أسواق العمل العالمية عالقة في دورة «بطء التوظيف والإقالة»
(الشرق الاوسط)-06/10/2025
تشهد أسواق العمل في كثير من الاقتصادات الكبرى حالة من الجمود والتجمد، حيث تتسبب حالة عدم اليقين بشأن التوترات التجارية، والتغيرات الضريبية، ومخاطر الذكاء الاصطناعي في دفع أصحاب العمل إلى تأجيل قرارات التوظيف والتسريح على حد سواء. وفي المقابل، يميل الموظفون إلى التمسك بوظائفهم الحالية، مما يخلق دورة من «بطء التوظيف والإقالة» (Low-hire, Low-fire)، وفق صحيفة «فاينانشال تايمز».
تباطؤ حاد في التوظيف في دول الـ7
أظهرت البيانات الرسمية تباطؤاً ملحوظاً في خلق الوظائف خلال الأشهر الأخيرة، مقارنة بالمعدلات التي شوهدت في عام 2024، ففي الأشهر الثلاثة المنتهية في يوليو (تموز)، نما التوظيف بمعدل سنوي بلغ 0.5 في المائة فقط في الولايات المتحدة، و0.4 في المائة في بقية اقتصادات «مجموعة السبع». هذا التباطؤ يمثل «إحدى نقاط الضعف الرئيسية في الاقتصادات المتقدمة»، وفقاً لسايمون ماك آدم، نائب كبير الاقتصاديين في «كابيتال إيكونوميكس»، خصوصاً مع اقتراب الصيف الذي شهد شبه توقف لنمو الوظائف في الولايات المتحدة.
بدلاً من تسريح العمال، تفضل الشركات الاحتفاظ بقوتها العاملة الحالية، لكنها تبطئ بشكل كبير من وتيرة التوظيف الجديد، في ظل التهديدات المستمرة للحرب التجارية التي يقودها الرئيس دونالد ترمب ومخاطر الذكاء الاصطناعي التي تهدد بإعادة تشكيل أسواق العمل.
الموظفون يتمسكون بالوظائف
تتزامن حالة الحذر لدى أصحاب العمل مع قلق المرشحين من مغادرة وظائفهم. وأشار جيمس هيلتون، المدير المالي لمجموعة التوظيف البريطانية «هيز»، إلى أن الجمود في الأسواق الرئيسية يعكس حذر أصحاب العمل، وقلق المرشحين من فقدان ترتيبات العمل الهجين (Hybrid Work) التي حصلوا عليها في فترة ما بعد الجائحة إذا ما قاموا بتغيير وظائفهم. وقد وصف رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الاقتصاد بأنه في مرحلة «اقتصاد التوظيف المنخفض والإقالة المنخفضة»، حيث تريد الشركات رؤية «كيف ستستقر الأمور».
ومع ذلك، وعلى الرغم من تباطؤ التوظيف، فإن معدلات البطالة لا تزال عند مستويات قياسية منخفضة في معظم منطقة اليورو، وارتفعت بشكل متواضع فقط في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا. ويؤكد هذا أن الجمود لا يعني بالضرورة تسريحاً واسع النطاق للعمال.
وتظهر بيانات شبكة «لينكد إن» المهنية انخفاضاً ملحوظاً في حركة التنقل بين الوظائف في كثير من الاقتصادات المتقدمة، حيث إن نسبة الأعضاء الذين أضافوا صاحب عمل جديد إلى ملفاتهم أقل بنحو الخُمس من معدلات ما قبل الجائحة في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
البنوك المركزية تبحث عن تفسير
يواجه محافظو البنوك المركزية تحدياً في تحديد ما إذا كان جمود سوق العمل ناتجاً عن ضعف في الطلب أو عن تغيرات هيكلية تؤثر على العرض، مثل شيخوخة القوة العاملة، وتغير سياسات الهجرة، وتفضيلات أنماط الحياة الجديدة. ويرى بعض الخبراء أن تباطؤ نمو الوظائف قد يعكس عوامل هيكلية، مثل قيود الهجرة وموجة تقاعد جيل مواليد الطفرة (Baby Boomers)، خصوصاً وأن معدل البطالة لا يزال منخفضاً نسبياً.
من جانبه، أشار ستيفانو سكاربيتا، مدير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أن أحد الأسباب الرئيسية وراء انخفاض حركة التنقل بين الوظائف هو التغيير الديمغرافي، موضحاً أن «العمال الأكبر سناً أقل حركة» وأكثر استقراراً، وهي ظاهرة تؤثر على جميع الدول الأوروبية التي تشهد شيخوخة سكانية. وبينما يرى البعض أن هناك خطراً من تدهور مفاجئ في سوق العمل، يرى آخرون أن السوق «لا تزال في طور التطبيع» بعد صدمات الوباء، وأن القضايا الخاصة بكل بلد (مثل الضغوط الضريبية في المملكة المتحدة أو التحديات الهيكلية في ألمانيا) هي التي تزيد من الغموض.