المصارف الأردنية والفلسطينية النموذج بالمعايير والإلتزام
لا شك في أن المصارف الأردنية والفلسطينية تُعتبر من رواد العمل المصرفي المهني في العالم، من حيث المحافظة على إتباع المعايير الدولية والإلتزام بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والفساد، وإستقرار سعر الصرف والتعامل في ما بينها ومع المصارف العربية والأجنبية، من خلال المحافظة على متطلّبات العملاء وتلبية حاجاتهم، وتحقيق المصلحة الوطنية وإدارة السياسات المالية للدولة.
وقد شكّل الإستقرار النقدي، السمة الأساسية للبنك المركزي الأردني، من خلال تمتعه بالإستقلالية في إدارة السياسة النقدية للأردن، إستناداً إلى هدف السياسة النقدية لـ «المركزي الأردني» وهو الحفاظ على الإستقرار النقدي في المملكة. ويُقصد بالإستقرار النقدي؛ إستقرار المستوى العام لأسعار السلع والخدمات، وإستقرار سعر صرف الدينار الأردني، حيث يُعتبر نظام سعر الصرف الثابت مع الدولار الأميركي الركيزة الأساسية للسياسة النقدية.
ورغم المعوّقات والتحديات التي تواجهها المصارف الأردنية، فقد واكبت الأخيرة سياسة البنك المركزي الأردني، والذي سار في نهج سياسات البنوك المركزية العالمية حيال الحدّ من نسب التضخُّم، كذلك الحفاظ على جاذبية الدينار الأردني مقابل العملات الأجنبية، رغم أن المنطقة تشهد أخيراً تباطؤاً في التمويل لأسباب عدّة، أهمُّها إرتفاع أسعار الفائدة التي قام بها «الفيدرالي الأميركي» ثم تبعته البنوك المركزية العربية. وبات من المعروف راهناً، أن المصارف العربية، بينها المصارف الأردنية لديها ملاءة مالية عالية.
أما على صعيد المصارف الفلسطينية، فتتزايد التحدّيات والمخاطر التي تحيط بالنظام المالي على نحو خاص، وبالإقتصاد عموماً، فيما تزداد أهمية المحافظة على سلامة القطاع المصرفي، وما يتطلبه ذلك من مواجهة التحدّيات والمخاطر للتخفيف من تداعياتها المحتملة على كفاءة المصارف، والنشاط الإقتصادي.
وقد وضعت سلطة النقد المواءمة بين ضمان سلامة وإستمرارية العمل المصرفي، والإستمرار في تقديم مختلف الخدمات المصرفية، ودعم مختلف الأنشطة والقطاعات الإقتصادية وقطاع الأعمال والجمهور المحلي، ورفدها بالسيولة المطلوبة في مختلف العملات وبالآجال وبشروط وتكاليف ميسرة، مما أسهم في التخفيف من الظروف الصعبة التي يعيشها الإقتصاد الفلسطيني، ومكّن القطاع الخاص وقطاع الأعمال والشباب والنساء الرياديين من الإستمرار، وخلق مزيد من فرص العمل وتحفيز النمو.
وفي السياق المصرفي عينه، تعمل المصارف العاملة في فلسطين على إتاحة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز جهودها الرامية إلى تمكين هذا القطاع من الوصول إلى مصادر التمويل الميسّر، وتوفير بيئة عمل سليمة لقطاع المنشآت والتي تُسهم في تطوير وتنمية هذا القطاع.
في المحصّلة، رغم بوادر التعافي التي شهدها الإقتصاد الفلسطيني في العام 2022، إلاَّ أن النمو لا يزال يتسم بالحساسية، في ظل إستمرار القيود المفروضة على التنقل والعبور والتجارة. ومن أجل تحقيق رفع مستويات المعيشة، وتحسين إستدامة حسابات المالية العامة، وخفض البطالة بطريقة هادفة، فإن كل ذلك يحتاج إلى تحقيق معدّلات نمو أعلى بكثير. علماً أن الدور المؤثر الذي تقوم به البنوك من خلال فعالياتها المستمرة ضمن مسؤوليتها المجتمعية الهادفة إلى خدمة المجتمع وكافة مكوناته، يجعل هذه البنوك رافداً هامّاً ليس فقط للتنمية الإقتصادية وحسب، بل وللتنمية الإجتماعية في فلسطين. وكل الأمل يبقى في إستمرار مصارف فلسطين وصمودها وإزدهارها في سبيل مجتمع أفضل.