البنوك الكويتية أمام فرص نمو واعدة
(القبس)-18/08/2025
يبدو ان البنوك الكويتية، بعد سنوات من التباين في الأداء، أصبحت أمام فرص نمو واعدة بفضل إصلاحات حكومية كبرى تركز على الدين العام والرهن العقاري، المنتظر أن يمنحا دفعة قوية للإقراض.
ورغم أن أرباح البنوك قد تواجه ضغوطًا نتيجة ضريبة دخل الشركات التي بدأ تطبيقها هذا العام، فإن الآثار الإيجابية المتوقعة من الإصلاحات الجديدة ستعوض أي تراجع مؤقت في الأرباح، وفقا لتقرير نشرته مجلة ميد.
أساسيات متينة
وأوضح التقرير أن البنوك الكويتية تتميز بصلابة بنيتها الأساسية، رغم افتقارها في السنوات الماضية إلى فرص إقراض محلية، ما دفع العديد منها للتوجه نحو الإقراض في الخارج. وبيّن أن وكالة «إس أند بي غلوبل» ترى أن هياكل تمويل البنوك الكويتية تستفيد من قاعدة قوية لودائع العملاء الأساسية، إضافة إلى صافي أصول خارجية موجب، وهو ما يقلل من مخاطر خروج رؤوس الأموال. وأضاف أن ودائع القطاع الخاص، سواء كانت شركات أو أفرادا، توفر دعمًا مهمًا لأسس تمويل البنوك.
وكشف التقرير أن نمو الائتمان في الكويت ظل أقل من مستويات دول مجلس التعاون الأخرى، لكنه أشار إلى أن معدل النمو البالغ %6.8 في عام 2024 يدل على تحسن المسار. واستعرض أن بيانات شركة كامكو إنفست أظهرت استمرار نمو التسهيلات الائتمانية لأكثر من عامين، متجاوزة مستوى 50 مليار دينار (193 مليار دولار) في الربع الأول من 2025 لأول مرة، مع تسجيل ائتمان الأعمال نموًا بنسبة %1.3، وهو أسرع معدل توسع منذ أكثر من ثلاث سنوات.
دعم للمشاريع
واستعرض التقرير التغييرات في إصدار الدين العام، معتبرًا إياها من أهم عوامل التحول، موضحا أن القانون سيسمح للكويت بإصدار سندات دين تصل قيمتها إلى 20 مليار دينار (66 مليار دولار) على مدى 20 عامًا، ما سيدعم الإنفاق الحكومي على المشاريع الاقتصادية التي عانت في السنوات الأخيرة من نقص التمويل، ويوفر فرص إقراض محلية للبنوك.
ونقل التقرير عن أشرف مدني، كبير محللي المؤسسات المالية في مجموعة المؤسسات المالية لدى «موديز»، قوله: «سيمنح القانون الجهاز المصرفي أصولًا سائلة عالية الجودة محلية، إذ كانت الكويت تعتمد بشكل كبير على الأصول الأجنبية لغياب الإصدارات الحكومية، والآن ستتمكن البنوك من الوصول إلى هذه الأصول المحلية، ما سيحسن السيولة العامة للنظام المصرفي».
كما أضافت وكالة فيتش – وفقًا للتقرير – أن إصدار السندات السيادية سيدعم أيضًا سيولة البنوك ورأسمالها، إذ تُحتسب هذه السندات بوزن مخاطر %0، إضافة إلى توفير دخل ثابت من الفوائد لمواجهة تحديات بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. وأشار التقرير إلى أن البنوك تحركت سريعًا للاستفادة من أسواق الدين بعد إقرار القانون.
سوق جديد للبنوك
وأوضح التقرير أن قانون الرهن العقاري، عند إقراره، سيفتح أمام البنوك الباب لخدمة الطلب المحلي على القروض السكنية لأول مرة.
ونقل عن مدني قوله: «إذا أُقر القانون، فإنه سيدعم قصة نمو الائتمان على جانب المستهلك، لأن نمو القروض الاستهلاكية في الكويت كان بطيئًا. لكن إذا تم تمريره، فإنه سيتيح للبنوك الكويتية فرصة لتوسيع نشاطها في قطاع التجزئة وتعزيز نمو الائتمان بشكل عام».
وأضاف التقرير أن هذه الخطوة ستنعكس إيجابًا على الربحية أيضًا، موضحًا أن البنوك الكويتية، رغم أن القروض العقارية أصول طويلة الأجل، تمتلك سيولة كبيرة ترغب في توظيفها، وأن سوق الرهن العقاري سيخلق لها هذه الأصول.
فرص الاندماج وتقليص المنافسة
كشف التقرير أن من أبرز التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي الكويتي هو التشبع الكبير بعدد البنوك، ما يترك مجالًا واسعًا لعمليات الاندماج، لافتا الى ان إعلان بنك الخليج وبنك وربة في 25 مايو عن بدء دراسات جدوى وفحص ناف للجهالة لبحث إمكانية الاندماج، يعد مؤشرًا إيجابيًا على هذا التوجه.
وأضاف التقرير: هذا الإعلان جاء بعد سلسلة من صفقات الاندماج البارزة في الكويت، أبرزها استحواذ بيت التمويل الكويتي على بنك الأهلي المتحد في فبراير 2024.
وأوضح أن بعض محاولات الاندماج الأخرى لم تكتمل، مثل المباحثات بين بنك الخليج وبنك بوبيان في 2024، إلا أن الاتجاه العام يسير نحو قطاع مصرفي أكثر تركيزًا وكفاءة.
واضاف بالتأكيد على أن عمليات التوسع، عبر الاندماجات، يمكن أن تعوض محدودية فرص النمو في السوق المحلي، ونقل عن مدني قوله: «المزيد من عمليات الاندماج سيكون مفيدًا للمنافسة في النظام المصرفي، لأنه سيقلل من الضغوط التنافسية التي نشهدها حاليًا في الكويت».
تفعيل «الرهن العقاري» يتطلب إصلاحات إضافية
أشار التقرير إلى أن محللين يرون أن تفعيل الفوائد الكاملة لقانون الرهن العقاري يتطلب إصلاحات أخرى موازية. ونقل عن محمد دماك، المدير الأول للخدمات المالية في «إس أند بي غلوبل»، قوله: «لا يتعلق الأمر بقانون الرهن العقاري فقط، بل هناك حاجة لإصلاحات أخرى لفتح إمكانات سوق التمويل العقاري في البلاد. لقد كان نمو الإقراض في الكويت محدودًا، وبعض البنوك اعتمد على نشاط الإقراض خارج البلاد».