تمويلات التنمية المستدامة من المصارف العربية
إلى 1 تريليون دولار في العام 2030
د. وسام فتوح
الأمين العام لإتحاد المصارف العربية
لا شك في أن القطاع المصرفي العربي متين ويتمتع بملاءة مالية جيدة، إذ تبلغ موجوداته نحو 4.9 تريليونات دولار، مرتفعة في الفصل الأول من العام 2024 بنسبة 4%، فيما تبلغ تمويلات هذا القطاع حوالي 2.8 تريليون دولار. وبحسب بيانات المصارف المركزية العربية، فقد بلغت الموجودات المُجمّعة للقطاعات المصرفية العربية نحو 4.79 تريليون دولار في نهاية الربع الأول من العام 2024 (بإستثناء سوريا واليمن)، أي بزيادة 4.8% عن نهاية العام 2023، مقارنة بنسبة نمو 7.9% خلال العام 2023 بأكمله و4.6% خلال العام 2022 بأكمله.
ولأن المصارف العربية أثبتت ملاءتها المالية وجدارتها في تمويل الإقتصادات العربية، يسعى إتحاد المصارف العربية إلى حثّ هذه المصارف على دعم التنمية المستدامة. وفي هذا الإطار شارك الإتحاد في القمّة التي عقدتها الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2023، في نيويورك، وإلتزم أمام الأمم المتحدة بالتعاون مع الإسكوا – لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا، بغية تشجيع المصارف العربية، على زيادة التمويلات والتي تصبُّ في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بحيث يُتوقع أن تصل في العام 2030 إلى نحو 1 تريليون دولار.
لكن في المقابل، وفي ما يتعلق بالفجوة المالية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فإنها تبلغ مليارات الدولارات، (تفوق 200 مليار دولار سنوياً)، وتالياً يُمكن القول إن الفجوة المالية واسعة في هذا المجال، لذا جاء تنظيم إتحاد المصارف العربية للمؤتمر المصرفي العربي 2024 في الدوحة، تحت رعاية محافظ مصرف قطر المركزي وفي حضوره، بهدف إثارة الموضوعات المتعلّقة بالتنمية المستدامة، ومعالجة الفجوات التي تعانيها.
علماً أن الإتحاد بالتعاون مع الإسكوا يُحضّران لإستمارة تقييم وُجّهت إلى المصارف الأعضاء لدى الإتحاد، لتبحث في موضوع تمويلات المصارف العربية المشار إليها والتي تبلغ نحو 3 تريليونات دولار، ولا سيما حيال أين تذهب هذه التمويلات؟ بمعنى هل تذهب هذه التمويلات نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ أو نحو قطاعات الصحة والتعليم ومكافحة الفقر؟ أو نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تخلق فرص عمل للشباب ولا سيما لذوي الدخل المحدود؟ علماً أن نسبة العاطلين عن العمل في العالم العربي تبلغ نحو 60%، وهم في سنّ الـ 30 عاماً.
ويعمل إتحاد المصارف العربية وبالتعاون مع الإسكوا، وبحسب إلتزامه أمام الأمم المتحدة، مع القطاع المصرفي العربي، والمؤسسات المالية العربية (مصدر التمويل)، على زيادة التمويلات التي تخدم التنمية المستدامة، والتي نأمل في أن تصل إلى 1 تريليون دولار. لذا من واجب الإتحاد أن يُبيّن أمام هذه المصارف، أهمية هذه التمويلات، وأن تكون مربحة، وتالياً من واجب الإتحاد بالتعاون مع أذرع الأمم المتحدة وفي مقدّمها الإسكوا، أن يُظهر أمام المصارف العربية، أهمية الفرص الإستثمارية المربحة، في حال بادر المصرف بالتمويل الضروري الذي يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة.
في المحصّلة، ترتبط أهداف التنمية المستدامة بالإقتصاد الأخضر الذي يُعتبر إستثماراً مربحاً، حيث نشهد دولاً متقدمة جداً مثل الصين وغيرها تصبُّ إستثماراتها في هذا الإتجاه، بما يفيد البيئة، في ظل التغيُّرات المناخية الحادة والتي يشهدها العالم في الوقت الحالي. علماً أن إتحاد المصارف العربية كان له دور أساس في إطلاق خطة الشمول المالي 2015 – 2020، فضلاً عن تعميم الثقافة المالية. إن الإتحاد جادّ في فتح كوّة واسعة للتمويل المجدي تحقيقاً للتنمية المستدامة المرجوّة.