الشراكة بين القطاعين العام والخاص
أصبحت محوراً أساسياً في تمويل الإقتصادات العربية
لا شك في أن العام 2024 قد شهد أداءً معقولاً للقطاع المصرفي العربي، حيث حقق معدل نمو بنسبة 8 % مقارنة بالعام 2023، رغم أن هذا النمو يختلف من دولة إلى أخرى. علماً أن دول الخليج قد إستفادت من إرتفاع أسعار الفائدة وأسعار النفط، مما إنعكس إيجاباً على أداء مصارفها، كما حققت دول أخرى مثل العراق والمغرب والجزائر نتائج جيدة في ظل إستقرار نسبي، مقارنة مع دول أخرى عانت توترات سياسية وصراعات أثّرت سلباً على قطاعاتها المصرفية. علماً أن المصارف العربية بشكل عام حققت أداءً جيداً، حيث بلغت نسبة الموجودات فيها نحو 4.9 تريليون دولار، مع إدّخارات قدرت بنحو 3 تريليون دولار.
وقد شهدت دول عربية عدة حروباً وتوترات في العام 2024، مثل السودان، حيث كان أداؤها ضعيفاً، ولا يزال هذا البلد يعاني حرباً داخلية قاسية تؤثر على نموه الإقتصادي وتقدمه الحضاري.
أما عن لبنان، فلا يزال يعاني أزمة مالية حادة في قطاعه المصرفي، وأن أداءه لم يكن جيداً في العام 2024، لكن ورغم الظروف الإقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد، يسير القطاع المصرفي اللبناني في الإتجاه الصحيح، بشرط إقرار العديد من القوانين لإصلاح القطاع المصرفي، ومن أهمها حماية المودعين.
وعن سوريا، يعمل إتحاد المصارف العربية على خطة إصلاحية لتطوير القطاع المصرفي السوري. علماً أن هناك 21 مصرفاً في البلاد، منها 15 مصرفاً خاصاً تعمل على إستثمارات عربية خارج البلاد. والجدير ذكره، أن إحدى العوائق الرئيسية التي تواجه المصارف السورية هي العقوبات المفروضة عليها، وأن الخطوة الأولى لتطوير القطاع هي رفع هذه العقوبات، مما سيُسهم في تنشيطه.
وفي ما يخص مصر، يدعم إتحاد المصارف العربية تخفيض معدّلات الفائدة. علماً أن الفائدة العالية سلاح ذو حدين، رغم أن البنوك تستفيد من الفائدة المرتفعة، لأنها ترفع من نسبة القروض، لكنها قد تؤدي إلى تعثُّر بعض المقترضين في سدادها. أما في حال تطبيق فائدة معتدلة أو منخفضة، فإنه يُمكن أن يساهم ذلك في تحفيز الإقتصاد وتحقيق إستقرار أكبر.
ولا بد من التذكير، بأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أصبحت محوراً أساسياً في تمويل الإقتصادات العربية، خصوصاً في ظل التوترات السياسية الحالية التي يعانيها معظم دول العالم، إذ إن المصارف العربية ليست معزولة عن الوضع العالمي، بل تتأثر بشكل مباشر بالظروف الإقتصادية والسياسية في محيطها. علماً أن حالة الإستقرار تلعب دوراً حاسماً في أداء القطاع المصرفي في كل دولة عربية.
في المحصّلة، تلعب المصارف دوراً أساسياً في النمو الإقتصادي والتنمية الشاملة، نظراً إلى الإدّخارات الكبيرة التي تمتلكها، فالدور الذي تقوم به المصارف يُعد أكبر من دور أسواق المال، وأنه من الضروري إقرار قوانين تحمي الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى توفير محفّزات وتسهيلات لدعم النمو الإقتصادي، من دون أن نغفل أهمية الشمول المالي والذي يُعزّز دور الخدمات المصرفية ويدمج الفئات المهمّشة والمحدودة الدخل في سبيل رفد الإقتصادات بالتمويل لتحقيق الإزدهار.