في الذكرى الثامنة لتولّي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد:
تحوّلات غير مسبوقة وإصلاحات وإنجازات عالمية
في الذكرى الثامنة لتولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، جدّد السعوديون مشاعر الولاء والوفاء، بعدما ترسّخ في وجدان السعوديين، أن كل ذكرى سنوية للبيعة تصاحبها خطوات إصلاحية جديدة، وتحوّلات غير مسبوقة في مختلف الأصعدة، وهو ما يأتي في جوهر «رؤية 2030» الطموحة ذات البرامج الإصلاحية، والهادفة إلى تنويع الإقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة، وإطلاق إمكانات القطاعات الاقتصادية الواعدة، وتعزيز مكانة المملكة كقوة اقتصادية رائدة في المنطقة والعالم.
وقد وضع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مصلحة الوطن ورفاهية المواطن وجودة حياته في مقدمة أولوياته، وتمكين الشباب والمرأة، مع حرصه الشديد على حماية الهوية والقيم السعودية الأصيلة التي تمثل إمتداداً لتاريخ الآباء والأجداد وتعكس صورة المملكة المشرقة في العالم.
من بين القطاعات الواعدة في أكبر خطة وطنية للتغيير، برزت قطاعات حيوية تُسهم في تنويع الإقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة، فقد إستقطب قطاع السياحة إستثمارات ضخمة وملايين السياح، بفضل المشاريع العملاقة مثل «نيوم» و«البحر الأحمر» و«القدية»، والتأشيرة السياحية الإلكترونية التي سهَّلت الوصول إلى المملكة.
وشهد قطاع التقنية نقلة نوعية في التحوُّل الرقمي ودعم الإبتكار، حيث أصبحت المملكة مركزاً إقليمياً للتكنولوجيا، وإستثمرت في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. أما قطاع الصناعة، فقد تنوّعت قاعدته وتطوّرت صناعاته، بفضل الإستثمارات في الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة، والتركيز على الصناعات عالية التقنية.
وإستثمر قطاع الخدمات اللوجيستية الموقع الإستراتيجي للمملكة كمركز ربط عالمي، من خلال تطوير المطارات والموانئ وشبكات النقل.
في هذا السياق، أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في العام 2024، تأسيس شركة «آلات»، وهي شركة تابعة لـ «صندوق الإستثمارات العامة»، وتهدف إلى جعل المملكة مركزاً عالمياً للصناعات المستدامة التي تركز على التقنية المتقدمة والإلكترونيات.
وستعمل الشركة على تطوير وتصنيع المنتجات والحلول التقنية المبتكرة، مثل أشباه الموصلات والروبوتات والطائرات من دون طيار، بهدف تلبية الطلب المحلي والإقليمي والعالمي. ويعكس تأسيس شركة «آلات» إلتزام المملكة بتنويع إقتصادها، وتعزيز مكانتها كقوة صناعية وتكنولوجية رائدة في المنطقة والعالم.
كما أطلق ولي العهد الإستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية في العام 2024، بهدف تعزيز مكانة المملكة دولةً رائدةً في قطاع التقنية الحيوية، وتحسين الصحة الوطنية، وحماية البيئة، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي. أما الإستراتيجية الوطنية لإستدامة البحر الأحمر فتهدف إلى حماية النظام البيئي للبحر الأحمر، وتعزيز أطر التعاون لاستدامته، ودعم التحوُّل إلى إقتصاد أزرق مستدام.
هي قصة نجاح لم تنتهِ بعد، سطّرها ولي العهد، وعزّزت مكانة المملكة على الصعيد الدولي ودورها في استقرار الاقتصاد العالمي، مما أهّلها للفوز باستحقاقات دولية مهمة، مثل استضافة معرض إكسبو العالمي 2030، وكأس العالم لكرة القدم 2034، وهو ما يعكس ثقة العالم في قدرة المملكة على تنظيم فعّاليات عالمية ناجحة.
الإقتصاد الكلي: مواجهة التحديات
في ظل رياح إقتصادية عالمية عاتية، أثبتت السعودية صلابتها، محققةً نمواً إقتصادياً ملحوظاً بنسبة 1.3% في العام 2024. هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة لجهود دؤوبة في تنويع الاقتصاد، حيث قفزت مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي إلى أكثر من 51%، مما يعكس رؤية ثاقبة وسياسات اقتصادية رشيدة.
كما نجحت المملكة في السيطرة على التضخم الذي يشكل تحدياً كبيراً للإقتصادات العالمية، حيث بلغ ما نسبته 1.7% فقط في نهاية العام 2024، لتحتل بذلك المراتب الأولى من ضمن «مجموعة العشرين».
بيئة جاذبة للاستثمار
لقد جعل ولي العهد السعودية من بين الأكثر جذباً للإستثمار، مُدخِلاً تغييرات كبيرة على البيئة الإستثمارية التي تشكل أساساً في تنفيذ مشاريع المملكة العملاقة. ومن بين أبرز هذه الخطوات في العام 2024، كان قانون الإستثمار الجديد الذي يعد خطوة مهمة في مسيرة التنمية الاقتصادية، حيث يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر الدخل، وذلك في إطار «رؤية 2030».
الإعلان عن حجم الإستثمارات التقنية في «ليب 25»
وقد عزّزت البيئة الإستثمارية عملية إستقطاب الشركات العالمية لنقل مقراتها إلى المملكة، حيث تخطى عددها الـ600 في العام 2024، بالإضافة إلى إصدار أكثر من 14 ألفاً و454 ترخيصاً جديداً في العام 2025، ليتجاوز إجمالي عدد التراخيص 40 ألف ترخيص استثماري فعَّال. في حين تضاعف رصيد الإستثمار الأجنبي المباشر عمّا كان عليه عند إطلاق «رؤية 2030» ليصل إلى 900 مليار ريال (240 مليار دولار).
الذكاء الإصطناعي: بوابة المستقبل الواعد
«نحن نعيش في زمن الإبتكارات العلمية والتقنيات غير المسبوقة، وآفاق نمو غير محدودة». بهذه الكلمات الملهمة، رسم ولي العهد ملامح مستقبل المملكة في قمة الرياض 2020 في مجال التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي وإنترنت الاشياء، التي يُمكنها «في حال تم إستخدامها على النحو الأمثل أن تجنّب العالم الكثير من المضارّ وتجلب للعالم الكثير من الفوائد الضخمة».
لقد وضعت المملكة الذكاء الاصطناعي في صميم «رؤية 2030»، وجعلته أداة رئيسية لتنويع الإقتصاد وتحقيق التحول الرقمي. وقد إتخذت خطوات جادة لتعزيز البنية التحتية الرقمية، لتكون مركزاً إقليمياً وعالمياً لتطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.
وقد أثمرت هذه الجهود نتائج مبهرة، حيث حققت المملكة المركز الرابع عشر عالمياً والأول عربياً في المؤشر العالمي للذكاء الإصطناعي، وتصدّرت المركز الأول عالمياً في معيار الإستراتيجية الحكومية للذكاء الإصطناعي. كما نجحت في جذب إستثمارات ضخمة بقيمة 28.3 مليار دولار في هذا المجال في عامين فقط، مما يؤكد مكانتها الرائدة في هذا القطاع الحيوي.
الإصلاحات الإقتصادية تدفع سوق العمل بالسعودية نحو نمو مستدام
من جهة أخرى، منذ إنطلاق «رؤية 2030»، أدخلت السعودية إصلاحات جذرية على سوق العمل بهدف تحسين البيئات الوظيفية وتعزيز مشاركة المواطنين في مختلف القطاعات، وتحفيز القطاع الخاص، بما يسهم في تحقيق الاستدامة. هذه العملية التي لا تزال مستمرة إلى اليوم، ساهمت في إنخفاض قياسي في معدلات البطالة، التي بلغت 7.1% في العام 2024، وهو المعدّل القريب من مستهدفات الحكومة، وفي تعزيز الأرضية اللازمة لإشراك القطاع الخاص ودفعه ليكون شريكاً رئيسياً في استدامة التوظيف وخلق بيئة عمل جاذبة للكفاءات الوطنية.
وقد دفع بلوغ هدف البطالة قبل سنوات من المدة المحددة في «رؤية 2030»، بالحكومة إلى إعادة النظر بمستهدفاتها وتقليص المعدل من 7% إلى 5%.
في المحصّلة، إن الذكرى الثامنة للبيعة هي مناسبة لإعادة التذكير بمستقبل المملكة المشرق بفضل السياسات الإقتصادية الرشيدة والرؤية الثاقبة لولي العهد.
المصدر:الشرق الأوسط