%5 نمواً متوقعاً لاقتصاد الإمارات 2025 متفوقاً على المعدل العالمي
(البيان)-14/08/2025
أكد بنك «ستاندرد تشارترد» أن الإمارات تواصل الحفاظ على زخمها الاقتصادي القوي خلال عام 2025، مع توقعات بنمو الاقتصاد الوطني بنسبة 5% مدفوعاً بقطاع نفطي نشط وقطاعات غير نفطية مزدهرة تمثل أكثر من ثلاثة أرباع الاقتصاد.
وقالت رولا أبو منه، الرئيس التنفيذي، الإمارات العربية المتحدة والشرق الأوسط وباكستان، في بنك «ستاندرد تشارترد» في حوار مع «البيان»: إن هذا الأداء القوي يأتي في وقت تواصل فيه دبي تعزيز مكانتها مغناطيساً عالمياً لجذب الأثرياء والمستثمرين الدوليين، ما انعكس على نمو القطاع المالي والخدمات المصرفية الموجهة لأصحاب الثروات، ورسخ موقعها مركزاً مالياً عالمياً متكاملاً يجمع بين الابتكار والانفتاح الاقتصادي ونمط الحياة العصري.
وأشارت إلى أن إعلان حكومة دبي قبول العملات الرقمية لبعض الخدمات الحكومية يعكس توجه الدولة نحو احتضان المستقبل بثقة وانفتاح، وهذا التطور يفتح آفاقاً واسعة أمام البنوك لتطوير حلول جديدة تجمع بين التكنولوجيا والحوكمة وتعزز من الشمول المالي وكفاءة الخدمات.
وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقيمون أداء الاقتصاد الوطني خلال النصف الأول من العام وما توقعات النمو لديكم في 2025 – 2026؟
الاقتصاد الوطني يواصل إثبات مكانته أحد أكثر اقتصادات المنطقة ديناميكية وتوازناً، حيث نجح خلال النصف الأول 2025 في تحقيق نمو قوي مدفوع باستراتيجيات تنويع واضحة، وبيئة استثمارية جاذبة، وقدرة على الاستفادة من المتغيرات العالمية بما يخدم مصلحة الاقتصاد المحلي.
وتشير تقارير «ستاندرد تشارترد» إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي بلغ وتيرة صحية، مع تقديرات لنسبة نمو تصل إلى 5% لعام 2025، وهي نسبة تفوق بكثير متوسط النمو العالمي المتوقع، ويعود هذا الأداء الإيجابي إلى عاملين رئيسيين، أولاً، القطاع النفطي الذي استفاد من ارتفاع الطاقة الإنتاجية بواقع 300.000 برميل يومياً ما يعزز من مساهمته في الإيرادات الحكومية والاحتياطيات النقدية.
وثانياً، القطاعات غير النفطية التي حققت نمواً بنسبة 4.5% مدفوعة بالأنشطة التجارية والخدمات المالية والعقارات والسياحة وتكنولوجيا المعلومات.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه القطاعات تمثل حالياً أكثر من 75% من الناتج المحلي، وهو ما يعكس نجاح الدولة في ترسيخ قاعدة اقتصادية متنوعة ومستقرة.
ومن حيث التوقعات، فإننا نرجح أن يستمر هذا الأداء الإيجابي خلال عام 2026 مدفوعاً بزيادة الإنفاق الرأسمالي ونمو سكاني مستدام ومبادرات حكومية طموحة مثل اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة والاستثمار في الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والابتكار الصناعي.
قطاع مصرفي
ما دور القطاع المصرفي في دعم هذا النمو خصوصاً في ظل التحول الرقمي والطلب المتزايد على الحلول المستدامة؟
القطاع المصرفي في الإمارات يشكل ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير التمويل اللازم للمشاريع الحيوية والمساهمة في تسريع التحول الرقمي وتحقيق أهداف الاستدامة.
والبنوك العاملة في الدولة تعمل على تطوير خدماتها الرقمية وتقديم حلول تمويلية مبتكرة تواكب احتياجات الأفراد والشركات وتعزز من مرونة الاقتصاد، وفي السنوات الأخيرة شهدنا توسعاً ملحوظاً في اعتماد تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات بما يسهم في تحسين تجربة العملاء ورفع كفاءة العمليات المصرفية.
كما أن ارتفاع الوعي بأهمية الاستدامة أوجد فرصاً جديدة للبنوك لابتكار منتجات مالية تدعم المبادرات البيئية والاجتماعية، ومن خلال طرح أدوات تمويل مستدامة مثل السندات الخضراء والقروض المرتبطة بالأداء البيئي أصبحت البنوك أكثر انخراطاً في تحقيق الأهداف الوطنية للحياد المناخي.
وتجدر الإشارة إلى أن وفرة السيولة ومرونة النظام المالي تعزز من قدرة البنوك على توجيه رؤوس الأموال نحو المشاريع الاستراتيجية ما يعكس التكامل بين القطاع المالي وخطط التنمية الاقتصادية للدولة.
تدفقات استثمارية
شهدت الإمارات خلال السنوات الأخيرة تدفقات متزايدة من المستثمرين العالميين وأصحاب الثروات لا سيما إلى دبي. كيف يؤثر هذا الزخم على تطور القطاع المالي والخدمات المصرفية؟
عززت الإمارات جاذبيتها مركزاً عالمياً للأعمال والاستثمار من خلال بيئة قانونية مستقرة، وبنية تحتية متقدمة، ورؤية اقتصادية واضحة تواكب التحولات العالمية، وقد انعكس هذا الأمر بشكل مباشر على تدفقات المستثمرين وأصحاب الثروات من مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي ساهم في زيادة الطلب على الخدمات المصرفية المخصصة للأفراد ذوي الملاءة المالية العالية وأصحاب الثروات.
وبرزت دبي محوراً رئيسياً لهذا التوجه، وذلك بفضل قدرتها على الجمع بين الابتكار المالي والانفتاح الاقتصادي ونمط الحياة العصري، ووفقاً للمؤشرات الرسمية، فقد تضاعف عدد سكان دبي ثلاث مرات خلال العقدين الماضيين، ومن المتوقع أن يتضاعف مجدداً خلال العقدين المقبلين، ما يعكس مكانتها المتنامية مركزاً عالمياً للعيش والعمل والاستثمار.
وقد دفع هذا النمو الديموغرافي والاقتصادي البنوك إلى تطوير عروض مصرفية متخصصة تستجيب لتطلعات هذه الشريحة العالمية، خصوصاً في مجالات إدارة الثروات والتخطيط المالي والخدمات المصرفية الخاصة، كما أسهم الزخم في تعزيز قطاعات أخرى أهمها العقارات والمكاتب العائلية وخدمات إدارة الأصول، ما رسخ دور الإمارات، ودبي تحديداً، مركزاً مالياً متكاملاً يخدم عملاء محليين ودوليين على حد سواء.
بيئة مالية
كيف ترون تأثير البيئة المالية الحالية على استراتيجيات البنوك ونمو الإقراض؟
تشكل البيئة المالية في الإمارات عاملاً داعماً لتوسع النشاط المصرفي، حيث يسهم وضوح السياسات الاقتصادية واستقرار الإطار التنظيمي في تمكين البنوك من التخطيط بثقة وتقديم حلول تمويلية مبتكرة تلبي تطلعات العملاء، وفي ظل هذا السياق الإيجابي، تركز البنوك على تعزيز شراكاتها مع القطاع العام والخاص لتمويل المشاريع الحيوية، وتحفيز النمو في قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا والصناعة والطاقة النظيفة، ضمن رؤية وطنية تستهدف تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
وجدير بالذكر أن هذا الزخم قد انعكس بوضوح على أدائنا في مجال الخدمات المصرفية للأفراد وأصحاب الثروات، حيث شهدنا نمواً ملحوظاً في الطلب على المنتجات المتخصصة، مدفوعاً بتوسع استخدام القنوات الرقمية وتقديم حلول أكثر مرونة.
وقد أدى هذا التوجه إلى تعزيز التفاعل مع العملاء وتوفير فرص استثمارية جديدة تتماشى مع تطلعاتهم، وفي هذا الإطار، أتحنا لعملائنا الوصول إلى 33 إصداراً جديداً من الصكوك، بما يدعم تنويع محافظهم الاستثمارية ويعزز من مكانتنا مزوداً لحلول مالية مبتكرة، كما سجلنا نمواً لافتاً في قاعدة الأصول المدارة، خصوصاً في قسم الخدمات المصرفية الخاصة، ما يعكس الثقة المتزايدة في قدراتنا المحلية والخبرات العالمية التي يتمتع بها «ستاندرد تشارترد».
تقنيات حديثة
إلى أي مدى تعتقدون أن الابتكار المالي مثل العملات الرقمية سيعيد تشكيل مستقبل التعاملات البنكية؟
الابتكار المالي أصبح عنصراً أساسياً في استراتيجية تطور القطاع المصرفي بالدولة، حيث عزز تبني الدولة للتقنيات الحديثة وتنظيمها المتوازن للأصول الرقمية من موقع الإمارات الريادي مركزاً إقليمياً للابتكار المالي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن إعلان حكومة دبي قبول العملات الرقمية لبعض الخدمات الحكومية يعكس توجه الدولة نحو احتضان المستقبل بثقة وانفتاح، هذا التطور يفتح آفاقاً واسعة أمام البنوك لتطوير حلول جديدة تجمع بين التكنولوجيا والحوكمة ويعزز من الشمول المالي وكفاءة الخدمات.
ونرى في «ستاندرد تشارترد» أن المستقبل سيكون قائماً على التكامل بين الخدمات المصرفية التقليدية والأصول الرقمية ضمن إطار تنظيمي مرن وآمن، هذا سيمكن البنوك من تلبية احتياجات الجيل الجديد من العملاء بطريقة تتسم بالسرعة والأمان والتخصيص، الإمارات اليوم في موقع متقدم لاستكشاف وتطبيق تقنيات الجيل الجديد في القطاع المالي ونحن فخورون بأن نكون جزءاً من هذا التحول النوعي.