بعد عام من سقوط الأسد.. سوريا تُعوّل على استثمارات مليارية للتعافي الاقتصادي
(سي ان بي سي)-08/12/2025
بعد عام كامل على سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، تقف سوريا عند مفترق طرق اقتصادي حاسم، بين إرث ثقيل خلّفته سنوات الحرب، ومحاولات حثيثة لإعادة تشغيل الاقتصاد وجذب الاستثمارات، في ظل انفتاح أميركي وغربي على السلطات الجديدة، تُوّج بإلغاء العقوبات وفتح الأبواب أمام تدفقات مالية واستثمارية يُعوَّل عليها في إعادة الإعمار.
وفق تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تكبّد الاقتصاد السوري خسائر تُقدَّر بنحو 800 مليار دولار خلال فترة الحرب، وهو رقم يعكس حجم الدمار الذي طال البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية والخدمية، ويضع البلاد أمام تحديات مركّبة تبدأ بإعادة تأهيل المرافق الأساسية ولا تنتهي بإعادة بناء منظومة اقتصادية قادرة على النمو.
ومثل سقوط النظام نقطة تحوّل مفصلية، سرّعت التحركات الدولية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية ومواجهة ما يوصف بـ”الإرث الثقيل”، مع سعي واضح لإعادة دمج سوريا في النظام الاقتصادي العالمي.
وفي هذا السياق، بعثت الخطوات الأميركية والغربية، ولا سيما إلغاء العقوبات، رسائل طمأنة للأسواق والمستثمرين، وأعادت وضع سوريا على خريطة الاستثمار بعد سنوات من العزلة.
فرص استثمارية بنحو تريليون دولار
وبحسب تصريحات سابقة لوزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار، فإن بلاده تزخر بفرص استثمارية تُقدَّر بنحو تريليون دولار.
ووفق ما أعلنه الرئيس السوري أحمد الشرع في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فقد اجتذبت سوريا خلال الأشهر الستة الأولى من العام استثمارات بقيمة 28 مليار دولار، في مؤشر تعتبره الحكومة دليلاً على عودة الثقة التدريجية بالاقتصاد السوري، رغم استمرار التحديات المرتبطة بالأمن والخدمات واستقرار العملة.
ويشار إلى أنه في أغسطس/ آب الماضي، وقّعت الحكومة السورية مذكرات تفاهم استثمارية مع عدد من الشركات الدولية بقيمة إجمالية بلغت 14 مليار دولار، تضمنت حزمة من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، شكّلت أحد أبرز عناوين الحراك الاستثماري خلال العام.
شملت هذه الاتفاقيات صفقة بقيمة أربعة مليارات دولار لبناء مطار جديد في دمشق مع شركة أورباكون القابضة القطرية، إضافة إلى صفقة بملياري دولار لإنشاء مترو أنفاق في العاصمة السورية مع المؤسسة الوطنية للاستثمار الإماراتية.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن رئيس هيئة الاستثمار السورية طلال الهلالي قوله إن من أبرز هذه المشاريع: مطار دمشق الدولي باستثمار 4 مليارات دولار، ومترو دمشق باستثمار ملياري دولار كمشروع حيوي للبنية التحتية والتنقل الحضري، وأبراج دمشق باستثمار ملياري دولار، وأبراج البرامكة باستثمار 500 مليون دولار، ومول البرامكة باستثمار 60 مليون دولار، في إطار خطة لإعادة تشكيل المشهد العمراني والخدمي في العاصمة.
تزامن هذا الحراك مع إطلاق قانون الاستثمار الجديد، الذي وصفه الرئيس الشرع بأنه من بين “أفضل 10 قوانين استثمار في العالم”، في إشارة إلى حجم الحوافز والضمانات التي يتضمنها، بينما يظل “التطبيق” هو التحدي الأهم.
حضور خليجي
في السياق، يبرز الحضور الخليجي بوصفه أحد أعمدة الاستثمارات الجديدة، حيث شهد العام توقيع عدد كبير من مذكرات التفاهم مع شركات خليجية، شملت مشاريع في قطاعات الطاقة والعقارات والاتصالات، فضلًا عن الطيران المدني والموانئ.
ويؤكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن عام 2026 سيكون “عام التنمية”، لافتًا إلى أن سوريا ستكون حينها خالية بالكامل من العقوبات، وهو ما من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في قدرة الاقتصاد على جذب التمويل الخارجي وتشغيل القطاعات الإنتاجية بوتيرة أسرع.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال التحديات ماثلة بقوة، من إعادة تأهيل البنية التحتية المدمّرة، وإصلاح النظامين المالي والمصرفي، إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحسين مستوى المعيشة في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
