ارتفاع السيولة في الاقتصاد السعودي يعزز قوته أمام التحديات العالمية
(العربية)-14/04/2024
قال الخبير الاقتصادي الدكتور بندر الجعيد، إن بلوغ السيولة في الاقتصاد السعودي أعلى مستوياتها تاريخيًا يعود إلى عدة عوامل، منها ما هو هيكلي مرتبط بإصلاحات طويلة الأجل بدأتها المملكة منذ سنوات، ومنها ما هو طارئ كارتفاع أسعار النفط خلال العام الماضي، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في القطاعات غير النفطية والبنية التحتية.
وسجلت مستويات السيولة “النقود المتاحة” في الاقتصاد السعودي نموًا إيجابيًا، حيث بلغت أعلى مستوياتها التاريخية بنهاية شهر فبراير من عام 2025م، بارتفاع سنوي قدره 277,490 مليون ريال، بنسبة نمو بلغت 10.1%، ليصل إجمالي السيولة إلى 3,033,684 مليون ريال، مقارنة بـ 2,756,193 مليون ريال في الفترة نفسها من عام 2024.
وأوضح الجعيد، خلال مقابلة مع “العربية Business”، أن هذه العوامل دفعت بالسيولة إلى هذه المستويات القياسية، مشيرًا إلى أن ذلك يُعد من المزايا التنافسية المهمة للاقتصاد السعودي، لا سيما في ظل التوترات التجارية والمخاطر الجيوسياسية التي يواجهها الاقتصاد العالمي.
وأشار إلى أن توفر السيولة يعزز من قدرة المملكة على تقليل الانكشاف على أسواق الدين العالمية، كما يسهل تمويل المشاريع الاستراتيجية، ويعزز تنويع الاقتصاد الوطني. وأضاف: “نحتاج إلى قراءة الأفق القصير فيما يتعلق بالتوترات الجيوسياسية، بالتزامن مع استمرار المملكة في الاستثمار في القطاعات غير النفطية لدعم الإيرادات المستدامة”.
الرسوم الجمركية
وبيّن أن الدول بدأت مراجعة استراتيجياتها في سلاسل الإمداد وتنويع الشركاء التجاريين، خصوصًا في ظل التحركات الجارية في الولايات المتحدة بشأن التعريفات الجمركية، مما سيدفع دولًا، بما فيها الخليجية، نحو تنويع الشراكات التجارية وسلاسل الإمداد، ولا سيما مع الاقتصادات المستقرة مثل دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.
ولفت إلى أن المملكة أطلقت قبل سنوات استراتيجية متكاملة للنقل والخدمات اللوجستية، وبدأت استثمارات لوجستية في القارة الإفريقية، ما سيساهم في تنويع القنوات التصديرية وتعزيز الإنتاج الصناعي، منوهًا إلى أن تنويع الأسواق سيكون من خلال مناطق لوجستية خاصة.
ورأى الجعيد أن ارتفاع السيولة سيساهم أيضًا في تعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، قائلًا: “ستُسهم السيولة في استكمال المشاريع الكبرى مثل الدرعية، ونيوم، والبحر الأحمر، والقدية، إضافة إلى مشروعات تطوير الرياض، واستضافة كأس العالم، والإكسبو”.
وأضاف أن تعزيز المحتوى المحلي يُعد من المحاور المهمة، خصوصًا في ظل الأزمات المتلاحقة مثل جائحة كورونا، والأزمة الروسية الأوكرانية، وأزمة التعريفات الجمركية، مشيرًا إلى أن التركيز سيكون على القطاعات الحساسة مثل الأدوية، والتكنولوجيا، والغذاء، والأمن الغذائي، مع استمرار المملكة في تعزيز بيئة الأعمال الجاذبة.
3 محاور لحماية الاقتصاد السعودي
وفيما يتعلق بكيفية حماية الاقتصاد السعودي من تداعيات التوترات التجارية العالمية، أوضح الجعيد أن المملكة تسير على ثلاثة محاور رئيسية؛ الأول هو الاستثمار، حيث تواصل المملكة إعادة ترتيب أوراقها في القطاع الاستثماري، لاسيما عبر صندوق الاستثمارات العامة واستراتيجيته الجديدة التي تُعزز من التنويع بين المحفظة المحلية والدولية.
أما المحور الثاني، فيتمثل في السياسة المالية العامة، التي أثبتت مرونتها خلال السنوات الماضية، من خلال إعادة ترتيب الأولويات، ومراجعة الخطط الاستراتيجية بما يتوافق مع رؤية المملكة، مما يمنحها ميزة إضافية في التعامل مع المخاطر.
وأضاف أن المحور الثالث هو إدارة الدين، مؤكدًا أن أدوات الدين والأسواق المالية العالمية شهدت نوعًا من الاضطراب خلال الأسبوع الماضي، مما يدفع الدول إلى إعادة ترتيب أدواتها التمويلية وتنويع القنوات والأدوات والعملات المستخدمة، مشيرًا إلى أن انخفاض الدولار، خصوصًا في الدول المصدرة للنفط، يمنح ميزة في عمليات الاستيراد والحماية من الصدمات، مؤكدًا أن المملكة حققت تقدمًا ملحوظًا في إدارة المخاطر، كما يظهر في تقارير مركز إدارة الدين.
أشار الدكتور بندر الجعيد إلى أن الدول باتت بحاجة إلى مراجعة أدوات الدين والمالية العامة لمواجهة المرحلة القادمة بكفاءة.