نظمه إتحاد المصارف العربية في بيروت الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
«تداعيات الإقتصاد النقدي على النظام المصرفي»
د. وسيم منصوري: قرارات وقف تمويل الدولة اللبنانية أوقف نزف الخزينة
د. وسام فتوح: الإقتصاد النقدي مخاطره كثيرة حيال التهرُّب الضريبي والفساد والتبييض
جاء إنعقاد الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعنوان «تداعيات الإقتصاد النقدي على النظام المصرفي» الذي نظمه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة – وحدة الإخبار المالي، تحت رعاية رئيس الهيئة، حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري وفي حضوره، في العاصمة اللبنانية بيروت، على مدار يومين، ليؤكد أهمية إهتمام كافة السلطات والجهات المعنية في العالم في موضوع غسل الأموال وتمويل الإرهاب والإقتصاد النقدي، نتيجة تزايد هذه العمليات العابرة للحدود وتنوّعها وتشعّبها، مستفيدة من التقنيات والإبتكارات المالية والمعلوماتية الحديثة في وسائل الدفع والخدمات المصرفية، والتي غالباً ما تستخدم القطاع المصرفي والمؤسسات المالية في تنفيذها، مما يُعرّض المصارف لمخاطر جمّة.
وشارك في الإفتتاح، د. وسيم منصوري حاكم مصرف لبنان بالإنابة، ود. جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية، ود. وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية، وعبد الحفيظ منصور أمين عام هيئة التحقيق الخاصة – وحدة الإخبار المالي اللبنانية، في حضور عدد كبير من الخبراء والمتخصصين في الشؤون المصرفية والمالية ولا سيما حيال الإلتزام بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وشدد المتحدّثون في كلماتهم على ضرورة مكافحة الإقتصاد النقدي ومخاطره كخارطة طريق نحو التعافي، في ظل تعاظم مخاطر إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، وأن مخاطر الإقتصاد النقدي تلوح في الدول التي تشهد فيها حروب ونزاعات.
د. منصوري
في الكلمات، رأى حاكم مصرف لبنان بالإنابة د. وسيم منصوري «أن قرارات مصرف لبنان حول وقف تمويل الدولة وعدم التدخل في سوق القطع وايقاف العمل بمنصة صيرفة، كان من نتائجها توقفُ النزف وتحسُّنُ الجباية كما إستقرارفي مالية الدولة»، وقال: «لقد ساهمنا في تصحيح وتنظيم مالية الدولة بالكامل، حيث أصبح بإمكان الدولة معرفة كيفية الصرف وقدرتها على الصرف من حساباتها الموجودة لدى مصرف لبنان، وقد لمسنا للمرّة الأولى قدرة الدولة على إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهها بشكل طارئ كما حصل مؤخراً، من دون اللجوء الى الإستدانة من مصرف لبنان كما كانت العادة في السابق».
وجدّد د. منصوري «أهمية الدعائم الأربع التي يجب الإرتكاز عليها لإخراج لبنان من الأزمات العميقة التي تعصف به: أولاً، المحاسبة عن طريق القضاء حصراً، ثانياً وضع آلية واضحة لاعادة أموال المودعين، ثالثاً، بناء الإقتصاد من خلال إعادة إطلاق عمل القطاع المصرفي، ورابعاً، إعادة هيكلة الدولة وإجراء الإصلاحات التي طال إنتظارها»، مؤكداً «إلتزام مصرف لبنان بالتعاون الوثيق مع المصارف العربية ودعمه لها ولفروعها الموجودة في لبنان، حيث نعتبر أن مكان لبنان الطبيعي هو في إندماجه الكامل مع محيطه العربي».
د. طربيه
وأكد د. جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية خطورة «تداعيات توسُّع الإقتصاد النقدي والإعتماد المتزايد على المعاملات النقدية، إذ يشكل ھذا الأمر تحدياً ملموساً ومشھوداً في لبنان، إذ إنّ مخاطره تلوح في دول عربية أخرى، وتحديداً تلك التي تشھد نزاعات وحروب»، معتبراً أنه «رغم إندلاعھا منذ نحو خمس سنوات، لا يزال لبنان يشھد أزمة إقتصادية ومالية ونقدية ومصرفية حادة، ومتعدّدة الأوجه، أدت إلى تحوّل كبير في مشھد لبنان المالي، حيث أضعفت الأزمة بشكل كبير القطاع المصرفي وأدت إلى تراجع دور المصارف اللبنانية، بحيث إضطرت جميعھا ومن دون إستثناء إلى تقليص حجمھا وإغلاق عدد كبير من فروعھا والتوقف عن الإقراض، وأدى ذلك إلى فراغ كبير ملأته القنوات المالية غير الرسمية، أو الرسمية التابعة لما يسُمى بصيرفة الظل، وصولاً الى المعاملات النقدية، والتي قد تكون عُرضة لسوء الإستخدام من قبل العناصر الإجرامية. علماً أن لبنان يخشى نتيجة ذلك، رغم الجھود المبذولة من حاكمية البنك المركزي مع المرجعيات الدولية ذات الصلة، من تصنيفه سلبياً من منظمة «فاتف»من خلال إدراجه على اللائحة الرمادية لھذه المنظمة».
د. فتوح
وفي حديث على هامش الإفتتاح شدّد د. وسام فتوح الأمين العام لإتحاد المصارف العربية على «أن لبنان لا يزال يعاني أزمة إقتصادية مالية ونقدية حادة، حيث لم تشهد حتى اليوم يا للأسف، حلولاً جذرية، سواء من حكومة تصريف الأعمال أو من السلطات السياسية اللبنانية، بغضّ النظر عن الإجراءات والتدابير التي قام بها مصرف لبنان مؤخراً والتي تُعتبر جيّدة والتي أدت فعليّاً إلى إستقرار نقدي».
ورأى د. فتوح «أن قرار حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري التوقف عن تمويل الدولة اللبنانية لأي مصاريف إدارية أو مشاريع تتعلق بها هو قرار في غاية الأهمية، حيث ساهم هذا الدور الكبير الذي قام به مصرف لبنان بزيادة الإحتياطي بشكل جيّد، فالإحتياطي زاد أكثر من مليار دولار في أقل من سنة ونصف السنة تقريباً، ولكن هذا لا يكفي لأن الإقتصاد النقدي مخاطره كثيرة، إذ تتعلق بالتهرّب الضريبي، والفساد وتبييض الأموال، وهذا الأمر هو جد خطير».
وفي كلمته أمام الملتقى قال د. وسام فتوح: «يعقد إتحاد المصارف العربية هذا الملتقى وسط الظروف والأوضاع التي يعيشها لبنان، وهو الفعّالية الرابعة منذ إندلاع الأزمة التي لا نزال نعانيها حتى يومنا هذا. وقد سعى الإتحاد في المؤتمرات الثلاثة السابقة، وفي هذا المنتدى كذلك، الى إيجاد منصّات عالية المستوى لمناقشة التحدّيات التي يعيشها لبنان بشكل علمي ومنطقي، وإلى حشد الخبرات العربية واللبنانية للسعي الى طرح حلول علمية ومنطقية وقابلة للتطبيق بهدف الخروج من الأزمة، ومنها الخطة الإصلاحية الإقتصادية والنقدية والمصرفية التي طرحها الإتحاد منذ ثلاث سنوات. أما في ما يتعلق بهذا الملتقى، فإننا أصرينا على عقده في موعده، رغم الأوضاع الأمنية الخطرة في جنوب لبنان والتي إمتدت الى بعض المناطق الأخرى، وذلك لإدراكنا بأن الخطر الذي يُواجه لبنان بالنسبة إلى إحتمالية إدراجه على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي («فاتف»)، قد يكون له تداعيات لا تقلّ خطورة عن الإضطرابات الأمنية التي يشهدها لبنان اليوم».
منصور
وأوضح عبد الحفيط منصور أمين عام هيئة التحقيق الخاصة وحدة الاخبار المالي اللبنانية أن هذا المنتدى «يُعقد تحت عنوان الإقتصاد النقدي، وهو ذلك الجزء من الإقتصاد الذي تجري فيه التعاملات المالية وعمليات الدفع نقداً بدلاً من إعتماد الشيكات، الحوالات أو البطاقات المصرفية. ولهذا النموذج بعض المزايا مثل السرية والكلفة المنخفضة، حيث لا رسوم أو عمولات، ولا توجد الحاجة لإجراء المعاملات المالية الى مصرف أو مؤسسة مالية، وبالتالي فإن هامش الحرية واسع في هذا النمط من التعاملات».
يشار إلى أن جلسات الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ناقشت «تداعيات الإقتصاد النقدي على النظام المصرفي» على مدار يومين، محاور عدة أبرزها: «العلاقات المصرفية العربية – الأميركية، التحدّيات والفرص»، و«مواجهة تحدّيات ظاهرة الإقتصاد النقدي»، و«دور مصرف لبنان في التخفيف من آثار الإقتصاد النقدي»، و«متطلّبات البنوك المراسلة ومواجهة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومحاربة الفساد»، و«التقييم المتبادل المشترك وتجارب عربية» و«تطوير وتدعيم برنامج الإمتثال».
وقد جرى في ختام حفل الإفتتاح، توقيع مذكرة تفاهم بين إتحاد المصارف العربية والمعهد الاميركي لمكافحة الفساد AACI