركزية العربية، فقد بلغت الموجودات المُجمّعة للقطاعات المصرفية العربية نحو 4.79 تريليون دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024 (بإستثناء سوريا واليمن)، أي بزيادة 4.8% عن نهاية العام 2023، مقارنة بنسبة نمو 7.9% خلال العام 2023 بأكمله و4.6% خلال العام 2022 بأكمله.
ولأن المصارف العربية أثبتت ملاءتها المالية وجدارتها في تمويل الإقتصادات العربية، يسعى إتحاد المصارف العربية إلى حثّ هذه المصارف على دعم التنمية المستدامة. وفي هذا الإطار شارك الإتحاد في القمّة التي عقدتها الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2023، في نيويورك، وإلتزم أمام الأمم المتحدة بالتعاون مع الإسكوا – لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا، بغية تشجيع المصارف العربية، على زيادة التمويلات والتي تصبُّ في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بحيث يُتوقع أن تصل في العام 2030 إلى نحو 1 تريليون دولار.
لكن في المقابل، وفي ما يتعلق بالفجوة المالية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فإنها تبلغ مليارات الدولارات، (تفوق 200 مليار دولار سنوياً)، وتالياً يُمكن القول إن الفجوة المالية واسعة في هذا المجال، لذا جاء تنظيم إتحاد المصارف العربية للمؤتمر المصرفي العربي 2024 في الدوحة، تحت رعاية محافظ مصرف قطر المركزي وفي حضوره، بهدف إثارة الموضوعات المتعلّقة بالتنمية المستدامة، ومعالجة الفجوات التي تعانيها.
علماً أن الإتحاد بالتعاون مع الإسكوا يُحضّران لإستمارة تقييم وُجّهت إلى المصارف الأعضاء لدى الإتحاد، لتبحث في موضوع تمويلات المصارف العربية المشار إليها والتي تبلغ نحو 3 تريليونات دولار، ولا سيما حيال أين تذهب هذه التمويلات؟ بمعنى هل تذهب هذه التمويلات نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ أو نحو قطاعات الصحة والتعليم ومكافحة الفقر؟ أو نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تخلق فرص عمل للشباب ولا سيما لذوي الدخل المحدود؟ علماً أن نسبة العاطلين عن العمل في العالم العربي تبلغ نحو 60%، وهم في سنّ الـ 30 عاماً.
ويعمل إتحاد المصارف العربية وبالتعاون مع الإسكوا، وبحسب إلتزامه أمام الأمم المتحدة، مع القطاع المصرفي العربي، والمؤسسات المالية العربية (مصدر التمويل)، على زيادة التمويلات التي تخدم التنمية المستدامة، والتي نأمل في أن تصل إلى 1 تريليون دولار. لذا من واجب الإتحاد أن يُبيّن أمام هذه المصارف، أهمية هذه التمويلات، وأن تكون مربحة، وتالياً من واجب الإتحاد بالتعاون مع أذرع الأمم المتحدة وفي مقدّمها الإسكوا، أن يُظهر أمام المصارف العربية، أهمية الفرص الإستثمارية المربحة، في حال بادر المصرف بالتمويل الضروري الذي يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة.
في المحصّلة، ترتبط أهداف التنمية المستدامة بالإقتصاد الأخضر الذي يُعتبر إستثماراً مربحاً، حيث نشهد دولاً متقدمة جداً مثل الصين وغيرها تصبُّ إستثماراتها في هذا الإتجاه، بما يفيد البيئة، في ظل التغيُّرات المناخية الحادة والتي يشهدها العالم في الوقت الحالي. علماً أن إتحاد المصارف العربية كان له دور أساس في إطلاق خطة الشمول المالي 2015 – 2020، فضلاً عن تعميم الثقافة المالية. إن الإتحاد جادّ في فتح كوّة واسعة للتمويل المجدي تحقيقاً للتنمية المستدامة المرجوّة.