السعودية تواصل الإنفاق التريليوني لتعزيز المشاريع التنموية رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي
(العربية)-08/10/2025
أكد الخبير المصرفي طلعت حافظ، أن العجز المالي في الميزانية السعودية لا يشكل مصدر قلق، طالما بقي في حدود المستهدفات المحددة، مشيرًا إلى أن سقف الدين العام المحدد عند 40% منذ عام 2020 ما زال ضمن المستويات الآمنة، وأن العجز البالغ نحو 3.13% يعد مقبولًا ما دام يُوجَّه إلى مشروعات تنموية وليس لأغراض استهلاكية.
وقال حافظ، في مقابلة مع “العربية Business”، إن إعداد الميزانية العامة يأخذ في الاعتبار المخاطر العالمية، بما في ذلك ارتفاع أسعار الفائدة، والتوترات الجيوسياسية، وتقلبات أسعار وكميات النفط، مؤكدًا أن المملكة تسير عكس الدورة الاقتصادية العالمية من خلال الاستمرار في الإنفاق والنمو رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي المتوقع.
سيناريوهات مختلفة
وبيّن أن الميزانية أُعدت وفق ثلاثة سيناريوهات تشمل مستويات مختلفة من الإنفاق والإيرادات، وأن الحكومة ماضية في دعم المشروعات التنموية وتكوين رأس المال الثابت وتوفير الخدمات للمواطن والمقيم، بصرف النظر عن تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي أشار إليه صندوق النقد الدولي.
وأضاف أن المشاريع الكبرى في المملكة مثل نيوم والقدية تُعد من المشروعات العملاقة، مؤكدًا أن استمرار الإنفاق التريليوني يعزز التنمية ويسرع وتيرة تنفيذ المشاريع.
وأشار إلى أن الإنفاق المتوقع في عام 2028 قد يرتفع إلى 1.419 تريليون ريال، ما يعكس التزام الدولة بدعم التنمية الشاملة.
وأوضح أن جميع القطاعات الاقتصادية في المملكة تشهد نموًا ملحوظًا، وعلى رأسها قطاع السياحة الذي تحوّل من تأثير سلبي على ميزان المدفوعات في عام 2016 إلى مساهمة إيجابية بلغت نحو 50 مليار ريال العام الماضي، إضافة إلى قطاعات الخدمات والتجزئة والضيافة والتقنية، التي أسهمت في نمو الإيرادات غير النفطية بنسبة 5%، ليرتفع الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي إلى أكثر من 55%.
وذكر أن النفط ما زال ركيزة أساسية للاقتصاد السعودي و”هبة من الله”، لكن المملكة تسعى إلى تحقيق توازن اقتصادي يعزز تنويع مصادر الدخل، مشيرًا إلى أن متوسط أسعار النفط من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران بلغ 70.8 دولارًا للبرميل، ورغم ذلك تمضي خطط التنمية الوطنية بثبات نحو تحقيق أهداف “رؤية السعودية 2030”.
السيطرة على المالية العامة
أكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في تقرير لها حول البيان التمهيدي للميزانية السعودية لعام 2026، أن البيان يشير إلى تشديد السيطرة على المالية العامة للمملكة.
وذكرت “فيتش” أن البيان التمهيدي يشير إلى أن الإنفاق هذا العام سيكون أعلى من المقدر سابقا بالميزانية بنحو 4%، وهو ما يقل بكثير عن متوسط زيادة الإنفاق الفعلي عن تقديرات الميزانية للسنوات العشر الماضية والبالغ 9.3%.
وأشارت “فيتش” إلى أن التوقعات الأولية لوزارة المالية السعودية بنمو الإيرادات العام المقبل بنسبة 5.1% عن المتوقع تحقيقه بنهاية هذا العام، هي توقعات منسجمة مع أداء القطاع غير النفطي، والمتوقع أن يبقى قويا، وذلك في الوقت الذي ستعوض فيه زيادة إنتاج النفط عن تراجع الأسعار.
وأوضحت “فيتش” بأن البيان التمهيدي لميزانية 2026، هو الأول منذ عام 2023، الذي توقع تراجع العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لكل من السنوات الثلاث المقبلة.
تقديرات ميزانية 2026
أعلنت وزارة المالية السعودية الأسبوع الماضي، البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2026م، الذي توقع أن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1.313 تريليون ريال، وإجمالي الإيرادات نحو 1.147 تريليون ريال، وبعجز يُقدر بنحو 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يؤكد استمرار الحكومة في تبنّي سياسات الإنفاق التوسعي المعاكس للدورة الاقتصادية، والموجَّه نحو الأولويات الوطنية ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي، وبما يساهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، وتنويع القاعدة الاقتصادية.
كما يُتوقع أن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1.313 تريليون ريال في العام 2026م، وصولًا إلى ما يقارب 1.419 تريليون ريال في العام 2028م؛ إذ أسهم تسريع وتيرة تنفيذ عدد من البرامج والمشاريع خلال المدة الماضية في تحقيق مكاسب ملموسة، وتوفير مرونة مالية مكّنت الحكومة من تعزيز قدرتها للاستجابة للتطورات واتباع سياسة مالية معاكسة للدورة الاقتصادية.