لبنان يعد خطة لمعالجة الخسائر الناجمة عن الانهيار المالي
(العربية)-26/09/2025
قال مصدر مطلع إن خطة طال انتظارها لإعادة هيكلة الديون التي تخنق الاقتصاد اللبناني قد تُعرض على مجلس الوزراء في غضون أسابيع، غير أن بعض الاقتصاديين يرون أنها قد لا تساعد في تأمين قرض حيوي من صندوق النقد الدولي.
وأدى عقود من الإنفاق الباذخ من قبل النخبة الحاكمة إلى انهيار الاقتصاد في أواخر 2019، حيث مُنع المودعون من الوصول إلى مدخراتهم مع إغلاق البنوك المثقلة بالديون.
وعرقلت المصالح السياسية والخاصة مرارًا الإصلاحات المطلوبة للوصول إلى تمويل صندوق النقد الدولي لتفادي التخلف عن سداد الديون، حتى تعهد الرئيس ورئيس الوزراء الجديدان هذا العام بإعطاء الأولوية لتلك الإصلاحات، وفق وكالة “رويترز”.
ومن أبرز محاور الخطة سن قانون لتوزيع الخسائر المالية بين الدولة والمصرف المركزي والبنوك التجارية والمودعين. وأوضح المصدر أن التشريع في مراحله النهائية، وسيُرفع إلى مجلس الوزراء “في غضون أسابيع” لمراجعته، قبل إحالته إلى البرلمان لإجراء تعديلات محتملة.
آليات الاسترداد
قدرت الحكومة في وقت سابق الخسائر الناجمة عن الانهيار المالي بنحو 70 مليار دولار، وهو رقم مرشح للارتفاع بعد 6 سنوات من ترك الأزمة دون معالجة. وزادت الأوضاع سوءًا بفعل الحرب التي اندلعت العام الماضي بين إسرائيل وحزب الله.
وقال المصدر إن الخطة ستجمع بين عمليات شطب واسترداد وسداد للمودعين. وبموجبها، يُتوقع سداد الودائع على أقساط نقدية خلال ثلاث إلى خمس سنوات لمن كانت مدخراتهم أقل من 100 ألف دولار عند بداية الأزمة في 2019، وهو ما يشمل نحو 85% من المودعين. أما من كانت مدخراتهم تتجاوز هذا المبلغ فسيُسدد لهم في إطار زمني أطول.
وأضاف المصدر أن الخطة قد تتضمن إصدار “سندات مدعومة بأصول”، مشيرًا إلى إمكانية الاعتماد على احتياطيات الذهب التي أعلن مصرف لبنان هذا الشهر أنها تبلغ 30.28 مليار دولار. لكنه أوضح أن النقاشات لا تزال جارية حول عناصر أساسية، منها كيفية استرداد العوائد المكتسبة على الودائع قبل الأزمة.
وخلال الفترة بين 2016 و2019، عرضت البنوك التجارية أسعار فائدة مرتفعة لجذب الودائع إلى المصرف المركزي، الذي بدوره كان يمول الإنفاق العام. وتمكن بعض كبار المودعين من سحب أموالهم قبل انهيار النظام المالي.
ولم يُحسم بعد ما إذا كانت عمليات الاسترداد ستشمل صغار المودعين أيضًا.
إقرار الخطة سيكون خطوة أساسية نحو تحديد “قيمة الاسترداد” للسندات الحكومية اللبنانية المتعثرة، التي ارتفعت أسعارها بنحو أربعة أضعاف خلال العام الماضي مع مراهنة المستثمرين على تعافي الاقتصاد.
السلبيات المحتملة
قال نائب مدير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط والباحث في الاقتصادات السياسية الإقليمية تيموثي قلدس، إن الاعتماد على احتياطيات الذهب يتعارض مع شروط صندوق النقد الدولي التي تقيّد استخدام الموارد العامة.
وأضاف في تصريح لـ”رويترز” أن قانون معالجة الفجوة المالية “من شأنه أن يحمي البنوك اللبنانية من المساءلة عن دورها في الأزمة المدمرة، ويقوض قدرة الحكومة على تمويل إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي”. وأكد أن “الأضرار الإضافية الناجمة عن هذا القانون ستستمر لأجيال”.
كما يخشى مراقبون أن يشكل استرداد الأموال من صغار المودعين انتهاكًا للمعايير الدولية المتعلقة بأولوية المطالبات، فضلاً عن تعارضه مع تعهدات لبنان بحماية الفئات الأكثر هشاشة.
ولا تزال الأوضاع السياسية تزيد المشهد تعقيدًا، إذ يتواصل القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان، فيما يرفض حزب الله نزع سلاحه وفق قرارات مجلس الوزراء. كما قد تجعل الانتخابات البرلمانية المقبلة في مايو أيار المشرعين أكثر تحفظًا تجاه إقرار إصلاحات غير شعبية.
حتى الآن، حقق لبنان تقدمًا متباينًا في الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي. فقد استغرق البرلمان ثلاث محاولات لإقرار قانون رفع السرية المصرفية بما يتماشى مع المعايير الدولية. كما أقر في يوليو تموز قانون إعادة هيكلة المصارف، إلا أن صندوق النقد أعرب عن قلقه من ابتعاده عن أفضل الممارسات الدولية، وعدم تضمينه ضمانات كافية لمنع تضارب المصالح.