عملة افتراضية.. رسوم قناة السويس المصرية ليست بالدولار
(العربية)-14/11/2025
أثار ضعف سعر الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسية عالمياً تساؤلات حول انعكاس هذا التراجع على إيرادات قناة السويس المصرية، التي تحصل رسوم مرورها بعملة صندوق النقد الدولي المعروفة بـ حقوق السحب الخاصة (SDR)، ويتم احتساب قيمتها يومياً مقابل الدولار.
تراجع سعر الدولار أمام سلة العملات العالمية يرفع قيمة هذه الوحدات الافتراضية لعملة صندوق النقد الدولي ويزيد من الإيرادات المحصلة بالقناة عند تحويلها إلى الدولار، بحسب محللين تحدثوا لـ”العربية Business”.
وأوضح رئيس وحدة البحوث بشركة “الأهلي فاروس” لتداول الأوراق المالية، هاني جنينة أن تراجع سعر صرف الدولار الأميركي أمام العملات الرئيسية الخمس (اليورو، الجنيه الإسترليني، الين الياباني، اليوان الصيني، والدولار نفسه داخل سلة التقييم) يقلص من قيمته أمام وحدات السحب الخاصة أو ما يعرف بـ SDR، وهي الأداة الاحتياطية التي يعتمدها صندوق النقد الدولي.
وقال جنينة: “حقوق السحب الخاصة تعد بمثابة عملة افتراضية تعكس تحركات العملات الرئيسية مقابل الدولار، ويتم صرف ما يعادل قيمتها بالدولار الأمريكي يومياً.”
وأضاف أن قناة السويس تفرض رسوم عبور السفن عبر مجراها الملاحي بهذه الوحدات، ليتم تحصيل قيمتها لاحقاً بالدولار وفق التسعير اليومي.
“منذ مطلع عام 2024 وحتى منتصف 2025 تراوح سعر صرف وحدة الـSDR عند نحو 1.32 دولار، لكنه ارتفع مؤخراً إلى 1.42 دولار، أي بزيادة تقارب 7.5%، وهو ما يمنح هيئة قناة السويس هامشاً إضافياً لتعويض التخفيضات المقدمة للسفن لتشجيع العودة بعد فترة من التراجع في حركة الملاحة”، بحسب جنينة.
وأكد أن تعافي عدد السفن المارة منذ أكتوبر 2025 يتزامن مع هذا الارتفاع في قيمة العملة المستخدمة للتحصيل، ما يشكل عاملاً مزدوجاً في دعم الإيرادات.
وتوقع أن يتراجع الدولار عالمياً بنسبة تتراوح بين 5 إلى 10% خلال العام المقبل، وهو ما سينعكس على ارتفاع قيمة الإيرادات بنفس النسبة حال ثبات معدلات عبور السفن عند مستوياتها الحالية.
“ضعف الدولار أمام حقوق السحب الخاصة يزيد من إيرادات القناة، تماماً كما يؤدي انخفاضه أمام الذهب إلى زيادة قيمة احتياطيات البنك المركزي”، وفقا لجنينة.
شهدت معدلات عبور السفن من خلال قناة السويس زيادة واضحة بلغت 16% في أكتوبر الماضي، ونموا في العائدات الدولارية بنسبة 17% على أساس سنوي، بحسب تصريحات صحفية سابقة لرئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع.
النمو الأكبر مرهون بمعدل مرور السفن
في المقابل، يرى خبير أسواق المال هيثم فهمي أن أي تراجع لسعر صرف الدولار سيكون له تأثير هامشي على إيرادات القناة، مقابل النمو في الإيرادات الناتج عن ارتفاع معدل مرور السفن المتوقع.
وأشار إلى أن رسوم عبور السفن في قناة السويس تُحصَّل عادةً بالدولار الأميركي، باعتباره العملة الدولية الرئيسية للتجارة والنقل البحري، وفي بعض الحالات الخاصة، قد يُسمح بالدفع بعملات أخرى مثل اليورو أو الجنيه الإسترليني، لكن التسعير الأساسي والمعتمد رسمياً هو بالدولار الأميركي.
وأوضح أن القناة تقوم بتسعير الرسوم وفق وحدات حقوق السحب الخاصة التي تتغير قيمتها يومياً بحسب تحركات العملات الرئيسية مقابل الدولار.
وتوقع فهمي تراجع سعر صرف الدولاربنسبة 5% تقريبا الفترة المقبلة وهو ما سينعكس على قيمة الإيرادات من عبور السفن.
وتعد حقوق السحب الخاصة، أصل احتياطي دولي أنشأه صندوق النقد الدولي (IMF) عام 1969، وهي ليست عملة مادية تستخدم في المعاملات اليومية، بل هي أداة يستخدمها صندوق النقد الدولي لتسوية المعاملات بين الدول الأعضاء ولدعم احتياطاتها من العملات الأجنبية.
وتستخدم حقوق السحب الخاصة في الأساس بين البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي، لدعم الاحتياطيات الرسمية للدول، كما يمكن للدولة تبادل SDR بعملات حقيقية عند الحاجة للسيولة.
تضاعف أعداد السفن
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة أن تأثير تراجع قيمة الدولار عالمياً على إيرادات قناة السويس يبقى تأثيراً هامشياً لا يمكن الاعتماد عليه لتعويض الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها القناة خلال العامين الماضيين.
وأضاف أن تغيرات سعر الصرف أحد المعايير التي يتم تسعير رسوم العبور على أساسها، لكنها ليست العامل الحاسم، قائلاً: “العبرة الحقيقية لتزايد إيرادات القناة الفترة المقبلة تكمن في نشاط حركة التجارة العالمية عبر الملاحة في قناة السويس”.
“تحقيق تعافي الإيرادات واستعادة المستويات التي تجاوزت 9 مليارات دولار قبل الأزمة يستلزم مضاعفة عدد السفن المارة بالقناة ونمو معدلات التجارة العالمية عبرها”، وفقا لبدرة.
