هل بدأ عهد الإصلاح المالي في لبنان؟
(العربية)-30/07/2025
بعد مرور سبعة أشهر على انطلاقة العهد الجديد في لبنان، منذ انتخاب رئيس الجمهورية جوزف عون وتشكيل الحكومة برئاسة نواف سلام، تشهد البلاد حراكًا لافتًا على مستوى ملء الشواغر في الإدارات والمراكز المالية والقضائية، إلى جانب تكثيف الجهود في مكافحة الفساد المتغلغل في مفاصل الدولة، من خلال ملاحقات وتوقيفات على خلفية جرائم مالية تتراوح بين هدر المال العام، الرشوة، الإثراء غير المشروع، التهرب الضريبي، وتبييض الأموال.
ومن أبرز هذه الخطوات، توقيف عدد من الوزراء السابقين، ورفع الحصانة عن نائب لملاحقته بتهم فساد، وإحالة ثلاثة وزراء اتصالات سابقين إلى لجنة تحقيق نيابية، إضافة إلى إحالة 40 قاضيًا على هيئة التفتيش القضائي.
وانطلقت الشرارة الأولى من ملف هيئة إدارة السير والآليات والمركبات، حيث شهدت تغييرات إدارية وتوقيفات مرتبطة بمخالفات وسمسرات ورشاوى، أدت إلى توقيف موظفين كبار، ووضع حد لهدر مئات آلاف الدولارات.
لاحقًا، أوقف القضاء اللبناني وزير الاقتصاد السابق أمين سلام، وشقيقه كريم سلام الذي كان يعمل مستشارًا له، بتهم تزوير، وعقد صفقات مشبوهة، والتصرف بأموال عامة خلافًا للقانون، وإثراء غير مشروع. وكانت السلطات قد أوقفت مستشاره فادي تميم في عام 2023، حيث أدين بابتزاز شركات تأمين وسُجن لمدة عام.
وفي إطار استكمال ملف مكافحة الفساد، وبدفع مباشر من رئيس الجمهورية جوزف عون، حصل القضاء اللبناني على دعم سياسي ونيابي، لاستكمال التحقيقات التي أطلقتها لجنة الاقتصاد النيابية. وفي هذا السياق، رفع مجلس النواب الحصانة عن النائب الحالي ووزير الصناعة السابق جورج بوشكيان، لإتاحة ملاحقته قضائيًا بتهم تتعلق بابتزاز أصحاب المصانع مقابل منح تراخيص، خلال توليه وزارة الصناعة بين عامي 2021 و2025.
كما فتحت النائبة العامة المالية بالوكالة، القاضية دورا الخازن، ملف المراهنات التابع لشركة “Bet Arabia”، وسط شبهات بتبييض أموال ومراهنات تُقدّر قيمتها بملايين الدولارات.
ملف المصارف إلى الواجهة
بعد تعيين كريم سعيد حاكمًا جديدًا لمصرف لبنان ونوابه الأربعة، يستعد مجلس النواب لمناقشة مشروع قانون إصلاح أوضاع المصارف في جلسة قريبة للهيئة العامة. ومن المتوقع أن يصدر هذا القانون مع تعليق تنفيذه مؤقتًا، إلى حين صدور قانون “إعادة الانتظام المالي”، والذي سيحدد حجم الفجوة المالية، ويوزع المسؤوليات، ويضبط كيفية استرداد الودائع ومراحلها وشروطها.
وفي الوقت نفسه، يواصل مصرف لبنان إصدار تعاميم تهدف إلى معالجة قضية أموال المودعين ضمن الإمكانات المتاحة، من خلال تنظيم السحوبات الشهرية وزيادة سقفها تدريجيًا.
وفي سياق متصل، وبعد توقيف مدير “مصرف الاعتماد المصرفي” طارق خليفة، والمديرة العامة للمصرف نايلة زيدان، ومستشاره رالف صياد، على خلفية تهم متعددة، أصدرت القاضية دورا الخازن قرارًا بمنع سفر نادر الحريري والمدير المؤقت لمصرف الاعتماد الوطني ردولف عطالله، بعد رفضهما الحضور للإدلاء بإفادتهما، إثر شكوى تقدم بها المحامي وضاح الشاعر نيابة عن أربعة مستثمرين، بتهم الإفلاس الاحتيالي، الاختلاس، إساءة الائتمان، والاحتيال.
ومن المتوقع أن تنعقد الهيئة المصرفية العليا في مصرف لبنان قريبًا للنظر في حيثيات الدعوى، خصوصًا أن قانون النقد والتسليف يُلزم المصرف المركزي بالحفاظ على سلامة النقد، والقطاع المصرفي، والاقتصاد، وحقوق المودعين، وهي مسؤولية يعمل عليها المصرف منذ صيف عام 2023 وحتى اليوم.