التوظيف عبر الذكاء الاصطناعي في الإمارات: ثورة تكنولوجية في سوق العمل
(النهار)-13/11/2024
أظهرت نتائج التقرير الذي أطلقته وزارة الاقتصاد الإماراتية، بعنوان “المواهب التقنية المستقبليّة في الإمارات 2024″، أن هناك نمواً كبيراً في استخدام أدوات التوظيف القائمة على الذكاء الاصطناعي، مع ارتفاع معدّلات الاستخدام بنسبة 90% منذ عام 2022، إذ تميل كل من شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة بشكل كبير نحو هذه الحلول والتقنيات المتطورة.
يشير التوظيف عبر الذكاء الاصطناعي إلى استخدام أنظمة ذكية لتحليل البيانات الضخمة المتعلقة بالمرشحين للوظائف. هذه الأنظمة تعتمد على خوارزميات معقّدة تستطيع تحليل السّير الذاتية، ملفات المتقدمين، وحتى نشاطاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يقوم الذكاء الاصطناعي بتصفية المرشحين بناءً على معايير محددة مسبقاً، مثل المهارات، المؤهلات، والخبرات المطلوبة للوظيفة.
في هذا الإطار، يقول خبير التحوّل الرقمي رودي شوشاني لـ “النهار” إنّ السوق الإماراتية “تشهد نمواً غير مسبوق، وتوجِد العديد من الفرص الوظيفية بفضل توسّع الأعمال في قطاعات متنوعة مثل التكنولوجيا، البنية التحتية، والخدمات المالية. مع هذا النمو الكبير، تواجه الشركات تحديات كبيرة في معالجة كميات ضخمة من طلبات التوظيف. على سبيل المثال، تتلقى الشركات الكبرى آلاف الطلبات لأي وظيفة شاغرة، ويصبح من المستحيل عملياً تحليل كل هذه الطلبات بشرياً في وقت قصير. هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي الذي يقوم بتعجيل هذه العملية عبر تصفية المرشحين وتحديد الأنسب بسرعة وكفاءة، في ظلّ الحاجة الملحة الى تكنولوجيا قادرة على إدارة هذا الكم الهائل من البيانات”.
أمة ناشئة
ويشير شوشاني إلى أنّ “الإمارات تُعتبر “أمة ناشئة” يتزايد فيها عدد الشركات الناشئة بشكل ملحوظ”. وفقا للبيانات الإحصائية الأخيرة لـ “STATISTA”، تصدّرت الإمارات كأعلى دولة خليجية حاضنة للشركات الناشئة، بعد تسجيل أكثر من 5,600 شركة ناشئة في أنحاء الدولة، حتى الربع الثاني من العام الجاري 2024. وغالباً ما تكون الشركات الناشئة، شركات صغيرة بتمويل محدود أو موارد بشرية محدودة، مما يتطلب أيضاً تكنولوجيا لمساعدتها في عمليات التوظيف، فهي تحتاج إلى المواهب بسرعة، في رأي شوشاني، “وهنا يأتي دور التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي لتحليل السّير الذاتية”.
ويضيف: “في السابق، كان هناك نظام يعرف بـ ATS (نظام تتبّع المتقدمين)، لكنه تطور كثيراً ليصبح قادراً على تحليل البيانات من مصادر متعددة، مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، للحصول على مزيد من المعلومات وتحليل البيانات بشكل أكثر دقة”.
فوائد توظيفية
تكمن أهمية هذه التكنولوجيا في أنها قادرة على تصفية آلاف المتقدمين بسرعة وفعالية، وتحديد أفضل المرشحين بناءً على معايير محدّدة مسبقاً، مثل متطلبات الوظيفة. هذا يساعد في تعجيل عملية التوظيف وتحديد الكفاءات العالية، في رأي شوشاني، الذي لم ينكر وجود تحيّز في الذكاء الاصطناعي، إلا أنه اعتبر أنّ الذكاء لاصطناعي يقلّل من التحيّز البشري ويعمل على تحسين الاختيار بناءً على البيانات.
ويشير الى أن أهمية أخرى لاستخدام الذكاء الاصطناعي، تبرز في قدرته على تحليل كميات ضخمة من البيانات في وقت قصير، وهو أمر كان مستحيلاً في السابق. هذا التحدي يواجه العديد من المدن الكبرى مثل نيويورك وسنغافورة، ولكن بفضل التكنولوجيا المتقدمة، أصبح بالإمكان التعامل مع هذه المشكلات بشكل أكثر فعالية.
إلى ذلك، نرى أن المقابلات الشخصية أصبحت تُجرى افتراضياً ومدعومة بالذكاء الاصطناعي أيضاً، حيث يجري تحليل بيانات المقابلات وتعجيل العملية برمتها. فأصبح بإمكان الشركات الآن إجراء مقابلات مع المرشحين عبر الإنترنت باستخدام أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل الإجابات ولغة الجسد وحتى نبرة الصوت. هذه الأدوات تساهم في تقييم المرشحين بشكل أكثر دقة وتساهم في توفير الوقت والموارد للشركات.
ويشرح أن “هذه الطريقة بدأت تظهر بوضوح منذ عام 2013 في أميركا، خصوصاً مع ارتفاع أكلاف السفر للتوظيف. بلغ هذا النوع من التوظيف ذروته في مرحلة جائحة كوفيد-19، وأصبح الآن جزءاً أساسياً من عملية التوظيف بفضل فعاليته وكفاءته في إدارة الوقت”.