افتتاح المتحف الكبير ينعش الدولار في البنوك المصرية.. كيف يحدث ذلك؟
(العربية)-13/11/2025
أتاح افتتاح المتحف المصري الكبير بالقاهرة نافذة جديدة أمام البنوك المصرية لتعزيز مواردها من العملات الأجنبية، في ظل التزايد المتواصل في أعداد السائحين منذ لحظة الافتتاح الرسمي قبل أيام.
ويعد المتحف، الذي يصنف كأكبر صرح أثري في العالم، نقطة جذب سياحية عالمية، ما يسهم في رفع حجم التدفقات النقدية الأجنبية للبنوك الناتجة عن النشاط السياحي، سواء بشكل مباشر عبر تحويلات العملات، أو غير مباشر من خلال الإنفاق المحلي للسائحين على الفنادق والمطاعم والمزارات.
وأكد مسؤولو الخزانة بعدد من البنوك الكبرى أن هناك زيادة ملحوظة في تحويلات العملات الأجنبية منذ أسابيع، إلا أن وتيرة النمو تسارعت بشكل لافت خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة في المناطق المحيطة بالمتحف، عبر ماكينات الصراف الآلي ومكاتب الصرافة.
وأضافت المصادر أن انعكاسات هذه الطفرة السياحية على التدفقات الدولارية ستظهر بشكل أكثر وضوحاً خلال الـ6 أشهر المقبلة، ما يُعزز من المراكز المالية الأجنبية للبنوك، ويُسهم في دعم استقرار سعر الصرف، واستمرار الاتجاه التنازلي للدولار أمام الجنيه المصري.
تجاوز عدد الزوار في الأيام الأولى من افتتاح المتحف الكبير 100 ألف زائر، وفقاً لتقديرات صادرة عن وزارة السياحة والآثار.
وتوقعت مصادر حكومية أن يصل عدد الزائرين إلى 5 ملايين سائح سنوياً خلال العامين المقبلين، مما يشكل مصدراً واعداً لتدفقات أجنبية كبيرة.
موجة تدفقات أجنبية جديدة
وقال عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، محمد عبد العال إن افتتاح المتحف المصري الكبير سيضيف موجة جديدة من التدفقات الأجنبية السياحية لإيرادات الدولة بشكل عام ومراكز البنوك المالية الأجنبية بشكل خاص.
وأوضح لـ”العربية Business” أن البنوك ستتلقى هذه التدفقات إما بشكل مباشر من خلال تحويلات السائحين عبر ماكينات الصراف الآلي أو فروع البنوك ومكاتب الصرافة، أو بشكل غير مباشر عبر شركات السياحة والطيران أو إدارة المتحف نفسها.
“يعد المتحف الكبير أحد أهم معالم السياحة الثقافية في العالم، والسائحون المستهدفون من هذا النوع غالباً ما ينتمون إلى شرائح ذات إنفاق مرتفع مثل رجال الأعمال، ما يجعل معدلات إنفاقهم كبيرة وتنعكس مباشرة على البنوك” بحسب عبد العال.
وأشار عبد العال إلى أن المتحف يمثل نمطاً من السياحة المستدامة، كونه متاحاً طوال العام وليس مرتبطاً بمواسم محددة، ما يجعله مصدراً دائماً للعملة الصعبة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة إن السياحة تُعد أحد أهم خمسة مصادر للنقد الأجنبي في مصر، وإن افتتاح المتحف الكبير سيسهم بشكل كبير في تعزيز هذه الموارد خلال الفترة المقبلة.
وأكد بدرة أن البنوك تمثل حلقة الوصل الأساسية لتلقي التدفقات الأجنبية، سواء من خلال التحويلات المباشرة للسائحين أو عبر الجهات التي يتعاملون معها مثل الفنادق والمطاعم والمزارات السياحية.
وأضاف أن السياحة نشاط اقتصادي يمتد إلى مختلف شرايين الاقتصاد، متوقعاً أن تنعكس الزيادة في مواردها بعد افتتاح المتحف على التدفقات الأجنبية للمؤسسات المصرفية المختلفة.
وقال رئيس إحدى شركات السياحة بالقاهرة إن الإقبال الكبير على زيارة المتحف المصري الكبير خلال الأيام الماضية يترجم إلى تدفقات دولارية مباشرة، مشيراً إلى أن متوسط إنفاق السائح الواحد يتراوح بين 100 و150 دولاراً يومياً، تشمل تذاكر الدخول، الإقامة، المشتريات، والانتقالات.
وتوقع نمواً ملحوظاً في التدفقات الأجنبية من المتحف خلال الشهور المقبلة، خاصة أن نحو نصف الزائرين يومياً من السائحين الأجانب.
تدعيم قيمة الجنيه
أوضح عبد العال أن التدفقات اليومية التي تحصلها البنوك نتيجة تحويلات السائحين والشركات المتعاملة معهم من شأنها تعزيز قيمة الجنيه مقابل الدولار بشكل أكبر ومستمر.
وأضاف أن نمو التدفقات الأجنبية ينعكس أيضاً على أحجام تداول العملة في سوق الإنتربنك، ويُسهم في توفير الدولار بين البنوك، متوقعاً مزيداً من التراجع في أسعار صرف الدولار أمام الجنيه في ضوء هذه التدفقات، التي وصفها بـ”سريعة التأثير”.
وأشار إلى أن الثقة في القطاع المصرفي ومعدلات السيولة الأجنبية المرتفعة حالياً تعزز من التنازلات اليومية عن العملات الأجنبية، وهو ما يظهر بوضوح في التراجعات المستمرة لسعر الدولار خلال الفترة الأخيرة، مع اتجاه أغلب التوقعات لمزيد من الانخفاض.
واتفق معه بدرة، مؤكداً التأثير الإيجابي المتوقع على المراكز المالية الأجنبية للبنوك، قائلاً: “افتتاح المتحف خلق بوابة جديدة لتدفق الموارد الأجنبية إلى القنوات الرسمية بشكل مباشر”.
وتحول صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي المصري من عجز تاريخي قدره 29 مليار دولار في يناير 2024، إلى فائض يتجاوز 20 مليار دولار في سبتمبر 2025، بإجمالي تحسن يقترب من 50 مليار دولار في أقل من عامين، بحسب بيانات البنك المركزي.
خدمات مصرفية للسائحين
قال مسؤول بقطاع التجزئة المصرفية في أحد أكبر البنوك المصرية إن البنوك تتيح حزمة من الخدمات المصرفية التكميلية للسائحين، تختلف طبيعتها وفقاً لنوعية وفترة إقامة السائح.
وأوضح أن أغلب البنوك توفر خدمات تحويل العملات عبر ماكينات الصراف الآلي ومكاتب الصرافة، كما تتيح بعض البنوك بطاقات دفع مسبق “ميزة”.
وأضاف أنه في حال حصول السائح على إقامة، يحق له فتح حساب بنكي وإصدار بطاقات خصم وائتمان بالعملة المحلية أو العملات الأجنبية، إلى جانب خدمات إضافية مثل “الكونسيرج”، التي تتيح الحجز المسبق لتذاكر الطيران والفنادق والمطاعم وغيرها.
