يُتوقع أن يساهم بنحو 15.7 تريليون دولار في الإقتصاد العالمي في 2030
الذكاء الإصطناعي يهدف إلى تطوير برامج وأنظمة وإتخاذ قرارات مستقلة
الذكاء الإصطناعي (Artificial Intelligence – AI) هو مجموعة من التقنيات والأنظمة التي تهدف إلى تعزيز الكومبيوترات والأنظمة الأخرى بالقدرة على القيام بمهام تُعتبر عادة من صميم الذكاء البشري. يتمثل هدف الذكاء الإصطناعي في تطوير برامج وأنظمة يمكنها التفكير وإتخاذ قرارات مستقلة بناءً على البيانات والخبرة والتعلّم. وبسبب القدرة الهائلة للذكاء الاصطناعي، وإستخداماته غير المحدودة في معظم المجالات الإقتصادية، فقد أدى إلى منافع ضخمة للإقتصاد العالمي. فبحسب تقرير صادر عن شركة PWC بحث في التأثير المالي للذكاء الإصطناعي، يُتوقع أن يساهم الذكاء الإصطناعي بنحو 15.7 تريليون دولار في الإقتصاد العالمي في حلول العام 2030. ومن ضمن هذا المبلغ، فإن 6.6 تريليونات دولار سوف تنتج عن زيادة الإنتاجية، و9.1 تريليون دولار، من المرجّح أن تنتج عن الإستهلاك. كما يعتقد المحلّلون أنه سوف يشهد الناتج المحلي الإجمالي للإقتصادات التي تعتمد على الذكاء الإصطناعي زيادة بنسبة 26 %.
رسم بياني 1: المنافع الإقتصادية للذكاء الإصطناعي على الاقاليم الجغرافية الدولية حتى العام 2023
بحسب الرسم البياني رقم 1، من المتوقع أنه في حلول العام 2030، سوف تحصل الصين ودول أميركا الشمالية على المكاسب الإقتصادية الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال تعزيز إستخدامات الذكاء الإصطناعي، بقيمة 10.7 تريليون دولار وبنسبة 40.6 % من الناتج الإجمالي المحلي. كما سوف تحقق أوروبا ودول آسيا النامية على مكاسب إقتصادية كبيرة من إستخدامات الذكاء الإصطناعي، حيث يُتوقع أن يساهم بنسبة 31.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في حلول العام 2023.
وفي ما خصّ المجالات المهنية التي تستخدم تطبيقات الذكاء الإصطناعي، فتشير التحليلات إلى أن العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات، يأتون في المرتبة الاولى من حيث إستخدام الذكاء الإصطناعي.
كما يشير الرسم البياني 2 إلى إنتشار إستخدام تطبيقات للذكاء الإصطناعي في قطاعات عدة ومنها القطاعات الإدارية والمالية.
الإستثمار في مجال الذكاء الإصطناعي في العالم
بلغ الإستثمار الخاص في الذكاء الإصطناعي في العام 2022 حول العالم قرابة 92 مليار دولار، وزادت نسبة الشركات التي تطبق تقنية الذكاء الإصطناعي في العام 2022 بأكثر من الضعف مقارنة بالعام 2017.
تأتي الولايات المتحدة والصين في طليعة الدول المستثمرة في مجال الذكاء الإصطناعي، حيث تتصدّر الولايات المتحدة اللائحة منذ العام 2013 بإستثمار ما يقرب من 249 مليار دولار في 4,643 شركة بشكل تراكمي. وفي العام 2022 وحده، تم تأسيس 524 شركة ناشئة في مجال الذكاء الإصطناعي في الولايات المتحدة، وإجتذبت 47 مليار دولار من التمويل غير الحكومي. وفي الوقت نفسه، تلقت الصين أعلى متوسط إستثمار للشركات في العام 2022، حيث شهدت إنشاء 160 شركة ناشئة في مجال الذكاء الإصطناعي، وبإستثمار 71 مليون دولار لكل منها في المتوسط. علماً أن تقدم الولايات المتحدة على الصين في سباق الذكاء الإصطناعي، سببُه بشكل أساسي وجود «وادي السيليكون» الذي يُعدّ أكبر بؤرة لريادة الأعمال في العالم.
وضعية الدول العربية ضمن المؤشر العالمي للذكاء الإصطناعي
أدّت التطوُّرات التي شهدها العالم في الفترة الأخيرة إلى تطوير نماذج الذكاء الإصطناعي في القطاعات العامة والخاصة، بالإضافة إلى تعزيز مسيرة التحوُّل الرقمي. ويصنّف المؤشر الذي كشفت عنه جامعة «ستانفورد» وإستند إلى 111 مؤشراً مشتقاً من 28 مصدراً متنوعاً للبيانات، والمعلومات المقدمة من 62 حكومة، حسب قدراتها في مجال الذكاء الإصطناعي على المستوى العالمي، ويتمحور حول محاور ثلاثة هي: التنفيذ، والإبتكار، والإستثمار. ويعتمد المؤشر على معايير عدة، ينبثق منها سبع ركائز فرعية وهي: تحت «محور التنفيذ»: المواهب، البنية التحتية، والبيئة التشغيلية؛ تحت «محور الإبتكار»: البحث والتطوير؛ وتحت «محور الإستثمار»: الإستراتيجية الحكومية، والتجارة.
وقد إحتلت الامارات المرتبة الأولى بين الدول العربية في مؤشر الذكاء الإصطناعي لعام 2023 وفي المركز 28 عالمياً، تلتها المملكة العربية السعودية التي إحتلت المركز 31 عالمياً. أما قطر فقد إحتلت المرتبة الثالثة عربياً، والمركز 42 عالمياً، ثم مصر في المرتبة الرابعة عربياً، و52 عالمياً، فتونس المرتبة الخامسة عربياً و56 عالمياً، فالمغرب المرتبة السادسة عربياً و57 عالمياً، وأخيراً البحرين المرتبة السابعة عربياً و58 عالمياً. وضمن هذا السياق، فقد أدت الإبتكارات التي ظهرت مؤخراً إلى تنمية مجال الذكاء الإصطناعي على مستوى الدول العربية، حيث سخّرت الحكومات جميع الوسائل لتعزيز مكانتها الرقمية، وكيفية التعامل مع الحلول الجديدة وإدارة المخاطر ومعالجة الهجمات الإلكترونية المحتملة.
تطوُّرات الذكاء الإصطناعي في الدول العربية
في إطار إستعداد الدول العربية المنتجة للنفط لمرحلة ما بعد النفط، تعمد تلك الدول منذ فترة إلى تنويع إقتصادياتها، وتراهن بشكل كبير على الذكاء الإصطناعي. وبحسب دراسات صادرة عن PWC، سوف تُحقق السعودية أكبر المكاسب في مجال الذكاء الإصطناعي في الشرق الأوسط، بمساهمة تتجاوز 135 مليار دولار في الناتج المحلي في حلول 2030. ومنذ إعلان المملكة العربية السعودية عن تنفيذ رؤيتها «السعودية 2030»، والتي هي خطة شاملة لتحويل المملكة إلى قوة إستثمارية عالمية وتماشياً مع ذلك، تم إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الإصطناعي للإشراف على تنفيذ الإستراتيجية والمبادرات ذات الصلة، حيث تهدف إلى تزويد موظفي القطاعين العام والخاص بالمهارات اللازمة لإستخدام الذكاء الصناعي ودمجه في مسؤولياتهم الوظيفية.
كما وضعت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الإصطناعي جهدها على تطوير منصّات البيانات الضخمة وأدوات التحليل، بالتعاون مع القطاع الخاص، لدمج تقنيات الذكاء الإصطناعي في مجالات رئيسية منها الحكومة من خلال ربط جميع بيانات المؤسسات العامة والإدارية، وتحسين الوصول إلى هذه البيانات، وإنشاء قطاع حكومي ذكي.
أما في مصر، فقد إنعكس الاهتمام بالذكاء الإصطناعي وتطبيقاته على تصنيفها في التقارير الدولية ذات الصلة. ففي التقرير الخاص بالجاهزية الحكومية لتطبيق تقنيات الذكاء الإصطناعي الذي تُصدره مؤسسة Oxford Insights ومركز أبحاث التنمية الدولية، إحتلت مصر المرتبة الثانية في أفريقيا بعد موريشيوس والمرتبة 56 عالمياً في تقرير العام 2022، وهو تقدم كبير مقارنة بالعام 2019، حيث أتت مصر في المرتبة الثامنة أفريقياً، و111 عالمياً من أصل 194 دولة. كما كشف تقرير التنمية البشرية لمصر لعام 2021 عن تقدمها بـ 55 مرتبة في مؤشر الجاهزية الحكومية للذكاء الإصطناعي. ووفقاً لمؤشر المعرفة العالمي، تقدمت مصر من المرتبة 72 من أصل 138 دولة في العام 2020، إلى المرتبة 53 من بين 154 دولة في العام 2021. كما أصبحت شركات الذكاء الإصطناعي الناشئة المصرية أو المملوكة لمصريين ضمن الأكثر تطوراً على مستوى العالم.
أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد توقعت دراسات PWC أن يُسهم الذكاء الإصطناعي بأكثر من 96 مليار دولار في الإقتصاد الإماراتي، أي ما يعادل 14 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2030. وتمتلك دولة الإمارات استراتيجية وطنية للذكاء الإصطناعي تم إطلاقها في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتحدّد تلك الإستراتيجية مجموعة من المبادرات الحكومية التي سيتم الإنتهاء منها في حلول العام 2031، والتي تهدف – من ضمن مجموعة من المجالات – إلى الإستفادة من الذكاء الإصطناعي لإدارة شبكات المياه بإستخدام البيانات الضخمة لدراسة طرق تحسين إستخدام موارد المياه، وإستخدام هذه التقنيات لإدارة قطاع المرور من خلال تطوير آليات وقائية للتنبؤ بالحوادث المحتملة، والإزدحام المروري بناءً على الإحصاءات اليومية في كل منطقة. كما تسعى الإستراتيجية إلى الإعتماد على الذكاء الإصطناعي لتطوير شبكات الكهرباء التي تعتمد على الطاقة المتجددة من خلال دراسة إنتاجيتها على مدار العام، وتنظيم مشاريع جديدة وفقاً لذلك.
أخيراً في المغرب، ففي أغسطس (آب) 2022 تم إطلاق إستراتيجية جديدة للتحوُّل الرقمي في حلول العام 2030. وتهدف هذه الإستراتيجية بالأساس إلى رقمنة الخدمات العمومية، ووضع أسس إنبثاق إقتصاد رقمي يخلق فرص العمل، ويؤسس لوضع أفضل للمغرب في هذا المجال.
وفي ما خصّ المجالات المهنية التي تستخدم تطبيقات الذكاء الإصطناعي، فتشير التحليلات إلى أن العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات، يأتون في المرتبة الاولى من حيث إستخدام الذكاء الإصطناعي.
كما يشير الرسم البياني 2 إلى إنتشار إستخدام تطبيقات للذكاء الإصطناعي في قطاعات عدة ومنها القطاعات الإدارية والمالية.
الإستثمار في مجال الذكاء الإصطناعي في العالم
بلغ الإستثمار الخاص في الذكاء الإصطناعي في العام 2022 حول العالم قرابة 92 مليار دولار، وزادت نسبة الشركات التي تطبق تقنية الذكاء الإصطناعي في العام 2022 بأكثر من الضعف مقارنة بالعام 2017.