الخليج في الصدارة: خمس دول خليجية تقود العالم في القوة الشرائية لعام 2025
(الدستور)-25/11/2025
بينما يشهد الاقتصاد العالمي موجات متلاحقة من عدم اليقين وتقلبات حادة في مؤشرات النمو، تواصل دول مجلس التعاون الخليجي رسم مسار اقتصادي متميز يضعها في طليعة الدول الأكثر قدرة على تعزيز مستويات المعيشة.
فقد استطاعت هذه الدول، عبر مزيج من السياسات الإصلاحية والاستثمارات الاستراتيجية، أن تبني نموذجاً اقتصادياً قادراً على مواجهة التحديات وتوليد فرص نمو مستدامة، ويأتي تصدر خمس دول خليجية لقائمة أعلى الدول في القوة الشرائية لعام 2025 وفقاً للمؤشر الصادر عن “Numbeo”، ليجسد هذه المكانة المتقدمة، ويعكس قوة بنية اقتصاداتها ونجاحها في توفير بيئة معيشية تُعد من الأفضل عالمياً.
فقد سجل مؤشر القوة الشرائية المحلي لعام 2025 الصادر عن موقع “Numbeo” تقدم الكويت وقطر وعُمان والسعودية والإمارات إلى صدارة الدول الأعلى عالمياً في مستوى القوة الشرائية، وهو ما يعكس متانة اقتصادات الخليج وقدرتها على توفير مستويات معيشة مرتفعة وثابتة.
ويؤكد هذا التقدم المكانة المالية لهذه الدول وما حققته من ثبات اقتصادي رغم التقلبات الدولية في أسواق الطاقة، حيث يعد هذا التصنيف أحد أبرز المؤشرات الدولية التي تُقاس وفقها جودة الحياة ونمو الدخل الحقيقي، ما يعزز من الصورة العالمية لاقتصادات الخليج ككتلة صاعدة في النظام الاقتصادي الدولي.
مؤشرات اقتصادية فعلية
هذا التفوق تدعمه مؤشرات اقتصادية فعلية ، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون نمواً بنسبة 3 في المئة بنهاية الربع الأول من 2025 ليصل إلى 588.1 مليار دولار، مقارنة بـ570.9 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2024، وذلك وفقاً لبيانات المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي.
وشكلت الأنشطة غير النفطية نحو 73.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي، مقابل 26.8 في المئة للأنشطة النفطية، وهو ما يعكس تقدماً حقيقياً في جهود تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، وتحول دول الخليج نحو نموذج اقتصادي أكثر استدامة وتنافسية.
ولا تقتصر الدوافع وراء هذا التفوق على النمو الكلي للاقتصاد، بل تمتد إلى سياسات مالية وإصلاحات هيكلية عززت من قدرة المواطن الخليجي الشرائية.
عوامل وأسباب الصدارة
وفي سياق ذلك، يقول الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد الدولي الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات خاصة لـ “النهار”، أن تصدر دول الخليج -الكويت وقطر وعُمان والسعودية والإمارات- قائمة الدول الأعلى عالمياً في القوة الشرائية لعام 2025 وفق بيانات “Numbeo” يعكس مستوى معيشة مرتفعاً وقدرة شرائية كبيرة مقارنة ببقية دول العالم.
ويُرجع الإدريسي هذا التقدم إلى مجموعة مترابطة من العوامل أبرزها الفوائض المالية المدعومة بالإيرادات النفطية والغازية، والاستثمارات الضخمة في مشاريع التنويع الاقتصادي.
بالإضافة إلى اعتماد أنظمة ضريبية وإصلاحات مالية تدعم جودة الخدمات العامة، فضلاً عن بنية تحتية حضرية متطورة في مختلف المدن الخليجية.
توقعات إيجابية
هذا وتدعم التوقعات المستقبلية هذا المسار الإيجابي، إذ رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصادات مجلس التعاون الخليجي إلى 3.9 بالمئة في 2025 مقارنة بتقدير سابق عند 3 بالمئة، على أن يصل النمو إلى 4.3 بالمئة في 2026 مدفوعاً بتوسع القطاعات غير النفطية وزيادة الإنفاق الاستثماري وارتفاع تدريجي في الإنتاج النفطي.
كما تشير توقعات الصندوق إلى نمو متسارع خلال عامي 2026–2027 بمتوسط 4.1 في المئة، ما يمنح اقتصادات الخليج دفعة إضافية لترسيخ مكانتها كإحدى أكثر المناطق جذباً للاستثمارات العالمية.
نمو مستدام
ومع استمرار برامج الإصلاح الاقتصادي، والتركيز على تنويع مصادر الدخل، وتحسين كفاءة الإنفاق العام، تتجه دول الخليج نحو مرحلة جديدة من النمو المستدام القائم على اقتصاد معرفي وتكنولوجي، ما يعزز قوتها الشرائية مستقبلاً.
ورغم التحديات المرتبطة بالتغيرات في سوق الطاقة العالمية، فإن قدرة دول المجلس على تبني سياسات مرنة ورؤى طويلة الأمد يجعلها في موقع يؤهلها للحفاظ على مكانتها ضمن أقوى الاقتصادات عالمياً، ويضمن استمرار الارتفاع في جودة الحياة والقوة الشرائية لمواطنيها في السنوات القادمة.
