ينشط حالياً فيها نحو 20 مصرفاً إسلامياً
باكستان ماضية في التحوّل للإقتصاد الإسلامي في العام 2027
تسير باكستان بخطوات حثيثة للتحول بالاقتصاد الوطني إلى نموذج خال من الفوائد يتوافق مع الأحكام الشرعية الإسلامية، وكانت المحكمة الشرعية الإتحادية الباكستانية قد أقرّت ذلك في أبريل/ نيسان 2022 ومنحت الجهات المعنية فرصة للتحول الكامل خلال 5 سنوات.
وأعرب البنك المركزي الباكستاني، عن ثقته في الوفاء بالموعد النهائي الذي حددته المحكمة الشرعية الفدرالية لتحويل إقتصاد البلاد، بما في ذلك القطاع المصرفي، إلى نموذج خال من الفوائد، إذ قال مسؤول كبير إن الجهود تتقدم بسرعة في هذا المضمار.
ويقضي قرار المحكمة الشرعية الإتحادية بإزالة مصطلح الفائدة من جميع البنود القانونية المعمول بها، ويتطلّب إجراء تعديلات على جميع القوانين ذات الصلة بما يتوافق مع الحكم.
وعلى هامش إنعقاد المنتدى الاقتصادي الإسلامي الوطني الثاني في مدينة كراتشي مؤخراً، أعلن البنك المركزي الباكستاني أنه يتم تنفيذ القرار الذي أصدرته المحكمة الشرعية الإتحادية، وأنه يتم العمل على نطاق كامل قبل حلول الموعد الذي حددته المحكمة، مشيراً إلى القيام بتطوير وتشكيل لجان مختلفة لهذا الغرض.
وأضاف «المركزي الباكستاني» أنه يجري تنفيذ العمل لمراجعة الأطر القانونية والتنظيمية إلى جانب تطوير المنتجات المالية الجديدة المطلوبة لتحويل الدين العام إلى ديون متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
ووفق أحدث الإحصاءات، بلغت الحصة السوقية لأصول وودائع الصناعة المصرفية الإسلامية في القطاع المالي العام 19.6% و22.5% توالياً، في نهاية سبتمبر/أيلول 2023. ومع ذلك، حدد البنك المركزي هدفاً لزيادة حصة النظام المصرفي الإسلامي إلى 35% في حلول العام 2025.
وقد وجّهت المحكمة مذكّرة إلى الحكومة الباكستانية في قرارها بتعاطي تحويلاتها الداخلية والخارجية حسب النظام اللاربوي من دون فوائد، لأنّ تعاطي الزيادة على رأس المال يدخل تحت مسمى الربا.يديو 06 minutes 26 seconds06:26
رقابة شرعية
ويقول المستشار الشرعي في بنك إخلاص عسكري الإسلامي الدكتور محمد طاهر منصوري: «إن الإقتصاد الإسلامي نظام مالي ينظم النشاط الإقتصادي للفرد والمجتمع طبقاً للتعليمات الإسلامية، فيقوم على إستبعاد الربا أو تركيز الثروة بيد فئة قليلة والحرص على تداولها، في حين يقوم النظام الرأسمالي على تركز الثروة بيد أشخاص محدودين والإستغلال والإحتكار».
وعن المصارف الإسلامية، قال منصوري إنها «بدأت في باكستان بشكل عملي في العام 2003، وكان أولها بنك ميزان في مدينة كراتشي (جنوبي البلاد)، ثم بعده 5 بنوك أخرى حتى العام 2010. وبعد ذلك، أخذت معظم البنوك التقليدية بفتح فروع لها كبنوك إسلامية، برأسمال مستقل، وتحت رقابة شرعية، حتى أصبح في باكستان 20 مصرفاً إسلامياً. وهناك توّجه لتحوّل عدد من البنوك من تقليدية إلى إسلامية، ولعل أوضحها تحوّل بنك فيصل، في العام الماضي من بنك تقليدي إلى إسلامي».
تحوُّل البنوك إلى إسلامية
وعن سبب تحول البنوك التقليدية إلى إسلامية أو فتح فرع إسلامي، يقول منصوري، إنه «توجه الدولة للتحوُّل إلى أسلمة الإقتصاد وأسلمة المصارف، أضف إلى ذلك أن البنوك الإسلامية تجد إقبالاً أكبر من الباكستانيين إلى جانب تحقيق البنوك الإسلامية أرباحاً أكثر من البنوك التقليدية».
ومثال على الربحية العالية، يوضح منصوري «أن بنك ميزان الإسلامي الذي أنشئ في العام 2003 حقق أرباحاً بنحو 70 مليار روبية منذ نشأته أي قبل 20 عاماً، في حين أن أكبر بنك تقليدي، وهو بنك حبيب، والذي أنشئ منذ أكثر من 75 عاماً، قد حقق أرباحاً بنحو 45 مليار روبية».
البنوك الإسلامية أظهرت معدل نمو أعلى بكثير مقارنة بالبنوك التقليدية
إمكانات هائلة
وعن تجربة البنوك الإسلامية في باكستان، تقول المحللة الإقتصادية والكاتبة السياسية عاصمة ودود: «إن الخدمات المصرفية الإسلامية أظهرت إمكانات هائلة في باكستان، وهو ما إنعكس في نموها السريع».
وأضافت ودود: «أن البنوك الإسلامية أظهرت معدل نمو أعلى بكثير مقارنة بالبنوك التقليدية»، مشيرة إلى «أن الباكستانيين يفضلون البنوك الإسلامية، لأنها تتوافق مع معتقداتهم وتفضيلاتهم الدينية».
وأعربت ودود عن تفاؤلها تجاه تجربة البنوك الإسلامية، موضحة «أن هذه البنوك لو إتبعت الإستراتيجية الصحيحة، فسوف تكون لديها إمكانات أكبر للنمو في الإقتصاد الباكستاني مقارنة بغيرها من البنوك».
ولفتت ودود إلى «أن صناعة البنوك الإسلامية تجاوز حجمها 53 مليار دولار حتى نهاية العام 2023، إذ تتوقع وكالة «فيتش» أن تصل الصيرفة الإسلامية، على المدى المتوسط، إلى 25% من أصول الصناعة، في حين ستصل الصكوك (السندات الإسلامية) إلى 20% من سوق رأس مال الدين».
وأشارت ودود إلى «أن بنك باكستان المركزي يهدف إلى أن تمتلك البنوك الإسلامية 30% من إجمالي الأصول والودائع المصرفية في حلول العام 2025. ويحتاج النظام المصرفي في باكستان إلى أن يكون أكثر فاعلية حتى يتمكن من التحول إلى تقاسم الأرباح بشكل كامل».
إكرام الحق: التجربة الباكستانية لتفعيل البنوك الإسلامية لا تعتمد على قوانين مدروسة بشكل جيد
إنتقاد التجربة
أما الخبير المالي والإقتصادي الدكتور إكرام الحق، فانتقد التجربة الباكستانية لتفعيل البنوك الإسلامية، وقال: «إن التجربة لا تعتمد على قوانين مدروسة بشكل جيد»، معتبراً «أن النظام المصرفي الإسلامي الذي يتبنّاه البنك المركزي الباكستاني نظام مصرفي تقليدي أكثر إستغلالاً».
وعن إصدار المحكمة الشرعية الفدرالية في باكستان قراراً بحظر الربا في جميع أشكاله في العام 2022، قال إكرام الحق: «إن الأمر يتم الطعن فيه أمام هيئة الإستئناف الشرعية بالمحكمة العليا».
وعن مستقبل البنوك الإسلامية، يرى إكرام الحق «أن أي حكومة لن تنفذ أمر المحكمة الشرعية، حيث إن بنك الدولة نفسه يحصل على دخل ضخم من الفوائد، كذلك يدير البنك الوطني الباكستاني المملوك للحكومة ماليته معتمدا على الفوائد بنسبة 100%».