«بنك الكويت الوطني»: البنوك المركزية تتجه لحماية آفاق النمو الاقتصادي
(القبس)-12/09/2024
أفاد تقرير بنك الكويت الوطني بأنه في ظل اقتراب معدلات التضخم من المستويات المستهدفة، حوّلت البنوك المركزية الرئيسية تركيزها بعيداً عن ارتفاع الأسعار، واتجهت نحو حماية آفاق النمو الاقتصادي، ودرء أي تهديد بالركود.
وقال التقرير إن توقعات الهبوط المتدرج في الولايات المتحدة في الوقت الحالي تبدو واعدة إذ ما يزال سوق العمل قوياً نسبياً، ومن المقرر أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفدرالي خفض أسعار الفائدة في سبتمبر الحالي. وفي منطقة اليورو، من المقرر أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في سبتمبر على خلفية ضعف وتيرة النمو الاقتصادي، فيما تشير المؤشرات الاقتصادية في الصين إلى ضعف الأداء، إلا أن السلطات لم تقدم بعد دعماً قوياً من خلال سياساتها.
وأشار «الوطني» إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي انتعش بقوة إلى %3 (سنوياً) في الربع الثاني من العام الحالي، مقابل %1.4 في الربع الأول من العام، وتشير المؤشرات الرئيسية لارتفاع آخر بمعدل جيد يصل إلى نحو %2 في الربع الثالث. وفي المقابل، حدث ضعف في النشاط العقاري، كما يواصل قطاع التصنيع انكماشه مع استمرار الاتجاه الهبوطي لمؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات.
وأضاف: «استمر تراجع سوق العمل تدريجياً، كما يتضح من بيانات نمو الوظائف وفرص العمل ومعدل البطالة. من جهة أخرى، تستمر ضغوط أسعار المستهلكين في الانحسار، إذ انخفض معدل التضخم بحسب (نفقات الاستهلاك الشخصي) في يوليو إلى %2.5 على أساس سنوي، والمعدل الأساسي إلى %2.6 (مقابل %4.2 قبل عام)، واقترب من مستوى %2 المستهدف، مما دفع مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى تحويل تركيزه نحو مهمته الأخرى، أي السعي لتحقيق الحد الأقصى من التوظيف».
التيسير النقدي
وكشف التقرير أنه من الأمور شبه المؤكدة أن مجلس الاحتياطي الفدرالي سيبدأ دورة التيسير النقدي في منتصف سبتمبر، إذ من المقرر أن يخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، على الرغم من أن خفضها بمعدل أكبر بمقدار 50 نقطة أساس ليس مستبعداً تماماً. ويشير سوق العقود الآجلة في الوقت الحالي لتخفيضات تراكمية تتراوح ما بين 100 و125 نقطة أساس بنهاية العام الحالي، إلا أن هذا التوقع يحمل درجة عالية من عدم اليقين.
ويبقى السؤال، الذي يطرح نفسه هنا، حول ما إذا كان من الممكن للاقتصاد الأمريكي أن يتجنب الهبوط الحاد، أم أنه لن ينجح في تحقيق ذلك. وخلافاً للسوابق التاريخية في وقت يتسم بتشديد السياسة النقدية بوتيرة حادة، فإن الهبوط الحاد ما يزال يبدو في الوقت الحالي أمراً يمكن تجنبه.
وفي الوقت ذاته، يبدو أن السباق الرئاسي سيكون متقارباً للغاية، مما قد يساهم في تأجيج أجواء التوتر التي تسود الأسواق المالية حتى يوم الانتخابات. ومن المرجح أن يؤدي فوز كاميلا هاريس لاختلافات طفيفة في سياسة الديمقراطيين وخططهم الحالية، في حين أن فوز ترامب سيضفي طابعاً أكثر تأييداً لأنشطة الأعمال (من خلال خفض الضرائب واللوائح التنظيمية)، إلا أن فوزه سيؤدي أيضاً إلى زيادة في عدم القدرة على التنبؤ بسياسة الولايات المتحدة من حيث التجارة والهجرة والمسائل الجيوسياسية العالمية، الأمر الذي سيكون له تأثير قوي على التوقعات الاقتصادية.
خفض الفائدة
ولفت تقرير «الوطني» أنه خلافاً للوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة، تمكن اقتصاد منطقة اليورو من تحقيق نمو معتدل بنسبة %0.2 على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من العام الحالي، أي أقل بقليل من %0.3 المسجلة في الربع السابق.
وعلى صعيد أكثر إيجابية، انخفض تضخم أسعار المستهلكين إلى %2.2 على أساس سنوي في أغسطس من نطاق %2.4 ــ %2.6 على مدار الستة أشهر السابقة، مسجلاً بذلك أضعف معدل ارتفاع في قرابة ثلاثة أعوام، إلا أن معدل التضخم الأساسي بقي ثابتاً نسبياً عند %2.8 على أساس سنوي في أغسطس، مع ارتفاع تضخم الخدمات إلى أعلى مستوياته في 10 أشهر عند %4.2.
وعزَّزت البيانات الأخيرة والتوقعات المتعلقة بالتضخم والنمو توقعات السوق بخفض البنك المركزي الأوروبي لسعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى، وهو الاحتمال الذي يبدو أكثر ترجيحاً الآن، في اجتماعه المقرر انعقاده في الخميس، بعد خفضه لسعر الفائدة للمرة الأولى بمقدار 25 نقطة أساس في يونيو.
الانتعاش الاقتصادي
وفي المملكة المتحدة، أكد التقرير أن الانتعاش الاقتصادي اكتسب بعض الزخم، إذ بلغ نمو الناتج المحلي %0.6 على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من العام الحالي بعد ارتفاعه بمعدل قوي بنسبة %0.7 في الربع السابق. إضافة لذلك، قام بنك إنكلترا مؤخراً برفع توقعاته للنمو في عام 2024 إلى %1.2 مقابل %0.5 في وقت سابق. وكانت مؤشرات مديري المشتريات الأخيرة قوية، إذ ارتفع مؤشر قطاع الخدمات لأعلى مستوياته في أربعة أشهر عند 53.7 نقطة في أغسطس، بينما سجل قطاع التصنيع أعلى مستوياته في عامين عند 52.5 نقطة، إلا أن الحفاظ على مثل هذا الزخم خلال الأرباع المقبلة يعد من أبرز التحديات، نظراً لاستمرار ارتفاع أسعار الفائدة، والتشديد المالي، والتباطؤ في سوق العمل. وفي الوقت ذاته، تباطأت وتيرة التضخم الأساسي لأدنى المستويات المسجلة في 34 شهراً عند %3.3 على أساس سنوي في أغسطس، وتراوح معدل التضخم الكلي ضمن نطاق %2.0 ـ %2.2 منذ مايو الماضي.
ضعف المؤشرات في الصين
أوضح التقرير أن الاقتصاد الصيني نما بنسبة أضعف من المتوقع بلغت %4.7 على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الحالي، أي أقل من تقديرات السوق ومن نسبة %5.3 المسجلة في الربع السابق. وتشير المؤشرات المبكرة للربع الثالث من العام الحالي لاستمرار الأداء الضعيف، مما يظهر تباطؤ الزخم الاقتصادي. وعلى وجه التحديد، أظهر شهر يوليو تراجع نمو الإنتاج الصناعي والاستثمار في الأصول الثابتة والائتمان على أساس سنوي. كما ساهمت زيادة النزاعات التجارية الدولية في تصعيد الضغوط على توقعات التصدير مرة أخرى، مع انضمام أوروبا وكندا إلى الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية إضافية على بعض المنتجات صينية الصنع.