التحدّيات المصرفية والمالية العربية والعالمية في 2023
بداية، نهنئ دولة قطر بنجاحها في تحقيق قفزات حضارية وإنجازات مشهودة بقيادة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي عزّز رفعتها وتقدّمها وإزدهارها ووحدتها الوطنية والترابط والتلاحم بين أبناء شعبها. والتهنئة موصولة إلى الإنجاز العظيم الذي أبهر العالم بنجاح أدائها المستحق في التنظيم غير المسبوق لكأس العالم، وإلى قطاعها المصرفي الذي واكب هذه الإنجازات بمسيرة نمو وتطوُّر وريادة تحت مظلّة مصرف قطر المركزي.
في هذا الوقت، يُواجه العديد من الدول العربية والأجنبية، سلسلة أزمات إقتصادية ومالية متلاحقة، نتيجة تراكم الأحداث في العام 2022، والأعوام الأخيرة التي سبقته، أبرزُها: الحرب الروسية – الأوكرانية التي لا تزال تدور رحاها بين الجانبين، من دون أن يظهر أُفق حلّ لها، وتفشّي وباء «كوفيد – 19» الذي ما إن أفلَ مؤخراً حتى ظهر بحدّة في الصين منبعه الأول، فضلاً عن الأزمات الإقتصادية والمالية الجامحة في العديد من الدول ولا سيما منها لبنان الذي يحتاج إلى معالجات سريعة، وتعاون عربي – دولي من أجل إخراج هذا البلد النابض بالحياة من عنق الزجاجة، رحمة بشعبه وإقتصاده ومصارفه وعاصمته الحبيبة بيروت.
ولا شك في أن العاصمة اللبنانية، لا تزال مدينة محبّبة لدى الأُخوة العرب، والتي لطالما قد عانت ولا تزال تعاني من كبوة وإنتكاسة، فإنها ستنهض من جديد بأفضل مما كانت عليه. هذا ما أثبته التاريخ، وما نؤكده راهناً، بعدما شهدت الأعوام الثلاثة الماضية، معاناة اللبنانيين جرّاء جائحة «كورونا» والأزمة الإقتصادية والمالية والمصرفية، في ظلّ غياب أية إصلاحات ملموسة، علماً أن تعافي الإقتصاد اللبناني ممكن والحلول للخروج من نفق الأزمة الإقتصادية والمالية متوافرة وغير مستحيلة، أبرزُها ترشيق القطاع العام، ووقف الإهدار، والحدّ من الفساد من خلال حوكمة رشيدة تُخرج البلاد والعباد من هذه الدوّامة، فضلاً عن إطلاق عملية الدمج المصرفي والتي ينبغي أن تُخرج القطاع من حال الإنهيار وسوء السمعة، إلى إستعادة مكانته في المنطقة والعالم، حيث كان قطاعاً يُحتذى به من حيث الملاءة والإزدهار والإنتشار.
عربياً، نُثمّن أهمية حجم الموجودات المجمعة للقطاع المصرفي العربي والتي وصلت إلى نحو 4400 مليار دولار في نهاية العام 2022، مسجّلاً بذلك نسبة نمو8.5 % عن نهاية العام 2021.
أما بالنسبة إلى المؤشرات الأساسية للقطاع، فتشير تقديرات إتحاد المصارف العربية، إلى أن الودائع المجمَّعة قد تصل إلى قرابة 2850 مليار دولار، والقروض إلى نحو 2800 مليار دولار. كما أن موجودات أكبر أربعة قطاعات مصرفية عربية، وهي الإماراتي والسعودي والمصري والقطري توالياً، قد تخطّت عتبة نصف تريليون دولار، ويُتوقع أن تُقارب موجودات أكبر قطاعين مصرفيين عربيين عتبة التريليون دولار لكل منهما في نهاية العام 2022.
في المحصّلة، لقد حقّقت معظم القطاعات المصرفية العربية نسب نمو وأداء جيدة خلال العام 2022، مستفيدة من الأوضاع الإقتصادية الإيجابية السائدة في تلك الدول، ومن معدّلات النمو العالية المدفوعة بإرتفاع أسعار النفط والغاز من جهة، ومن التحسُّن الملحوظ في القطاعات غير النفطية، كالسياحة والإستثمار، بالإضافة إلى التحويلات، من جهة أخرى. ونحن على يقين بأن القطاع المصرفي العربي سيُحقّق المزيد من النجاحات، ومن نسب نمو الأرباح نتيجة مهنيته وإتباعه أعلى المعايير العالمية والتي نالت إعجاب العالم.