الفجوة بين البنوك الأوروبية والأمريكية تتسع بسرعة
(القبس)-08/04/2024
يقول الاتحاد المصرفي الأوروبي إن المقرضين في المنطقة لن يكونوا قادرين على التنافس مع منافسيهم في الولايات المتحدة إذا استمر المنظمون في فرض القواعد البيئية والاجتماعية والحوكمة التي تظل وول ستريت حرة في تجاهلها.
يأتي التحذير الصادر عن لوبي البنوك الرئيسية في الكتلة في الوقت الذي يمارس فيه البنك المركزي الأوروبي ضغوطاً على المقرضين لالتقاط المخاطر البيئية والاجتماعية والمخاطر المتعلقة بالحوكمة، بما في ذلك مخصصات خسائر القروض، مما يمثل حدوداً جديدة في معايير إعداد التقارير البيئية والاجتماعية والحوكمة، وفق ما نشرت وكالة بلومبيرغ.
ويبحث البنك المركزي الأوروبي عن أدلة تثبت قدرة البنوك على التعامل مع الخسائر الناجمة عما يسميه «المخاطر الناشئة»، والتي تشمل الانبعاثات الكربونية الصادرة عن العملاء وارتفاع التكاليف المرتبطة باستهلاك الموارد الطبيعية. ويأتي هذا بعد أن خلصت مراجعة عام 2023 إلى أن الغالبية العظمى من البنوك في المنطقة غير مستعدة.
وتعتبر هذه الإجراءات أحدث علامة على أن المنظمين في أوروبا يتحركون على مسار مختلف عن نظرائهم في الولايات المتحدة. في الاتحاد الأوروبي، تواجه البنوك الآن متطلبات رأس المال المعدلة حسب المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، والمزيد من قواعد الإفصاح وإمكانية وجود حاجز مناخي واضح، وكلها يقول المنظمون إنها ستجهز القطاع في نهاية المطاف للتعامل مع المخاطر المقبلة. وفي الوقت نفسه، في الولايات المتحدة، يتم التراجع عن القواعد والمبادئ التوجيهية المخطط لها على خلفية المعارضة التي يقودها الجمهوريون لكل ما يتعلق بالجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة.
أداة حصرية
تقول دينيسا أفيرمايتي، كبيرة مستشاري السياسات للتمويل المستدام في الاتحاد المصرفي الأوروبي، إن الاحتياطيات البيئية والاجتماعية والحوكمة تمثل مشكلة لأنها «أداة أوروبية حصرية».
وأشارت أفيرمايتي أن الاتحاد الأوروبي، وهو المنظمة الجامعة للجمعيات المصرفية في أوروبا، يشعر بالقلق من أنه سيُطلب من البنوك تخصيص احتياطيات مالية للمخاطر التي لا يزال من الصعب تحديدها قبل الحصول على تعليمات تنظيمية واضحة، مبينة أن المضي قدماً في مثل هذه المتطلبات قبل «مراجعة الإطار الاحترازي بالكامل في ما يتعلق بمخاطر المناخ يفتح الباب أمام العد المزدوج».
اللحاق بالركب
أفادت بلومبيرغ بأن البنوك في أوروبا تتخلف عن نظيراتها في الولايات المتحدة في تصورات المستثمرين، حيث يقول فيليب ريتشاردز، كبير محللي البنوك في بلومبيرغ إنتليجنس، إنه في حين ارتفعت أسعار أسهم البنوك الأوروبية خلال الأشهر الستة الماضية، إلا أن تقييماتها لا تزال أقل من نظيراتها الأمريكية. وأضاف: «يبدو أن اللحاق بالركب أمر غير مرجح دون حدوث انتعاش مستدام في الربحية في أوروبا، كما أن مدى حدوث ذلك يتوقف جزئياً على المخاطر التنظيمية».
وفي حديثها في مؤتمر عُقد في شهر فبراير، أشارت كلوديا بوخ، كبيرة مسؤولي الرقابة على البنوك في البنك المركزي الأوروبي، إلى تغير المناخ باعتباره مجالاً يتسم «بمخاطر جديدة» تتطلب المزيد من النقاش حول الكيفية التي ينبغي للبنوك أن تتكيف بها، بما في ذلك أنواع «أنظمة المعلومات» التي تحتاج إليها. من أجل التعامل. وقالت: «وهذه هي المجالات التي نجد فيها بالفعل أوجه قصور، ليس فقط في ما يتعلق بالمناخ».
مخاطر مادية
أصبح البنك المركزي الأوروبي نشطاً بشكل متزايد في جهوده لجعل المقرضين يتعاملون مع المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة – وخاصة تغير المناخ – باعتبارها مخاطر مادية. وأجرى البنك المركزي الذي يتخذ من فرانكفورت مقرا له، اختبارات الإجهاد المناخي، بل وهدَّد بعض المقرضين بغرامات بسبب فشلهم في أخذ المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة على محمل الجد.
ووجدت دراسة أجراها البنك المركزي الأوروبي عام 2023 أن ما يقرب من ثلاثة أرباع دفاتر قروض الشركات في البنوك الأوروبية معرضة لمخاطر مرتبطة بالطبيعة. وقال عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، فرانك إلدرسون، في وقت سابق من هذا العام إنه وزملاءه «سيواصلون الإصرار على أن تدير البنوك بنشاط المخاطر المرتبطة بالتعامل مع تغير المناخ».
وكانت تعليقات إلدرسون مصحوبة بتقرير قال فيه البنك المركزي الأوروبي إن نحو %90 من بنوك منطقة اليورو التي درسها «منحرفة» عن الهدف الدولي المتمثل في الحد من الانحباس الحراري العالمي بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، وهي نسبة وصفها البنك المركزي الأوروبي نفسه بأنها «مذهلة». وقد أثار التقرير غضب الكثيرين في صناعة التمويل.
قواعد تنظيمية أكثر صرامة
ترى بلومبيرغ أنه تم تصميم لوائح الاتحاد الأوروبي للتأثير على جميع الشركات التي لديها عملاء في الكتلة، مما يعني أن العمليات الأوروبية للبنوك الأمريكية تتأثر. ولكن على مستوى المجموعة، فإن بنوك الاتحاد الأوروبي أكثر عرضة للوطأة الكاملة للقواعد التنظيمية الأكثر صرامة في الاتحاد الأوروبي من نظيراتها في الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، تدخل بنك الاحتياطي الفدرالي عبر المحيط الأطلسي للتأكد من أن مخاطر المناخ تلعب دوراً محدوداً في لوائح البنوك العالمية، وقد أوضح رئيسه جيروم باول مراراً وتكراراً أن بنك الاحتياطي الفدرالي ليس «صانع سياسات المناخ».
ضمان سلامة المؤسسات
ستتاح للبنوك الأوروبية الفرصة هذا الشهر لتقديم تعليقات رسمية حول أحد العناصر الرئيسية لجهود الاتحاد الأوروبي لفرض لوائح تنظيمية أكثر صرامة تتعلق بالجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة. وأمام الصناعة حتى 18 أبريل للرد على المشاورة التي أطلقتها الهيئة المصرفية الأوروبية حول كيفية إدارة البنوك للمخاطر البيئية والاجتماعية، بما في ذلك عند حساب متطلبات رأس المال.
وقالت وكالة البنوك الأوروبية في يناير إن جهود البنوك الأوروبية لإدارة المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة لا تزال حاليا في مرحلة «مبكرة»، وهي صغيرة جدا حتى الآن لضمان «سلامة المؤسسات مع تحول الاتحاد الأوروبي نحو اقتصاد أكثر استدامة».