تحت ضغط أميركي – قطري: الاتحاد الأوروبي يوافق على إعادة النظر بقانون الاستدامة
(الشرق الاوسط)-23/10/2025
وافق البرلمان الأوروبي، يوم الأربعاء، على دراسة المزيد من التعديلات على قانون الاتحاد الأوروبي الخاص بالاستدامة المؤسسية، وذلك في أعقاب تصاعد الضغوط من الولايات المتحدة وقطر اللتَيْن حذرتا من أن هذه القواعد قد تعرّض تجارة الغاز الطبيعي المسال الحيوية لأوروبا للخطر. ويأتي هذا التطور في وقت حرج؛ إذ يعتمد التكتل بشكل متزايد على الطاقة الأميركية والقطرية لتعويض الغاز الروسي.
تحذير مشترك من واشنطن والدوحة
حثّت الولايات المتحدة وقطر -وهما أكبر مزودَيْن للطاقة للاتحاد الأوروبي حالياً- بروكسل على التخفيف من قانون العناية الواجبة لاستدامة الشركات (CSDDD) الذي يفرض على الشركات العاملة في الاتحاد الأوروبي معالجة قضايا حقوق الإنسان والبيئة في سلاسل إمدادها، أو مواجهة غرامات تصل إلى 5 في المائة من إجمالي مبيعاتها العالمية.
وفي رسالة مفتوحة مشتركة موجهة إلى قادة دول الاتحاد الأوروبي، قال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي ونظيره الأميركي كريس رايت، إن القواعد الجديدة «تشكل خطراً كبيراً على قدرة إمدادات الطاقة الحيوية واستدامتها بالنسبة إلى الأسر والشركات في جميع أنحاء أوروبا، وتهديداً وجودياً للنمو المستقبلي والقدرة التنافسية ومرونة الاقتصاد الصناعي للاتحاد الأوروبي».
وكان الوزير الكعبي قد صرح لـ«رويترز» الأسبوع الماضي بأن قطر لن تتمكّن من ممارسة الأعمال التجارية في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي المسال لملء فجوة الطاقة، ما لم يتم إجراء المزيد من التغييرات على قانون العناية الواجبة.
البرلمان الأوروبي يعيد فتح باب المفاوضات
على الرغم من أن عملية التصويت في البرلمان الأوروبي كانت مقررة قبل التدخل الأميركي-القطري، فقد وافق البرلمان على التفاوض على مزيد من التغييرات على القانون الذي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إقرار تعديلاته النهائية بحلول نهاية العام. وكان التكتل يدرس بالفعل تغييرات سابقة لاستثناء مزيد من الشركات من القانون، لكن شركات كبرى مثل «إكسون موبيل» طالبت بإلغاء السياسة بالكامل، محذرة من مغادرة الشركات أوروبا.
وطالبت الرسالة المشتركة من الولايات المتحدة وقطر إما بإلغاء القانون بشكل كامل، وإما بإجراء تعديلات تشمل إزالة تطبيق القانون على الشركات غير التابعة للاتحاد الأوروبي، وإلغاء العقوبات المترتبة على عدم الامتثال، وإلغاء شرط إلزام الشركات بوضع خطط لتحقيق أهداف التغير المناخي.
انقسام أوروبي حول «ركيزة التحول الأخضر»
يواجه توجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات انقساماً حاداً داخل الاتحاد الأوروبي، رغم أنه يمثّل ركيزة أساسية في جهود أوروبا للانتقال إلى اقتصاد أنظف، ومحاولة لاستغلال مكانة الاتحاد بوصفه أكبر سوق عالمية لتشجيع الشركاء التجاريين على تبني معايير مماثلة.
ودعا قادة دول رئيسية، مثل ألمانيا وفرنسا، إلى إلغاء القانون بالكامل، بدعوى أنه يضر بالقدرة التنافسية للأعمال الأوروبية. في المقابل، حثت إسبانيا بروكسل على الإبقاء على القواعد دون تغيير لدعم الأولويات الأوروبية في مجال الاستدامة وحقوق الإنسان. وأُجلت الخطة المتفق عليها مسبقاً للتعديلات، بعد أن وافق تحالف غير متوقع من المشرعين الأوروبيين على إعادة فتح القواعد لمزيد من التغييرات؛ إذ طالب نواب اليمين المتطرف بالمزيد من التخفيف، في حين طالب نواب حزب الخضر بتشديد القانون.
اعتماد أوروبا على الغاز الأميركي والقطري
يأتي الضغط الدولي في وقت تزيد فيه أوروبا وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الأميركي والقطري لتعويض الإمدادات الروسية. وكانت الولايات المتحدة المورد الأول للغاز الطبيعي المسال للاتحاد الأوروبي العام الماضي؛ إذ وفّرت 45 في المائة من إجمالي الإمدادات.