لماذا ترتفع أسعار الأسهم والذهب والدولار ؟
(العربية)-31/07/2024
*جيفري فرانكل
على مدى العامين الأخيرين، شهدت سوق الأسهم الأميركية ارتفاعا متواصلا. فقد ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 40% منذ تولى الرئيس جو بايدن منصبه في يناير 2021، وإلى جانب مؤشر داو جونز ومؤشر ناسداك، يسجل ستاندرد آن بورز أرقاما قياسية جديدة على نحو متكرر. علاوة على ذلك، تعززت قيمة الدولار بحدة مقابل كل العملات الرئيسة، في حين سجل سعر الذهب ارتفاعا حادا ليصل إلى مستوى قياسي غير مسبوق بلغ 2470 دولارا للأونصة في وقت سابق من هذا الشهر.
ناضل خبراء الاقتصاد والمعلقون في محاولة تفسير هذه الاتجاهات. ففي حين قد يكون من الممكن أن نعزو ارتفاع أسعار الذهب إلى ارتفاع تصورات الأخطار الناجمة عن انعدام اليقين السياسي والجيوسياسي، فإن هذا التفسير لا يعلل ازدهار سوق الأسهم.
يعتقد بعض المراقبين أن تفسير ارتفاع أسعار الأسهم والذهب يكمن في السياسة النقدية الأميركية. فقد ارتفعت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة على مدى آخر عامين ونصف العام، بما في ذلك أسعار الفائدة الطويلة الأجل. كان من المفترض أن يؤدي هذا إلى خفض أسعار الأسهم والسلع الأساسية. ذلك أن أسواق الأسهم تهبط عادة عندما ترتفع أسعار الفائدة، على افتراض بقاء العوامل الأخرى دون تغيير.
والسبب هو أن ارتفاع أسعار الفائدة يقلل من القيمة المخفضة الحالية لأرباح الشركات المنتظرة في المستقبل، فيدفع هذا المستثمرين إلى التحول من الأسهم إلى السندات. علاوة على ذلك، سعر الذهب أيضا يميل إلى الانخفاض عندما ترتفع أسعار الفائدة الحقيقية (المعدلة تبعا للتضخم) والعكس صحيح.
كيف إذا قد يزعم أي شخص أن السياسة النقدية الأميركية من الممكن أن تفسر الطفرة في أسعار الأسهم والذهب؟ الحجة هي أن المستثمرين في السوق من الطبيعي تماما أن يتوقعوا من بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يبدأ تخفيف السياسة النقدية في وقت لاحق من هذا العام، ما قد يفسر نظريا ارتفاع سوق الأسهم وأسعار الذهب.
ولكن كيف نفسر إذَا أداء الأسواق المالية أخيرا؟ هل كان راجعا إلى إحكام السياسة النقدية الأميركية على مدى العامين الأخيرين أو إلى التوقعات الحالية بتخفيف السياسة النقدية في المستقبل ؟.
للإجابة عن هذا السؤال، يمكننا أن نلجأ إلى سوق الصرف الأجنبية. يكمن الدليل الأقوى ضد التفسير النقدي لارتفاع أسعار الأسهم والذهب في أن الدولار الأميركي أيضا أصبح الآن أعلى بنحو 14 % مقارنة بالمستوى الذي كان عليه قبل 3 سنوات.
ولو كانت أسعار الفائدة الحقيقية منخفضة أو كان من المتوقع انخفاضها، فإن الدولار كان ليضعف خلال هذه الفترة.
تفسير آخر محتمل لارتفاع أسعار الذهب هو أن دولا عديدة بدأت تنوع استثماراتها بعيدا عن الدولار، وخاصة خصوم الولايات المتحدة المحتملين مثل الصين. ولكن لو كان هذا هو التفسير الصحيح، فإن الدولار كان ليضعف لا أن يبلغ أعلى مستوياته في 20 عاما. يكمن تفسير آخر للزيادة المتزامنة في أسعار الأسهم والذهب والدولار في اقتصاد أميركي قوي يغذي الطلب القوي على هذه الأصول.
من المؤكد أن النمو الاقتصادي الأميركي تباطأ إلى 2.5 % في 2023. لكنه رغم ذلك لا يزال يتجاوز متوسط معدل النمو لهذا القرن نحو 2 % منذ 2001. وقد ظل الطلب الاستهلاكي قويا، مدعوما بمشاريع القوانين الاقتصادية المميزة التي أقرتها إدارة بايدن – خاصة قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم، وقانون الاستثمار في البنية الأساسية والوظائف، وقانون خفض التضخم – والتي ساعدت على تعزيز النمو في 2021 و2022.
كان نمو الناتج المحلي الإجمالي مرتفعا بشكل استثنائي في 2021، واستمر النشاط الاقتصادي في مفاجأتنا على الجانب الإيجابي في 2022 و2023، على الرغم من التوقعات القاتمة بدورة انكماش مطولة. واستمر النمو حتى الآن في 2024 .في كل مرة يتجاوز النمو التوقعات، يزداد الطلب على الأسهم الأميركية والذهب والدولار. لكن يتبقى لنا أن نرى ما إذا كانت هذه الاتجاهات لتستمر بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.