الصين تلاحق أرباح الاستثمارات العالمية لملء خزائنها
(الشرق الاوسط)-18/08/2025
شنَّت السلطات الصينية حملةً غير مسبوقة لمطالبة المستثمرين الأفراد بدفع ضرائب على أرباحهم المُحقَّقة من الأسواق المالية العالمية. تأتي هذه الخطوة في ظل سعي الحكومة لتعزيز إيراداتها المالية لمواجهة التحديات الاقتصادية، بما في ذلك أزمة الديون المحلية وتراجع مبيعات الأراضي، وفق صحيفة «فاينانشال تايمز».
وأصدرت سلطات الضرائب في مدن ومقاطعات كبرى، مثل شنغهاي وتشيجيانغ وشاندونغ، دعوات على مواقعها الإلكترونية، كما قامت بالتواصل مباشرة مع الأفراد عبر الرسائل والمكالمات. وبلغت الحملة ذروتها أخيراً مع إطلاق وسائل الإعلام الحكومية حملةً إعلاميةً واسعةً لدعم هذه الجهود.
وقالت صحيفة «فاينانشال نيوز» المدعومة من البنك المركزي الصيني: «لا يوجد إعفاء على أرباح التداول المباشر في الأسهم من الخارج. دفع الضرائب وفقاً للقانون واجب كل مواطن». وحذَّرت الصحيفة من أن «المخالفات الجسيمة قد تؤدي إلى تحقيق من قبل إدارة الضرائب وفرض عقوبات».
تحديات اقتصادية وراء الحملة
رغم أن الأرباح المُحقَّقة من الحسابات المحلية معفاة من الضرائب حتى عام 2027، فإن الحكومة تسعى الآن إلى فرض الضرائب على المكاسب المُحقَّقة في الخارج، التي أصبحت أكثر جاذبية للمستثمرين الصينيين مع ضعف أداء الأسواق المحلية.
يخضع المستثمرون الذين يقضون 183 يوماً أو أكثر في السنة في البر الرئيسي الصيني لضريبة بنسبة 20 في المائة على دخلهم العالمي. وفي حين أن دولاً أخرى تفرض ضرائب مماثلة، إلا أن السلطات الصينية كانت تفتقر في السابق إلى الأنظمة والموظفين اللازمين لتعقب المتهربين المحتملين.
لكن الوضع تغيَّر الآن. مع انهيار مبيعات الأراضي وتباطؤ النمو الاقتصادي، أصبح من الضروري لبكين إيجاد مصادر جديدة للإيرادات. هذه الحاجة الملحة تهدف إلى تمويل برامج رئيسية مثل معالجة ديون الحكومات المحلية، وتوفير إعانات الأطفال على المستوى الوطني، ودعم الاستهلاك الأسري.
تكنولوجيا تعقب الأرباح العالمية
منذ عام 2018، عززت الصين قدرتها على تتبع الأرباح الخارجية. فقد أطلقت تطبيقاً إلكترونياً للإبلاغ عن ضريبة الدخل الفردي، كما انضمت إلى «المعيار المشترك للإبلاغ (CRS)»، وهو إطار دولي لمكافحة التهرب الضريبي تدعمه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
هذا الإطار سمح للصين بتبادل معلومات الحسابات المالية، بما في ذلك الأرصدة وتفاصيل الاتصال، مع أكثر من 120 دولة ومنطقة، بما في ذلك هونغ كونغ. وقد سهَّل هذا الإجراء على السلطات تعقُّب الأشخاص في البر الرئيسي الذين يتداولون بانتظام في الأسهم الأجنبية عبر منصات مثل «فوتو سيكيوريتيز»، و«تايغر بروكرز».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، طالبت مصلحة الضرائب في شنغهاي المستثمر روجر هوانغ بدفع 20 في المائة من أرباحه من تداول أسهم هونغ كونغ خلال السنوات الـ3 الماضية. ويواجه هوانغ الآن غرامات يومية على التأخر في الدفع، معرباً عن استيائه من عدم وجود إشعار مسبق.
مخاوف المستثمرين… وتحديات الثقة
أثارت هذه الحملة موجةً من القلق بين المستثمرين، مما دفعهم إلى إعادة التفكير في استراتيجياتهم. ويفكر البعض في نقل أصولهم إلى منصات غير مشارِكة في المعيار المشترك للإبلاغ.
وقال محامي الضرائب يوجين وينغ، من شركة «وينتيل آند كو» في شنغهاي، إن «تكلفة تحديد وتتبع الأرباح الخارجية قد انخفضت بشكل كبير على السلطات». وأضاف أن «تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج سيظل تحدياً ما دام هناك تفاوت بين الأسواق المحلية الباهتة، والأسواق الأميركية، وأسواق هونغ كونغ المزدهرة».
وحذَّر من أن هذا الإجراء يمكن أن يضر بثقة المستثمرين، قائلاً: «عندما تفرض دولة ضرائب بهذا الشكل، قد يشير ذلك إلى أنها تفتقر إلى مصادر ضريبية مستقرة وغنية. هذا التصور، بدوره، يمكن أن يقوّض ثقة المستثمرين».