هل تنجح تونس في رفع الحصار المالي الدولي عنها عبر منتدى دافوس؟
(الدستور)-22/01/2025
تشارك تونس في منتدى دافوس المنعقد في سويسرا ممثلةً بوزيري الخارجية محمد علي النفطي، والاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ.
وتأتي المشاركة التونسية في هذا المنتدى الاقتصادي العالمي المهم في وقت لا يزال فيه البلد يعاني أزمة اقتصادية خانقة يأمل الخروج منها بالتعويل على إمكاناته الذاتية، بعد أن وصلت مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي إلى طريق مسدود.
حصار دولي
ويؤكد خبراء أن تونس تعاني حصاراً مالياً دولياً بسبب رفضها الخضوع لما سمّاها الرئيس سعيد “الاملاءات الخارجية التي تمس بالسلم الاجتماعي” في بلده، في إشارة إلى ما تطلبه المؤسسة الدولية المانحة.
وكانت تونس انطلقت عام 2019 في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، لكن هذه المفاوضات شهدت تعثراً وباتت في حكم المتوقفة بسبب اختلاف وجهات النظر بين الطرفين.
وفي حين يشترط الصندوق عليها أن تقوم بإصلاحات موجعة بينها خفض كتلة الأجور ومراجعة منظومة الدعم، ترفض تونس الاستجابة لهذه الشروط التي قالت إنها ستمس شريحةً واسعةً من مواطنيها.
وللعام الثاني، أقرت تونس موازنتها من دون التعويل على صندوق النقد الدولي.
ويقول أستاذ الاقتصاد عبد الجليل البدوي إن تونس تعاني للعام الثاني ما يشبه الحصار المالي الدولي عليها، مؤكداً أنها تواجه صعوبات كبيرة في الخروج الى السوق المالية العالمية للاقتراض نظراً إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض منها، لافتاً إلى أن صندوق النقد الدولي يقف وراء ذلك.
فرصة مهمة
وفي تصريح لـ”النهار” يعتبر البدوي أن مشاركة تونس في منتدى دافوس تشكل فرصةً مهمةً لأنها “قد تمكنها من كسر الحصار المالي الدولي عليها” أو على الأقل “اختراقه”، وفق تعبيره “شريطة ألا يكون حضوراً من أجل الحضور وأن تكون هناك خطة تساعدها على كسر هذا الطوق”.
ويوضح أن هذا المنتدى يجمع كبار الشخصيات الدولية وهو ما يسهل التواصل معهم وإبرام الاتفاقات الثنائية.
لكنه يرى أن النجاح في تحقيق هذا الهدف يتطلب وضع خطة تقوم على إبراز نجاحات تونس في الأعوام الأخيرة.
ويقول إن من المهم إبراز المؤشرات المشجعة للاقتصاد التونسي في الفترة الأخيرة، “إذ أنها لبت شروط صندوق النقد الدولي واعتمدت سياسةً تقشفيةً لكن على طريقتها وبنسقها، فقد قلصت في كتلة الأجور وراجعت منظومة الدعم وجمدت الانتدابات وقامت بإصلاحات مالية، وهو ما يطلبه الصندوق كما أنها أوفت رغم أزمتها الخانقة، بكل التزاماتها الدولية وسددت ديونها من دون تأخير”.
استغلال التناقضات الدولية
كذلك يشدد البدوي على أن وجود خلافات وتناقضات بين مختلف التجمعات الدولية الكبرى مثل البريكس والمعسكر الغربي من جهة والاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي من جهة أخرى، كلها عوامل يمكن لتونس استغلالها “شريطة أن تحدد أولوياتها والحلقات الأضعف التي يمكنها التوجه نحوها”.
وفي تقدير أستاذ الجامعة ، فإن البحث عن اتفاقات ثنائية بما في ذلك مع دول عربية في ظل مثل هذا الوضع، أمر ممكن ومهم لتونس للخروج من أزمتها الحالية وكسر الحصار المالي الجماعي عليها.
ولكنه يرى “أن التداين يجب أن يُوجه نحو دفع عجلة الاستثمار وخلق فرص للتنمية، عدا ذلك، فإن الاقتراض الخارجي إذا وجّه فقط للاستهلاك فسيزيد من مديونية البلد ويفاقم أزماته الاقتصادية”.