الصيرفة الإسلامية في مصر: طفرة كبيرة رغم التحديات والوعي المحدود
(الدستور)-02/09/2025
يشهد القطاع المصرفي المصري في السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في مجال المنتجات المصرفية الإسلامية، مدفوعًا بزيادة الوعي لدى العملاء وإقبالهم المتزايد على أدوات مالية تتوافق مع الشريعة الإسلامية – بحسب ما كتبت فاطمة إمام على « نيوز رووم» السبت الماضي- مضيفة :
وتستمر البنوك المصرية في طرح خدمات جديدة ومتنوعة تستهدف جذب فئات واسعة من العملاء، حيث أصبحت المنتجات المصرفية الإسلامية جزءًا أساسيًا من الخدمات التي تقدمها البنوك الكبرى، رغم أن الأصول الإسلامية لا تزال تمثل حوالي 5.2% فقط من حجم السوق المصرفي المصري.
منتجات إسلامية متنوعة :
لم تعد الصيرفة الإسلامية مقتصرة على حسابات الادخار والتمويلات الصغيرة، بل توسعت لتشمل مجموعة واسعة من المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، ما يعكس تزايد الاهتمام وتنوع الطلب في السوق المصري.
من بين أبرز هذه المنتجات :
– الحسابات الإسلامية: التي تعتمد على صيغة المضاربة، حيث يشارك العميل البنك في الأرباح المتولدة من توظيف الأموال، ويحق له الحصول على جزء من الأرباح وفقًا لآلية معتمدة.
– المرابحة: وهي صيغة تمويلية تستخدم لشراء السلع أو الأصول، حيث يقوم البنك بشرائها ثم بيعها للعميل بهامش ربح متفق عليه بين الطرفين.
– الإجارة: تمويل يتيح للعميل الانتفاع بأصل معين مقابل أقساط دورية، مع إمكانية التملك في نهاية المدة، ما يعزز من الخيارات التمويلية للأفراد والشركات.
– المشاركة: تمويل مشترك بين البنك والعميل في مشروع معين، حيث يتم تقاسم أرباح المشروع أو خسائره، بما يضمن تقاسم المخاطر بين الطرفين.
– البطاقات الإسلامية: بطاقات خصم وائتمان تتوافق مع الضوابط الشرعية، وتستثني الفوائد الربوية، مما يفتح مجالًا واسعًا أمام العملاء لتلبية احتياجاتهم المصرفية وفقًا للمعايير الإسلامية.
البنوك المصرية تطور من عروضها الإسلامية :
تسعى البنوك المصرية إلى تعزيز وتطوير منتجاتها المصرفية الإسلامية لتلبية احتياجات سوق يزداد فيه الطلب على هذه الخدمات. على سبيل المثال، يقدم بنك مصر شهادات ادخار إسلامية بنظام المرابحة مثل شهادة «الوفاء» التي تمنح عائدًا ثابتًا متوافقًا مع الشريعة، كما يتيح البنك الأهلي المصري نوافذ إسلامية في عدد من فروعه، من خلالها يقدم ودائع استثمارية ومنتجات مرابحة لتمويل شراء السيارات والسلع المعمرة.
أما بنك فيصل الإسلامي المصري، فقد استطاع أن يكون من الرائدين في هذا المجال، حيث يقدم باقة واسعة من المنتجات الإسلامية تشمل الحسابات الجارية والادخارية، بالإضافة إلى تمويل المشروعات بصيغ المضاربة والمشاركة.
كما أضاف المصرف المتحد منتجات إسلامية جديدة تشمل تمويلات عقارية وبرامج لتمويل المشروعات الصغيرة من خلال المرابحة.
دور الصكوك السيادية في تعزيز الصيرفة الإسلامية :
في خطوة استراتيجية نحو دعم التوسع في الصيرفة الإسلامية، أصدرت وزارة المالية المصرية لأول مرة صكوكًا سيادية بقيمة 1.5 مليار دولار في عام 2023، ما يمثل نقطة تحول كبيرة في السوق المصري.
هذه الصكوك توفر أداة تمويلية إسلامية جديدة، وتفتح الباب أمام البنوك والمستثمرين لتوسيع محفظاتهم الاستثمارية باستخدام أدوات مالية إسلامية، مما يعزز من وجود هذا القطاع داخل الاقتصاد المصري.
توجهات السوق والمستقبل الواعد:
أكد الدكتور محمد بدرة، الخبير المصرفي، أن الصيرفة الإسلامية في مصر لا تزال في بداياتها مقارنة بالدول الكبرى في هذا المجال، لكن السوق المصري لديه إمكانيات كبيرة للتوسع، حيث يمكن مضاعفة حجم الأصول الإسلامية خلال فترة قصيرة إذا تم الاستثمار بشكل أكبر في نشر الوعي وتعليم الكوادر المصرفية، إلى جانب تطوير التشريعات الخاصة بهذا المجال.
وأشار بدرة إلى أن إصدار الصكوك السيادية يعد خطوة هامة نحو تنويع أدوات التمويل الإسلامي في مصر، ما سيعزز من القدرة التنافسية للقطاع ويعطي دفعة قوية له في السنوات المقبلة.
دوافع الإقبال على الصيرفة الإسلامية:
يشهد الإقبال على الصيرفة الإسلامية في مصر نموًا متسارعًا، ويرجع ذلك إلى عدة دوافع رئيسية:
– الاعتبارات الدينية: يبحث العديد من العملاء عن أدوات مالية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بالربا.
– الشفافية: تعتمد الصيرفة الإسلامية على مبدأ المشاركة في المخاطر والربح، مما يجعل العلاقة بين العميل والبنك أكثر وضوحًا.
– البعد الاجتماعي: يعكس التمويل الإسلامي فلسفة قائمة على تقاسم المخاطر، ما يساعد في تقليل الأعباء المالية على العملاء مقارنة بالقروض التقليدية.
التحديات التي تواجه الصيرفة الإسلامية:
رغم النمو الكبير في القطاع، إلا أن هناك عددًا من التحديات التي تواجهه، أبرزها:
– ضعف الوعي: يعاني العديد من العملاء من قلة المعرفة بكيفية عمل المنتجات الإسلامية وآلياتها.
– نقص الكوادر المتخصصة: هناك حاجة ماسة لتدريب الكوادر المصرفية على كيفية تطوير منتجات إسلامية جديدة.
– التشريعات: رغم الجهود المبذولة، إلا أن هناك حاجة لتطوير التشريعات المصرفية لتواكب النمو في هذا القطاع.
– المنافسة مع المنتجات التقليدية: تشهد البنوك التقليدية تسارعًا في الإجراءات وسرعة التنفيذ مقارنة بالمنتجات الإسلامية، مما قد يؤثر على جذب العملاء.
مصر مقارنة بالأسواق العالمية:
رغم النمو الملحوظ في السوق المصري، إلا أن حجم الأصول الإسلامية ما يزال منخفضًا مقارنة بالأسواق العالمية. ففي السعودية، تشكل الصيرفة الإسلامية أكثر من 70% من القطاع المصرفي، بينما في ماليزيا تمثل 40% من إجمالي القطاع المصرفي.
ومع ذلك، تشهد مصر في الوقت الحالي تدفقات كبيرة من الاستثمارات في القطاع، مما يتيح لها التوسع بشكل أسرع في السنوات المقبلة.