التعاون الخليجي والتجربة الاقتصادية السعودية
(العربية)-08/12/2025
*علي الشدي
معظم صور الاتحاد والتعاون الإقليمية والدولية تعرضت لصدمات وهزات حالت دون استمرارها قوية ومتماسكة وانسحب بعض أعضاء هذه الكيانات منها قبل تحقيق أهدافها .. لكن صيغة مجلس التعاون الخليجي التي ولدت عام 1981 ظلت صامدة لما يقرب من نصف قرن رغم الحروب والصدمات والخلافات في المحيط الإقليمي والدولي.
ولعل سبب هذا الصمود معروف لدى الجميع وهو عمق الروابط الدينية والثقافية والتمازج الأسري بين مواطني دول الخليج العربي وهي روابط عززتها الرقعة الجغرافية عبر البيئة الصحراوية والساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة ما يسر الاتصال والتواصل بينهم وخلقت ترابطًا وتجانسًا في الهوية والقيم.
وأشدد على القيم التي تتجلى في علاقات حكام المنظومة الخليجية فيما بينهم حيث يسود الاحترام والتفاهم وتغليب الحكمة والمصلحة العامة الذي يساعد على تجاوز الزوابع السياسية التي تمر بها المنطقة وإعطاء الأولوية للتنمية والبناء، ولذا جاء التركيز على الاقتصاد في قرارات القمة الخليجية الـ46 التي عقدت في مملكة البحرين الأسبوع الماضي بالتشديد على الأخذ بأحدث وسائل التطوير في مختلف المجالات الاقتصادية فقد أكد المجتمعون على أهمية استكمال متطلبات السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي مع تعزيز التجارة والسياحة وتشجيع الاستثمار في المشاريع الإستراتيجية خاصة في مجالات البنية التحتية والنقل والطاقة والاتصالات والمياه والغذاء.
وفي إطار السوق الخليجية المشتركة أكد المجلس الأعلى على وضع آليات لمتابعة تنظيم توريد تجارة الخدمات عبر الحدود بين دول مجلس التعاون وقياس أثرها الاقتصادي والاجتماعي بصورة دورية وتحديد آليات الاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية وتراخيص الخدمات بين الدول الأعضاء وأعتمد المجلس إنشاء هيئة الطيران المدني لدول المجلس والاتفاقية العامة لربط دول مجلس التعاون الخليجي بمشروع سكك الحديد كما اعتمد القواعد الموحدة لملاك العقارات المشتركة بدول مجلس التعاون.
واتخذت قرارات مهمة حول تيسير التجارة الإلكترونية ودعم تطوير الأنظمة المشتركة وتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في إطار إستراتيجية خليجية مشتركة.. وتطرقت قرارات القمة المهمة التي تختلف عن القمم السابقة إلى تعزيز المشاركة الفاعلة للشباب والمرأة في المسيرة التنموية مع التأكيد على دور مراكز الفكر والبحوث في استشراف المستقبل وصياغة سياسات عامة تدعم التنمية المستدامة.
وأخيرًا: من يتأمل هذه القرارات للقمة الخليجية بعمق يجد أنها تحمل تطورًا كبيراً لتوجهات مجلس التعاون وبالذات في المجال الاقتصادي والتقنية الحديثة وجميع هذه التوجيهات المتطورة قطعت بلادنا ولله الحمد شوطاً كبيراً فيها ويمكن لدول الخليج الشقيقة الاستفادة من التجربة السعودية الناجحة التي يقودها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان وتحملها أهداف رؤية 2030 التي أصبحت مثالاً للنجاح المحدد بالأهداف عربيًا وعالميًا.
